الأحد، 29 نوفمبر 2009

أميركيون ضد الحرب كتاب ضد الحرب في العراق:حسن عبد العال




أميركيون ضد الحرب كتاب ضد الحرب في العراق


عرض وتحليل حسن عبد العال


30-11-2009م


ميشيل راتنر وجيني غرين وبربارة أولشانسكي ناشطون في مركز الحقوق الدستورية ، الأول يشغل منصب رئيس مركز الحقوق الدستورية ، والثانية عضو الادعاء العام في المركز المذكور ، والثالثة تشغل منصب المدير القانوني المساعد0الكتاب الصادر باسم مؤلفيه وباسم المركز الذي ينشطون من خلاله ، هو بيان أميركي ضد الحرب على العراق ، وبالتالي هو بيان صريح ضد اندفاع الولايات المتحدة نحو حرب عدوانية مدمرة لا سند لها سوى جملة دعاوي وحجج واهية لاتمت إلى الواقع بصلة .مالذي يدفع الولايات المتحدة في نزوعها نحو الحرب على العراق إلى اختلاف الأكاذيب وخرق القانون الدولي 0 مالذي يدفع بالولايات المتحدة إلى شن حرب على العراق من غير تفويض من الأمم المتحدة ، لابل وضد ارادة المجموعة الدولية : انه الاقتصاد والمصالح السياسية والاستراتيجية البعيدة الأمد 0 انه ببساطة المخزون العراقي للطاقة الذي يشكل ثاني اكبر احتياطي نفطي في العالم ، والهيمنة المباشرة على الشرق الأوسط الذي يمتلك ، اضافة لموقعه الاستراتيجي المميز ، ميزة كونه اكبر مصدر للنفط في العالم 0 انه طموح القوة العظمى ( أميركا ) لاعادة رسم وتشكيل خارطة العالم بالطريقة التي تضمن لها الهيمنة الكونية للسنوات القادمة . فبحسب الكتاب الصادر عن مركز الحقوق الدستورية فان الحرب الأميركية على العراق ليست حربا استباقية أو ضربة وقائية ، إذا لايوجد اصلا ماينبغي استباقه والوقايه منه ، انها حرب قائمة على افتراضات مزعومة وواهية ودفعت بالمحللين في الولايات المتحدة وغيرها الى وضع تخمينات وسيناريوهات كثيرة حول السبب الرئيسي الكامن ومن وراء اندفاع الادارة الأميركية نحو حربها على العراق 0 ومن هذه التخمينات والسيناريوهات العديدة التي طرحها المحللون ، يذهب مركز الحقوق الدستورية إلى تفنيد وانكار العديد منها ( بدعوى أنها قاصرة وغير مقنعة في تناولها لدوافع واسباب الادارة الأميركية الحالية في نهجها الذي يستهدف العراق ) لمصلحة تصور المركز الذي يستبعد اقدام ادارة بوش الثاني بالحرب على العراق لأسباب تتعلق بالانتخابات المقبلة ، أو لتغطية فشلها في القضاء على حركة بن لادن ، أو بدعاوي تتعلق بالتزام ادارة بوش الثاني باستكمال مابدأه بوش الأول على الجبهة العراقية ، لأن التعليلات التي تلامس الحقيقة بحسب التصور الصائب للمركز المذكور تكمن في مكان آخر يتجاوز في حقيقة الأمر كل التعليلات الجزئية التي عجزت عن اعطاء تفسير حقيقي للمسألة برمتها . فالولايات المتحدة التي أعلنت عن انتصارها في الحرب الباردة تريد على المستوى الدولي أن تقطف ثمار هذا الانتصار بالطرق التي تضمن تفردها وبسط هيمنتها العالمية ، ومنها السعي إلى اعادة رسم وتشيكل خارطة العالم لتتناسب مع مصالحها وطموحاتها الاستراتيجية التي عبر عنها البنتاغون منذ بداية تسعينات القرن المنصرم من خلال وثيقة ( دليل التخطيط الدفاعي ) – أي وثيقة " تشيني – وولفويتز " – التي اصبحت الخطة المعتمدة ودليل العمل لادارة بوش الثاني التي يشغل فيها فريق تشيني وولغويتز ورامسفيلد مركز اصحاب القرار على صعيد اعادة صياغة السياسة الخارجية للولايات المتحدة وفق الخطط المرسومة لبسط تفرد أميركا وفرض هيمنتها على الساحة الدولية قاطبة 0وبحسب المركز المذكور فان ما تم انجازه حتى الان هو مجرد تحقق هدف من جملة اهداف على طريق التفرد والهيمنة الأميركية على العالم 0 فحرب العراق هي حلقة ثانية مكملة لما سبق وحققته الولايات المتحدة من إحكام سيطرة على آسيا الوسطى وعلى نفطها خلال حرب أفغانستان 0 والهدف القريب منها اضعاف نفوذ أوبك (OPEC ) وضمان موقع القوة في مواجهة حلفاء أميركا القدامى في أوروبا ، وضمان موقع القوة في مواجهة كل من روسيا والصين 0 لأن أميركا وقتها لن تكون في موقع أعتى قوة عسكرية في العالم فحسب ، وإنما المسيطرة على أهم مورد من موارد الطاقة التي يحتاجها العالم0


