الخميس، 16 يوليو 2009

اسرائيل نهاية الدور التاريخي لحزب العمل:حسن عبد العال

اسرائيل نهاية الدور التاريخي لحزب العمل :على هامش الانتخابات التشريعية في 28/1

حسن عبدالعال

16-7-2009م

التحضير لانتخابات الكنيست السادس عشر في اسرائيل قائمة على قدم وساق ، والأحزاب والقوى المشاركة نعلت قوائمها الأربع استعدادا لليوم الموعود في 28/1 ، ومع بداية هذا الشهر الحاسم في الحياة السياسية الاسرائيلية ، بدأت عدسات المراقبين تتركز على حزب العمل الاسرائيلي ، ليس من زاوية الرؤية التي تتيح على نحو أفضل معرفة مكاسب الحزب من غلة السلة الانتخابية القادمة ، ولامن زاوية الاهتمام به كحزب أصلاًً . وإنما من زاوية التطفل وحب الاستطلاع لمعرفة ما يمكن انقاذه . خلال هذه الحملة الانتخابية الفاصلة ، من بقايا حزب تاريخي باع نفسه بالرخيص في سوق العمل السياسي ، وارتضى قادته لأنفسهم على مدى العامين الماضيين دوراً بات يجمع خصوم حزب العمل على الاعتراف بأنه لايليق بالدور التاريخي والارث التاريخي لهذا الحزب ، الذي اقترن اسمه بتاريخ نشوء دولة اسرائيل وحروبها 0 كما يجمع مؤيدوه بأنه لايليق بدولة اسرائيل هذا المصير الذليل لحزب ظل لنصف قرن يظهر للجمهور بأنه تجسيد للدولة في حكوماتها المتعاقبة وحروبها وعلاقاتها الدولية.المرحلة الفاصلة في مسار الانحدار السياسي والاخلاقي لحزب العمل باتت تتمثل ، بحسب ناقديه من الإسرائيليين ، في القرار الذي اتخذه الحزب المذكور بالمشاركة في حكومة اليمين المتطرف بقيادة شارون ، بدعوى الحرص على الوحدة الوطنية ، ومحاولة كبح جماح اليمين المتطرف الذي يقوده رئيس الحكومة ، بحسب التصريحات المتكررة لعراب هذه المرحلة " شمعون بيريز " الذي أوقع نفسه وحزبه بسوء التقدير ، حسب ناقديه من الإسرائيليين الذين أظهروا ، من خلال مقالاتهم في الصحافة المستقلة ، بأن " العمل " لم ينجح في كبح جماح اليمين المتطرف ممثلا بشارون ، بقدر مانجح هذا الأخير في اللعب بحزب العمل وتحويله من حزب معارض لمشاريعه إلى مشارك فعال بها ، والضرب بسيف الليكود والعمل في وقت واحد0وعلى هذا الصعيد ، ومنذ بداية " السقطة " التي هشمت وهمشت حزب العمل ، كتب كوبي نيب في صحيفة " معاريف " تحت عنوان ( انضمام " دوبرمان " حزب العمل إلى قافلة شارون ) متسائلا عن سوء مصير هذا الحزب التاريخي الذي سقط في مصيدة شارون ، وتحول إلى مجرد دمية رخيصة بين يديه ، رغم الارث التاريخي الذي يمثله هذا الحزب في تاريخ الحركة الصهيونية ودولة اسرائيل . وبحسب كوبي نيب في مقالته اللاذعة فان المسألة لاتبحث أساسا من زاوية دور " اللجام " الذي اخترعه بيريز ، ومن لف لفه من قادة العمل المستوزرين الذين ساهموا في تضليل الرأي العام الاسرائيلي ، وانما من جهة حاجات ومستلزمات شارون ، قائد الحملة اليمينية الجديدة ، الذي تعلم الدرس جيداً خلال قيادته لاجتياح لبنان عام 1982 ، وقادة اكتشافه بأن معارضة الاجتياح المذكور من قبل حزب العمل الذي لم يكن يومها مشاركاً في حكومة بيغن ، يجب أن لاتتكرر ، وبات يتحتم عليه العمل على مشروعه الجديد ( لاجتياح الضفة الغربية وقطاع غزة وتدمير البنية التحتية للسلطة الفلسطينية ) وفق معادلة بسيطة لايكون فيها حزب العمل في موقع من ينبح على القافلة وهي تسير ، كما حصل عام 1982، وانما من خلال تجنيد الحزب المذكور في الطاقم القيادي للقافلة وبالطريقة التي نجح فيها في تحويل وزراء العمل أمثال بيريز وبن اليعيزر إلى مجرد " دوبرمان " يقومون بعملهم بأمانة واخلاص في خدمته كقائد للقافلة ]معاريف " 24/5/2001 [ 0 وفي الصحيفة ذاتها وتحت عنوان ( نهاية حزب العمل ) كتب يحيعام فايس مستذكراً الأيام الغابرة يوم كانت الحياة الداخلية ، وشؤون حزب العمل عامة ، تشغل اسرائيل بكل قطاعاتها وفئاتها الاجتماعية المختلفة ، وبشكل خاص في أوقات المنافسة على قيادة الحزب التي كانت تشغل الرأي العام باعتبارها حدثاً وطنيا بكل المقاييس ، ومقارنا مع ما آلت اليه مصائره منذ ربيع عام 2001 ، وتحوله من حزب معارض لليمين المتطرف إلى مجرد حزب هامشي وتابع ذليل في دولة ارتبط اسمه باسمها وتاريخه بتاريخها 0 وعلى هذا الصعيد ومساهمة منه في الاجابة على التساؤلات العديدة عن السبب الكامن وراء ظاهرة التحول وعدم مبالاة الجمهور الاسرائيلي بانتخابات حزب العمل السابقة التي جرت في تموز 2001 ، يلاحظ فـايس بأن الحزب بات صورة طبق الأصل عن قادته الجدد0 وكما كان من قبل ـ في نظر الاسرائيليين ـ حزبا مهيباً في ظل قادة مهابون أمثال بن غوريون أو رابين ، فهو الآن من طينة المتنافسين الأكثر جدارة على قيادته من أمثال بنيامين بن اليعيزر ، الذي يعتبر سجله " مفخرة " كخادم للأسياد الذين عمل في ظلهم بدءاً من أهرون أبو حصيره ، و وايزمن ، ورابين ، وباراك ، وانتهاء بسيده الليكودي الجديد وملك اسرائيل الحالي آرييل شارون 0 أو أمثال " أزعرسياسي " من طينة ابراهام بورغ 0 أما السبب الحقيقي والعميق لظاهرة سلبية الجمهور وعدم مبالاة الرأي العام الاسرائيلي بحزب العمل ، فهو بحسب فايس مجرد نتيجة منطقية للمصير الذي وصل اليه كحزب انهى وظيفته بطريقة غير مشرفة ، وبات كحزب يجد نفسه قابعاً في المصير الذي آل اليه : " في سهلة مهملات التاريخ " ] " معاريف " 17/7/2001 [.إلى جانب معاريف ركزت صحيفة هآرتس خلال العامين الماضيين على ازمة حزب العمل كحدث تراجيدي صدم الفكر السياسي الاسرائيلي عامةً ، بقدر ما أثار غضب وقرف بعض ممثليه من اليساريين المحترفين ، الذين هالهم انتقال حزب العمل من موقع المعارضة اليسارية لحزب الليكود ، إلى موقع الخادم بالأجرة والشريك بالسمعة والمسؤولية السياسية بنهج الليكود ومشاريعه المدمرة ، ليس فقط لعملية السلام ومع الفلسطينيين وانما ، وفي الدرجة الأولى ، المدمرة للدولة وللمكاكسب المادية والمعنوية التي جنتها اسرائيل خلال نصف قرن 0 وعلى هذا الصعيد كتب " يوئيل ماركوس " الكاتب المعلق السياسي المخضرم في صحيفة هآرتس بتاريخ 16/11/2001 متساءلا عن فداحة هذا التحول المأساوي الذي لحق بحزب العمل الذي فقد صفة الحزب وتحول في أحسن أحواله إلى مجرد ـ هيئة مسماة " عمل " ـ لايملك سياسة خاصة به ، مثل ايام رابين ، بقدر مايملك توجهات لجماعة مستوزين يجلسون باسم " العمل " على طاولة الحكومة إلى جانب " لنداو " و ": ليبرمان " وجماعة شاس . وبحسب ماركوس في مقالته المذكورة فان حزب العمل ـ أو الجسم المسمى " عمل " حسب تعبيره ـ قد تشظى إلى اقطاعيات متباعدة . والحزب التاريخي الذي اسس آباؤه الدولة بات يعج بالأميبيات النشطة التي تأكل الواحدة الأخرى ] يوئيل ماركوس " هآرتس " 16/11/2001 [ . وفي مقالة ظهرت مؤخراً كتب ماركوس في " هآرتس " عما ستؤول اليه الأمور يوم الاستحقاق القادم في ] 28/1/2003 [ الذي سيظهر وفق المعطيات واستطلاعات الرأي بأنه يوم حدوث الصدمة والانقلاب السياسي الدراماتيكي الذي سيكرس " الليكود " في موقعه الذي احتله بقوة في مركز الحزب الأكبر في الدولة ، والقائد الأوحد للدولة ، بعد 20 شهراً من الشراكة ـ غير المتكافئة ـ التي خدمت الليكود و دمرت " العمل " . وبذات القدر سيكرس " العمل " في الموقع الذي انحدر اليه كحزب من الدرجة الثانية " لايزيد حجمه عن نصف حجم الليكود 0 وهو موقع لم يكن أحد يتصوره من قبل بحسب ماركوس ، وحتى في أحلامهم المرعبة لم يتصور رؤساء " مباي " التاريخي لأنفسهم امكانية أن يكون " الليكود " من فوق و " العمل " من تحت 0 ولاشك بأنهم سيتنفضون من داخل قبورهم لهول الكارثة يوم 28 كانون الثاني من العام 2003 ] يوئيل ماركوس " هآرتس " 10/12/2002 [.