- انتهى -


الكتاب : ضد الحرب في العراق الكاتب : ميشيل راتنر ، جيني غرين ، بربارة أولشانسكي



الناشر : دار الفكر ، دمشق 2003



حسن عبد العال



باحث فلسطيني مقيم في سوريا



mervat10mm@yahoo.com


موبايل:00963944094429


النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية من وجهة نظر عِرقية ": حسن عبد العال



النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية من وجهة نظر عِرقية "


عرض وتحليل حسن عبد العال


30-11-2009م


خلال العقدين الأخيرين من القرن المنصرم ، ظهرت في الولايات المتحدة الأميركية موجة من المؤلفات التحذيرية التي عني مؤلفوها برصد النفوذ المتعاظم للأقلية اليهودية و مؤسساتها الأخطبوطية المنظمة في الولايات المتحدة ، سواء على صعيد التأثير الحياة السياسية الداخلية ، أو على صعيد رسم السياسة الخارجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط .و من عداد هذه الموجه يأتي كتاب الداعية الأميركي و عضو الكونغرس السابق ( عن ولاية لويزيانا ) ديفيد ديوك الذي ظهر بداية عام 1998 بعنوان "MY AWAKENING " و أعيد طبعه عام 1999 و عام 2000 ، و هو كتاب يتناول موضوعات في الفكر و السياسة من وجهة نظر التجربة الشخصية للمؤلف و بأسلوب أقرب إلى السيرة الذاتية الفكرية التي ترصد الظواهر السياسية و الاجتماعية و الثقافية التي عايشها .قبل البدء في استعراض كتاب ديوك لابد من التذكير بأن هذا الكتاب الذي يصنف مع موجة الكتب الأميركية المحذرة من النفوذ اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة ، يختلف عن كل ما سبقه من حيث هدف الكاتب من وراء الدراسة و البحث على هذا الصعيد . فإذا كان ألفرد ليلنتال ، أو نوعام تشومسكي ، أو ستيفن غرين ، أو بول فندلي .. إلخ قد كتبوا مؤلفاتهم التحذيرية من النفوذ اليهودي – الصهيوني بهدف تسليط الضوء على أهمية الموقف المتوازن لأميركا في الشرق الأوسط بالنسبة للمصلحة القومية الأميركية التي تعيقها سياسة الانحياز لإسرائيل ، أو تسلط الضوء على أهمية مراجعة الأسس التي تقوم عليها الحياة السياسية الداخلية التي تتحكم بها اللوبيات اليهودية ، فإن ديوك في مساهمته التحذيرية من النفوذ اليهودي - الصهيوني في الولايات المتحدة ينتمي إلى عالم آخر مختلف ، و إلى أميركا أخرى مختلفة عن أميركا التي تحدث عنها غرين أو فندلي أو تشومسكي أو جورج بول . فأميركا العزيزة على قلب ديوك هي أميركا القرن التاسع عشر ، أميركا التوكفيلية ، بالمعنى " العرقي " و ليس بالمعنى " الديموقراطي ، " أي بمعنى استعادة أميركا ذات الملامح و السمات الأوروبية البيضاء .قد يتساءل المرء عن العلاقة التي تربط اليهود بهذه المسألة ، و عن الأسباب التي دفعت ديفيد ديوك لإقحام الأقلية اليهودية الأميركية في المؤامرة على أميركا البيضاء ما دام كتابه يصنف من قبيل هذه الموجة من المؤلفات الأميركية المحذرة من النفوذ اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة ، وهي موجة تنحصر في الغالب بين اتجاهين تحذيرين : أولهما يتناول النفوذ اليهودي ـ الصهيوني في الحياة السياسية الأميركية ، والثاني تناول التأثير اليهودي في السياسة الخارجية الأمريكية المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط.ديوك في كتابه لا يخرج في إطاره العام عن الاتجاهين ، رغم أنه لم يسلك أحدهما بجعله محورا أساسيا لكتابه المذكور الذي اختار له على هذا الصعيد ، التحذير من الخطر اليهودي ـ الصهيوني على أميركا ذات الملامح العرقية الأوروبية البيضاء ، وعلى الثقافة الأميركية ذات الأصول الأوروبية 0 وهو محور يتلاءم مع الخط السياسي للمؤلف كداعية وناشط في الدفاع عن أميركا البيضاء التي باتت مهددة بالتحول عرقياً إلى " اللون البني " بفعل سيطرة اليهود على دائرة الهجرة منذ الستينات ـ كما يؤكد ديوك في أحد فصول كتابه ، وبطريقة موثقة ـ وقيامهم منذ ذلك الوقت بوقف هجرة الأوروبيين إلى أميركا ، وإغراق البلاد بموجات من المهاجرين الملونين القادمين من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية 0 والدفاع عن ثقافة أميركا البيضاء وتاريخها السياسي الذي بات يتعرض للتشويه على يد مؤسسات إعلامية يهودية أميركية، وشركات الإنتاج السينمائي ، اليهودية بنسبة مئة في المئة ، التي بدأت تعرض للأميركيين أفلاماً مشوهة عن تاريخ آبائهم وأجدادهم ، وحتى عن تاريخ ديانتهم من خلال أفلام تقدم صورة مرذولة عن تاريخ المسيحية وحياة السيد المسيح.الكوكلاكس كلان قادمون :لاشك بأن قراءة كتاب ديوك ليست سهلة حتى على القارئ المطلع على الموجة السالفة الذكر من المؤلفات الأميركية المحذرة من نفوذ المنظمات الصهيونية واليهودية الدائرة في فلكها في الولايات المتحدة ، والصعوبة هنا لا تتمثل بغموض الأفكار التي يطرحها أو بتعقيدات أسلوبه في عرض تاريخ صحوته العرقية ، أو عرضه لسجل التعديات اليهودية على عناصر و مكونات أميركا البيضاء ، وإنما بفجاجته كداعية عنصري ، وكصاحب مشروع لاستعادة أميركا البيضاء سيفضي في حال تحقيقه ، أو بتعبير أدق في حال انتقاله من الحيز الدعائي إلى الحيز العملي ، إلى العودة ثانية إلى أميركا" الكوكلاكس كلان " ku klux klan التي كان ينتمي اليها اسلافه من سكان الولايات الجنوبية ، و هي عودة في حال تحققها لن تطال اليهود المتهمين من قبل ديوك بالتآمر على أميركا البيضاء و ثقافتها و دينها ، و لكنها ستشمل بدورها الزنوج من أبناء ضحايا الكوكلاكس كلان ، و الأميركيين المتحدرين من أصول آسيوية و أميركية لاتينية . أي ستشمل المهاجرين الجدد الذين باتوا منذ الستينات من القرن المنصرم يهددون بموجاتهم المتلاحقة الطابع العرقي للأمة الأميركية البيضاء ، التي باتت ، عقدا بعد عقد ، تظهر عليها علائم الانتقال من أمة ذات بشرة بيضاء إلى أمة " بنية " أو " رمادية " اللون . و بالتالي باتت مهددة بالانتقال من أمة تنتمي ثقافتها إلى أصول أوروبية ، إلى أمة متعددة الثقافات . و لعل عذر " ديوك " على هذا الصعيد الخاص بنفور القارىء من أفكاره العنصرية ، و شعوره على المستوى الإنساني بخطورة مشروعه العرقي ، أنه لا يتوجه ببيانه إلى القارىء غير الأميركي ، و لا القارىء الأميركي عامة ، و إنما إلى مواطنيه الأميركيين البيض الذين ما زالوا يشكلون ـ بحسب الخارطة العرقية للولايات المتحدة ـ أكثر من 70 في المئة من السكان . و أعتقد بأن أهمية كتاب ديوك تبرز على هذا الصعيد الخاص بتقرير وجود " مسألة أميركية بيضاء " في الولايات المتحدة ، وبالدعوى الصريحة والمكشوفة على الملىء إلى يقظة الأكثرية البيضاء من الأمة الأميركية ، و الدفاع عن تاريخها و ثقافتها ، و عن ذاتها كأمة ضد خطر المنظمات اليهودية الأميركية التي ، بحسب ديوك ، ما زالت تسعى إلى تهميشها فوق أرض الآباء و الأجداد . كما تبرز على هذا الصعيد نفسه أهمية كتاب ديوك الذي عرفنا ، من خلال عرضه لتاريخ صحوته العرقية، على هذا الملف الموثق الخاص برصد نشاط المنظمات اليهودية الأميركية على الصعيد العرقي والثقافي الخاص بامة ديوك الأميركية البيضاء ، و هو نشاط تكمن خطورته فوق ذلك من حيث كونه نشاط تدميري مغلف بشعارات إنسانية ، أي على طريقة " كلام حق يراد به باطل " . و بحسب الملف الكبير الذي وضعه ديوك بهدف كشف هذا المسلك الصهيوني وتعريته ، فإن الجهد النظري و العملي الذي قام به اليهود خلال النصف الثاني من القرن المنصرم ، و استهدف تحرير الأميركان البيض من مفاهيمهم العرقية تم " لغاية حتى نفس يعقوب " ، هدفها تجريد الأميركان البيض من مزاياهم و مظاهر قوتهم العرقية ، ليتسنى للمنظمات اليهودية الأميركية التفرد بالولايات المتحدة و إعادة صياغة الأمة الأميركية بالطريقة التي تخدم أغراضها ومشاريعها الصهيونية ، التي تستهدف دوام الهيمنة العرقية للأقلية اليهودية على الأمة الأميركية ، و ليس لتحقيق مفاهيم إنسانية منكرة للأيدلوجيا القائلة بالنقاء العنصري وحق التمايز العرقي . و إذا كان الهدف تحرير الأميركان البيض من عنصريتهم ، واقتلاعهم من جذورهم العرقية ، وتذويبهم وسط محيط أمة أميركية منشودة متعددة الأعراق والثقافات، يتساءل ديوك عن مغزى هذه المكتبة الضخمة من الاصدارات اليهودية الأميركية التي تتحدث عن ميزة و عبقرية العرق اليهودي ، ومآثره العلمية والفكرية ، وعن عظمة التراث الديني للأمة اليهودية في زمن ترويج اليهود الأميركان لأفكار تدحض الفكرة العرقية عند الأميركان البيض ، و تنكر عليهم حقهم في الدفاع عن قيمهم وأعرافهم العرقية واعتدادهم بأصولهم الثقافية كأميركيين بيض من أصل أوروبي . كما يتساءل و يسأل المنظمات اليهودية المذكورة ، و معها الإعلام الأميركي الذي تديره عن مغزى ذلك الجهد المستميت الذي مازال يبذله اليهود الأميركان عامة ، والمنظمات اليهودية الأميركية خاصة ، في الدفاع عن حق إسرائيل في المحافظة عن نقائها العرقي كدولة يهودية ، في الوقت الذي ينكرون فيه على الفلسطينيين حقهم المشروع في العودة إلى بلادهم التي هجروا منها خلال تنفيذ الصهاينة لمشروعهم الخاص بالتطهير العرقي عام 1948 ، ويحصرون تأييدهم فقط بقانون حق العودة ( الإسرائيلي ) الذي يعبر بطريقة سافرة عن عنصرية الدولة اليهودية و عنصرية قوانينها .
" الكوكلاكس كلان " منظمة عنصرية للأميركان البيض ، أسست عام 1870 بهدف تجريد الأميركان السود من الحقوق التي حصلوا عليها ابان الحرب الأهلية 0 وخلال النصف الأول من القرن المنصرم استعادت المنظمة نشاطها العنصري المعادي للأميركان السود ، وأصحبت منذ عام 1925 تحتل موقع مؤثر في الحياة السياسية الأميركية وتضم في صفوفها نحو عشرة ملايين عضو 0 استمرت المنظمة في نشاطها العنصري المعادي للأميركان السود حتى منتصف الستينات0 ويعتبر ديوك من انصار اعادة كتابة تاريخهم كأبطال للأمة०