المفكر السياسي اليساري الإسرائيلي المقرب من يسار العمل " أوري أفنيري " له القول الفصل أيضا ، وربما أكثر من غيره ، على هذا الصعيد الخاص بتقييم ظاهرة انحدار موقع " العمل " ومنزلته في الحياة السياسية الاسرائيلية 0 فهو يرى بدوره بان تجرية العشرين شهراً من الشراكة بين " العمل " و " الليكود " كانت انتحاراً لحزب العمل ، وضربة قاضية لارث وماضي حزب كبير فقد عفته " وتحول إلى مجرد عشقيقة حقيرة لشارون " ، والى ليكود ـ ب ـ لأكثر من عام ونصف العام 0 وسيكون مصيره من جراء السقطة الأخيرة ، الهلاك المحتم بفعل هذه " البقعة السوداء " في تاريخه ، التي ستظهر نتائجها السلبية في انتخابات الكنيست المقبلة ] 28/1 [ بطريقة ستقزم دور الحزب في الحياة السياسية ، وتجعله غير قادر على الوفاء " حتى بدور المعارضة " ] أوري أفنيري ، هآرتس " بتاريخ 14/11/2002[ 0 مع ضرورة التذكير بأن هذا التقييم لأفنيري يمتد إلى حزب العمل حتى في مرحلة ما بعد انتخاب " عميرام ميتسناع " رئيسا للعمل 0 لأن هذا الأخير سيرث بقايا حزب ، كان له شأن في الماضي ، وعليه أن يجهد لسنوات طويلة في تصحيح مساره ، لعله يستطيع استعادة بعض ما فقده من التأييد عند القاعدة الجماهيرية العريضة التي بدأت تشيح وجهها عن حزبها القديم الذي فقد ظله ، وتتوجه بصلواتها نحو اليمين0على صعيد آخر يمكن القول بأن الحديث عن نهاية الدور التاريخي لحزب العمل وتحوله من حيث الأهمية إلى " حزب ثاني " بعد الليكود ، لايعني بداهة ثبات الحزب المذكور في موقعه كقوة ثانية في الحياة السياسية الاسرائيلية ، بقدر ما بات يعني بأن مصيره كحزب أصبح محكوما عليه بالتراجع السريع عن موقعه الحالي خلال الشهور القليلة القادمة ، وتحوله الدراماتيكي إلى حزب من الدرجة الثالثة ، والعامل المهم في هذا التحول المرتقب بات يتمثل بالولادة الوشيكة المرتقبة للحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي سيتشكل من اتحاذ حركة " ميرتس " اليسارية بزعامة يوسي ساريد ، مع حركة السلام الجديدة المنشقة عن حزب العمل ": شاحر " ] أي " الفجر " [ بزعامة يوسي بيلين ، اضافة إلى حركة " السلام الآن " و " كتلةالسلام " و " حزب الخيار الديمقراطي " وحشد من المثقفين اليساريين ودعاة السلام ، ومن التنظيمات الصغيرة المشاركة في حركة السلام 0 وبحسب التوقعات فان الحياة السياسية الاسرائيليية التي ستشهد المزيد من الانضمام الى " الحزب الاشتراكي الديمقراطي " واتساع قاعدة نفوذه كحزب معارض ووارث للموقع القديم والمنزلة التاريخية اللتان خسرهما العمل ، ستشهد بدورها مزيداً من التشظي داخل حزب العمل بين الاتجاه " الحمائمي " الذي يمثله الزعيم الجديد المنتخب عميرام ميتسناع ، والقاضي باستعادة حزب العمل لملامحه بعد عامين ظهوره بمظهر " ليكود " ـ ب ـ واتجاه " الصقور " الذي يمثله وزير الدفاع السابق بنيامين بين اليعيزر الذي مازال يعطي الأولوية لملف " الأمن " على حساب " السلام " والقاضي بالمحافظة على النهج السابق داخل الحزب ، والذي استحق عليه التوصيف التهكمي الجارح : ( ليكود ـ ب ـ )
.ـ انتهـــــــــــــــى ـ

حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا

موبايل:00963944094429

الخميس، 9 يوليو 2009

الشرق الأوسط بين مطرقة الجهاديين وسندان المحافظين الجدد:حسن عبد العال



الشرق الأوسط بين مطرقة الجهاديين وسندان المحافظين الجدد


حسن عبد العال


10-7-2009م


بعد أقل من عام على حادثة 11 أيلول 2001 التي هزت أميركا والعالم ، بدأت كل المؤشرات تدل على أن الشرق الأوسط أصبح عرضة لعملية اعادة تشكيل وترتيب شبيهة بتلك العملية التاريخية التي تمت عام 1916 وفق صيغة معاهدة سايكس بيكو التي لم تقتصر مفاعيلها وقتذاك على صعيد اعادة رسم خارطة نفوذ القوى العظمة على منطقة الشرق الأوسط وانما تعدت ذلك لتشمل عملية اعادة تشكيل وترتيب الخارطة السياسية للشرق الأوسط العربي0 وبأن واشنطن ستحل محل لندن وباريس وتمثل منفردة دور القوة الدولية المهيمنة والمتحكمة بالعملية برمتها ، أي باعادة تشكيل وترتيب الشرق الأوسط الجديد ، أو الأكبر ، وفق صيغ مختلفة لاتقتصر كسابقتها على اجراء تعديلات وتقسيمات جغرافية واستحداث كيانات جديدة تضاف إلى مجموعة المكونات السياسية التي يتشكل منها الشرق الأوسط وانما تطال بالتعديل والتغيير النظم السياسية والتربوية وقواعد السلوك المتوارثة 0 وبحسب جيل كيبيل في كتابه ( حروب في ديار المسلمين ) فان هجوم 11 أيلول ( سبتمبر ) 2001 الذي قامت به منظمة القاعدة بهدف توسيع المجال الجغرافي لنشاطها ليتجاوز العالم العربي والاسلامي كان بمثابة الحدث الذي تسبب عن غير قصد بتمهيد الطريق أمام القطار الأميركي لعبور الشرق الأوسط بطريقة لم يعهدها تاريخ علاقة أميركا بهذه المنطقة من قبل 0 فالهجوم الذي أرادت من خلاله القاعدة اعادة الحيوية وتنشيط الجسم الجهادي في العالم العربي والاسلامي الذي بدأ يشهد فتورا في الهمة ، عمل بدوره على جبهة الطرف الآخر ، الأميركي ، إلى فتح صندوق باندورا المحافظين الجدد وانبعاث كل مافيه من أفكار ومشاريع سوداء كانت تتوعد بالمنطقة منذ نهاية الحرب الباردة وتستهدف اعادة صياغة الشرق الأوسط بالطريقة التي تضمن لاسرائيل دورا طبيعيا وحيويا فيه ، وتوفر للولايات المتحدة سبل السيطرة الاستراتيجية على المنطقة وثرواتها النفطية الهائلة 0 وهكذا بحسب كيبيل فان منظمة القاعدة التي ارتأت من خلال هذه العملية الفائقة الدقة والجرأة التي استهدفت نيويورك وواشنطن ايقاظ جيل من الجهاديين الذين بدأ يدب الخمول في صفوفهم داخل العالم العربي والاسلامي لم تكن تدري بأن فعلتها هذه قد تسببت ، فيما تسببت ، بالغاء الامتياز والاحتكار الذي كانت تحظى به منظمة القاعدة باعتبارها صاحبة المشروع العام والشامل الذي يستهدف المنطقة برمتها ويعمل على استبدال الأنظمة العلمانية والقمعية المتحكمة بالبلاد ورقاب العباد بنظام حكم اسلامي وفق الصورة أو النموذج الذي تطمح اليه 0 فالمفاعيل الناجمة عن هجوم 11 أيلول ، وبالأخص على صعيد اعلان الحرب الأميركية على مايسمى بالارهاب