الكتاب : الصحوة : النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية


المؤلف : ديفيد ديوك


الناشر : دار الفكر ، دمشق ، تشرين الثاني 2002 ( 480 صفحة )



حسن عبد العال



باحث فلسطيني مقيم في سوريا






موبايل:00963944094429

الأحد، 15 نوفمبر 2009

أميركا : انحطاط أخلاقي وسياسة خارجية مدمرة





أميركا : انحطاط أخلاقي وسياسة خارجية مدمرة


عرض وتلخيص :حسن عبد العال


15-11-2009م


بيتر سكاون صحفي كندي يعمل في صحيفة ناشيونال بوست (تورنتو) ، كتابه الذي صدر في كيبك بكندا صيف العام الماضي (2003) بعنوان Le Livre Noir Des Etats-Unis (الكتاب الأسود للولايات المتحدة) هو ثمرة جهد و بحث بذله المؤلف بعد أحداث أيلول 2001 بهدف الحصول على سجل تاريخي موثق للانتهاكات الأميركية المستمرة منذ نصف قرن لسيادة الدول و لحقوق الإنسان . بداية لم يكن سكاون يمتلك سوى الصيغة التفسيرية المناقضة لمقولة بوش الابن القائلة بأن كراهية الآخرين لأميركا تعود لأسباب تتعلق بتقدم أميركا و أجواء الحرية والديموقراطية التي تنعم بها . و على طريقة الباحث المجرب كان عليه دعم صيغته بالشواهد التي تؤكدها. و كان له ذلك بدليل كتابه الموثق الذي يجمع بين دفتيه كل الدلائل التي لا تبرر للآخرين كره أميركا، بقدر ما تُظهر السلوك الإجرامي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة التي تستفز الآخرين في آسيا و أميركا اللاتينية عبر وسائل تنتج مثل هذه الكراهية لأميركا. و بحسب توجه المؤلف في خطابه للأميركيين فان حكومات بلادهم تنتج عبر سياساتها الخارجية وأفعالها الماضية ظروفا تحشرهم فيها في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار كما حصل في هجمات 11 أيلول التي استهدفت نيويورك وواشنطن0السجل الأسود لتاريخ الولايات المتحدة الأميركية خلال النصف الثاني من القرن المنصرم وضعه الصحفي الكندي برسم الأميركيين الذين توجه اليهم في كتابه لينقذهم من حيرتهم التي ستظل قائمة ماداموا عاجزين عن اقامة صلة بين أفعال حكوماتهم وما حصل في 11 أيلول ( سبتمبر ) 2001 ، وأعتقد بأنه أصاب وأجاد الاختيار حين افتتح السجل الأسود للولايات المتحدة بحادثة الهجوم البربري الأميركي صيف عام 1998 على مصنع الشفاء لصناعة الأدوية في الخرطوم ، لأن المظاهر النازفة الناجمة عن هذا الهجوم البربري الأحمق مازالت حية في ذاكرة من يريد استعادتها من الأميركيين الذين بات عليهم أن يتغيروا ويغيروا قناعتهم السطحية القائلة ببراءة كل عملية عسكرية سرية أو علنية ، قامت بها دوائر البنتاغون والاستخبارات في الخارج بدعوى أنها نٌفذت لدواعي وأسباب تتعلق بنشر المثل العليا الأميركية ، وتكريس الديموقراطية عبره الكرة الأرضية . كما بات عليهم أن يتبينوا مظاهر القسوة في سياسة بلادهم الخارجية التي تعبر عن أنانية فجة وخطرة لاتكترث ولا تأبه بنتائج سياستها المدمرة على الآخرين0من تذكر واستعادة مشاهد ونتائج الكارثة التي أنتجتها أميركا من جراء الهجوم الصاروخي على مصنع العقاقير الطبية في الخرطوم ، ، ينتقل سكاون مباشرة إلى تذكير الأميركيين بفظاعة ماحل بهيروشيما وناغازاكي حين أقدمت الولايات المتحدة بقيادة ترومان إلى تذليل العقبة اليابانية التي كانت تعترضها وتؤخر موعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية على استخدام القنبلة الذرية غير آبهة بنتائج فعلتها وماسببته من كوارث بشرية وبيئية مادام ذلك الاجراء يحقق المصلحة القومية الأميركية . وهذه الطريقة التي مازالت تحكم السياسة الخارجية الأميركية بعد أحداث 11 أيلول 2001 ( كما كان عليه الأمر على امتداد النصف الثاني من القرن المنصرم ) ستظل تنتج ظاهرة الكره لأميركا ، اضافة إلى الظروف التي تحشر الأميركيين في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار.
اضافة إلى السجل الأسود للسياسة الخارجية الأميركية وما تضمنه من عرض للمجازر والاعتداءات المباشرة والمؤامرات التي استهدفت أمم ودول في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ....الخ يستعرض سكاون في كتابه أحداث تشكل بدورها عرضا لسجل أسود أميركي يتعلق هذه المرة بالحياة السياسية الأميركية في الداخل ، أي في أروقة البيت الأبيض ، ووزارة الخارجية والبنتاغون والسلطة القضائية ، ويتعلق (إضافة إلى علاقة السلطة بالمركب الصناعي العسكري ،) بفضائح دبلوماسية وانتخابية تشير إلى مدى الانحطاط الأخلاقي الذي وصلت اليه الولايات المتحدة التي باتت تقود نفسها والعالم نحو كوارث متوقعة