الاسلامي ، دفع بالولايات المتحدة لاثبات حضورها في الشرق الأوسط ليس فقط على صعيد ضرب قواعد الارهاب الاسلامي كما حصل في افغانستان واستئصال شأفة الأنظمة القمعية التي تمتلك اسلحة غير تقليدية كما حصل في العراق ، وانما ايضا على صعيد التدخل في الشؤون السياسية لكل دولة على حده على صعيد الدعوة لقيام اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ونشر الديموقراطية ضمن حدود كل دولة ، وعلى امتداد المنقطة ، باعتبار أن الضغط السياسي والأمني الذي تمارسه الأنظمة على شعوبها ومايتفرع عنه من أساليب التضييق على شؤون حياتهم ومعيشتهم هي أساليب مولدة للارهاب ومفرخة الأجيال من الارهابيين المقبلين ، والمطالبة بتعديل الثقافة التي تبرر العنف أو تحرض عليه 0 وعلى هذا النحو فان زلزال 11 أيلول وما نجم عنه من ارتدادات ومفاعيل لم تكن في حسبان قادة القاعدة قد جعل المنطقة بين سندان الأصولييين الاسلاميين ومشروعهم السياسي القائل باستعادة نظام الخلافة على الديار الاسلامية، ومطرقة المحافظين الجدد ونهجهم السياسي القائل بفرض الديموقراطية والتخلي عن دعم الأنظمة الملكية والجمهورية العربية الفاسدة التي تدور في فلك الولايات المتحدة ، والعمل على الاطاحة بها ، والتخلي عن النهج السابق الذي درجت عليه الادارات الأميركية السابقة والذي كان يستهدف حفظ التوازنات التقليدية في المنطقة ، أي التوازن بين العرب واسرائيل لمصلحة الأخيرة 0 والذي بموجبه بدأت الادارة الأميركية باتباع سياسة التقليل من شأن الأنظمة العربية التي كانت تحظى بدعم وتأييد واشنطن ( مثل المملكة العربية السعودية ) والاعلاء من شأن دولة اسرائيل وسياساتها0أخيرا لابد من التذكير بأن ج كيبيل في كتابه ( حروب في ديار المسلمين ) لجأ إلى تخصيص فصول خاصة تسهب في وصف ظاهرة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة وتستعرض تاريخها وتاريخ كل المتنفذين الذين مثلوا هذه الظاهرة وأيديولوجيتها في واشنطن منذ بداية الستينات حتى أيامنا هذه 0 كما لجأ إلى تخصيص فصول تسهب في وصف الحركة الأصولية ، أو الجهادية ، التي يمثلها ويتزعمها ويعبر عن أيدلوجيتها رجال من امثال ابن لادن والظواهري ، وبالتالي يسهب في تقديم السيرة الشخصية لكل منهما وهي سيرة تجعل كاتبها اسيرا للحيرة أمام مشهد التناقص الظاهري الذي يمثله كل منهما ، أو كلاهما ، أي أسيراً للحيرة أمام هذه الظاهرة المتناقضة التي تشير إلى أن هذان السيافان اللذان يظهران للعيان بمظهر الوريثان المزعومان للجهاد وللأمة ، هما في نفس الوقت وبنفس المقدار وريثا الثورة الرقمية والعولمة من الطراز الأميركي ، ففيهما اجتمعت ، لا بل قل إتحدت ، الوهابية مع وادي السيليكون.

ـ انتهـــــــى ـ


الكتاب : الفتنه : حروب في ديار المسلمين
الكاتب : جيل كيبيل
الناشر : دار الساقي ، بيروت 2004

المستقبل 24\7\2005م

حسن عبد العال


باحث فلسطيني مقيم في سوريا



موبايل:00963944094429