0- انتهى -


الكتاب : أميركا الكتاب الأسود


الكاتب : بيتر سكاون ( ترجمة ايناس أبو حطب )


الناشر : الدار العربية للعلوم ، بيروت 2003


حسن عبد العال



باحث فلسطيني مقيم في سوريا





موبايل:00963944094429
========================================================

" من هيروشيما وناغازاكي إلى 11 أيلول "

/ عرض :حسن عبد العال
الكتاب : أميركا الكتاب الأسود
الكاتب : بيتر سكاون ( ترجمة ايناس أبو حطب )
الناشر : الدار العربية للعلوم ، بيروت 2003

بيتر سكاون صحفي كندي يعمل في صحيفة ناشيونال بوست (تورنتو) ، كتابه الذي صدر في كيبك بكندا صيف العام الماضي (2003) بعنوان Le Livre Noir Des Ètats-Unis (الكتاب الأسود للولايات المتحدة) هو ثمرة جهد و بحث بذله المؤلف بعد أحداث أيلول 2001 بهدف الحصول على سجل تاريخي موثق للانتهاكات الأميركية المستمرة منذ نصف قرن لسيادة الدول و لحقوق الإنسان .
بداية لم يكن سكاون يمتلك سوى الصيغة التفسيرية المناقضة لمقولة بوش الابن القائلة بأن كراهية الآخرين لأميركا تعود لأسباب تتعلق بتقدم أميركا و أجواء الحرية والديموقراطية التي تنعم بها . و على طريقة الباحث المجرب كان عليه دعم صيغته بالشواهد التي تؤكدها. و كان له ذلك بدليل كتابه الموثق الذي يجمع بين دفتيه كل الدلائل التي لا تبرر للآخرين كره أميركا، بقدر ما تُظهر السلوك الإجرامي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة التي تستفز الآخرين في آسيا و أميركا اللاتينية عبر وسائل تنتج مثل هذه الكراهية لأميركا. و بحسب توجه المؤلف في خطابه للأميركيين فان حكومات بلادهم تنتج عبر سياساتها الخارجية وأفعالها الماضية ظروفا تحشرهم فيها في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار كما حصل في هجمات 11 أيلول التي استهدفت نيويورك وواشنطن0
السجل الأسود لتاريخ الولايات المتحدة الأميركية خلال النصف الثاني من القرن المنصرم وضعه الصحفي الكندي برسم الأميركيين الذين توجه اليهم في كتابه لينقذهم من حيرتهم التي ستظل قائمة ماداموا عاجزين عن اقامة صلة بين أفعال حكوماتهم وما حصل في 11 أيلول ( سبتمبر ) 2001 ، وأعتقد بأنه أصاب وأجاد الاختيار حين افتتح السجل الأسود للولايات المتحدة بحادثة الهجوم البربري الأميركي صيف عام 1998 على مصنع الشفاء لصناعة الأدوية في الخرطوم ، لأن المظاهر النازفة الناجمة عن هذا الهجوم البربري الأحمق مازالت حية في ذاكرة من يريد استعادتها من الأميركيين الذين بات عليهم أن يتغيروا ويغيروا قناعتهم السطحية القائلة ببراءة كل عملية عسكرية سرية أو علنية ، قامت بها دوائر البنتاغون والاستخبارات في الخارج بدعوى أنها نٌفذت لدواعي وأسباب تتعلق بنشر المثل العليا الأميركية ، وتكريس الديموقراطية عبره الكرة الأرضية . كما بات عليهم أن يتبينوا مظاهر القسوة في سياسة بلادهم الخارجية التي تعبر عن أنانية فجة وخطرة لاتكترث ولا تأبه بنتائج سياستها المدمرة على الآخرين0
من تذكر واستعادة مشاهد ونتائج الكارثة التي أنتجتها أميركا من جراء الهجوم الصاروخي على مصنع العقاقير الطبية في الخرطوم ، ، ينتقل سكاون مباشرة إلى تذكير الأميركيين بفظاعة ماحل بهيروشيما وناغازاكي حين أقدمت الولايات المتحدة بقيادة ترومان إلى تذليل العقبة اليابانية التي كانت تعترضها وتؤخر موعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية على استخدام القنبلة الذرية غير آبهة بنتائج فعلتها وماسببته من كوارث بشرية وبيئية مادام ذلك الاجراء يحقق المصلحة القومية الأميركية . وهذه الطريقة التي مازالت تحكم السياسة الخارجية الأميركية بعد أحداث 11 أيلول 2001 ( كما كان عليه الأمر على امتداد النصف الثاني من القرن المنصرم ) ستظل تنتج ظاهرة الكره لأميركا ، اضافة إلى الظروف التي تحشر الأميركيين في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار.

اضافة إلى السجل الأسود للسياسة الخارجية الأميركية وما تضمنه من عرض للمجازر والاعتداءات المباشرة والمؤامرات التي استهدفت أمم ودول في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ....الخ يستعرض سكاون في كتابه أحداث تشكل بدورها عرضا لسجل أسود أميركي يتعلق هذه المرة بالحياة السياسية الأميركية في الداخل ، أي في أروقة البيت الأبيض ، ووزارة الخارجية والبنتاغون والسلطة القضائية ، ويتعلق (إضافة إلى علاقة السلطة بالمركب الصناعي العسكري ،) بفضائح دبلوماسية وانتخابية تشير إلى مدى الانحطاط الأخلاقي الذي وصلت اليه الولايات المتحدة التي باتت تقود نفسها والعالم نحو كوارث متوقعة0
أخيرا وعلى ذكر الكوارث لابد من الاشارة إلى أن سكاون أضاف ( وعلى نحو مفاجئ ) إلى السجل الأسود للولايات المتحدة فصلاً بتعلق بمخاطر اتباع النظام الغذاي الأميركي الذي يعتمد الوجبات المجلدة وعلى خدمات مطاعم الوجبات السريعة المشبعة بالدهون وأشباه الدهون ، والذي أثبتت الدراسات والأبحاث الطبية في أميركا والبلدان التي ينتشر فيها هذا النظام ( مثل كندا واستراليا ) أنه يسبب داء البدانة المسبب بدوره لأمراض وعوارض صحية من ذلك النوع الذي يقصر من عمر الانسان ويسبب بتعجيل موته 0
وبحسب دراسة عن فساد النظام الغذائي الأميركي نشرت مؤخرا من قبل الباحثة الغذائية الأميركية " ماريون نستله " فان سبعة من اصل عشرة امراض اساسية مسببه للوفاة في الولايات المتحدة هي امراض حديثة ناجمة عن داء البدانة الناجم عن اتباع النظام الغذائي الأميركي0