الأحد، 29 نوفمبر 2009

أميركيون ضد الحرب كتاب ضد الحرب في العراق:حسن عبد العال




أميركيون ضد الحرب كتاب ضد الحرب في العراق


عرض وتحليل حسن عبد العال


30-11-2009م


ميشيل راتنر وجيني غرين وبربارة أولشانسكي ناشطون في مركز الحقوق الدستورية ، الأول يشغل منصب رئيس مركز الحقوق الدستورية ، والثانية عضو الادعاء العام في المركز المذكور ، والثالثة تشغل منصب المدير القانوني المساعد0الكتاب الصادر باسم مؤلفيه وباسم المركز الذي ينشطون من خلاله ، هو بيان أميركي ضد الحرب على العراق ، وبالتالي هو بيان صريح ضد اندفاع الولايات المتحدة نحو حرب عدوانية مدمرة لا سند لها سوى جملة دعاوي وحجج واهية لاتمت إلى الواقع بصلة .مالذي يدفع الولايات المتحدة في نزوعها نحو الحرب على العراق إلى اختلاف الأكاذيب وخرق القانون الدولي 0 مالذي يدفع بالولايات المتحدة إلى شن حرب على العراق من غير تفويض من الأمم المتحدة ، لابل وضد ارادة المجموعة الدولية : انه الاقتصاد والمصالح السياسية والاستراتيجية البعيدة الأمد 0 انه ببساطة المخزون العراقي للطاقة الذي يشكل ثاني اكبر احتياطي نفطي في العالم ، والهيمنة المباشرة على الشرق الأوسط الذي يمتلك ، اضافة لموقعه الاستراتيجي المميز ، ميزة كونه اكبر مصدر للنفط في العالم 0 انه طموح القوة العظمى ( أميركا ) لاعادة رسم وتشكيل خارطة العالم بالطريقة التي تضمن لها الهيمنة الكونية للسنوات القادمة . فبحسب الكتاب الصادر عن مركز الحقوق الدستورية فان الحرب الأميركية على العراق ليست حربا استباقية أو ضربة وقائية ، إذا لايوجد اصلا ماينبغي استباقه والوقايه منه ، انها حرب قائمة على افتراضات مزعومة وواهية ودفعت بالمحللين في الولايات المتحدة وغيرها الى وضع تخمينات وسيناريوهات كثيرة حول السبب الرئيسي الكامن ومن وراء اندفاع الادارة الأميركية نحو حربها على العراق 0 ومن هذه التخمينات والسيناريوهات العديدة التي طرحها المحللون ، يذهب مركز الحقوق الدستورية إلى تفنيد وانكار العديد منها ( بدعوى أنها قاصرة وغير مقنعة في تناولها لدوافع واسباب الادارة الأميركية الحالية في نهجها الذي يستهدف العراق ) لمصلحة تصور المركز الذي يستبعد اقدام ادارة بوش الثاني بالحرب على العراق لأسباب تتعلق بالانتخابات المقبلة ، أو لتغطية فشلها في القضاء على حركة بن لادن ، أو بدعاوي تتعلق بالتزام ادارة بوش الثاني باستكمال مابدأه بوش الأول على الجبهة العراقية ، لأن التعليلات التي تلامس الحقيقة بحسب التصور الصائب للمركز المذكور تكمن في مكان آخر يتجاوز في حقيقة الأمر كل التعليلات الجزئية التي عجزت عن اعطاء تفسير حقيقي للمسألة برمتها . فالولايات المتحدة التي أعلنت عن انتصارها في الحرب الباردة تريد على المستوى الدولي أن تقطف ثمار هذا الانتصار بالطرق التي تضمن تفردها وبسط هيمنتها العالمية ، ومنها السعي إلى اعادة رسم وتشيكل خارطة العالم لتتناسب مع مصالحها وطموحاتها الاستراتيجية التي عبر عنها البنتاغون منذ بداية تسعينات القرن المنصرم من خلال وثيقة ( دليل التخطيط الدفاعي ) – أي وثيقة " تشيني – وولفويتز " – التي اصبحت الخطة المعتمدة ودليل العمل لادارة بوش الثاني التي يشغل فيها فريق تشيني وولغويتز ورامسفيلد مركز اصحاب القرار على صعيد اعادة صياغة السياسة الخارجية للولايات المتحدة وفق الخطط المرسومة لبسط تفرد أميركا وفرض هيمنتها على الساحة الدولية قاطبة 0وبحسب المركز المذكور فان ما تم انجازه حتى الان هو مجرد تحقق هدف من جملة اهداف على طريق التفرد والهيمنة الأميركية على العالم 0 فحرب العراق هي حلقة ثانية مكملة لما سبق وحققته الولايات المتحدة من إحكام سيطرة على آسيا الوسطى وعلى نفطها خلال حرب أفغانستان 0 والهدف القريب منها اضعاف نفوذ أوبك (OPEC ) وضمان موقع القوة في مواجهة حلفاء أميركا القدامى في أوروبا ، وضمان موقع القوة في مواجهة كل من روسيا والصين 0 لأن أميركا وقتها لن تكون في موقع أعتى قوة عسكرية في العالم فحسب ، وإنما المسيطرة على أهم مورد من موارد الطاقة التي يحتاجها العالم0


- انتهى -


الكتاب : ضد الحرب في العراق الكاتب : ميشيل راتنر ، جيني غرين ، بربارة أولشانسكي



الناشر : دار الفكر ، دمشق 2003



حسن عبد العال



باحث فلسطيني مقيم في سوريا



mervat10mm@yahoo.com


موبايل:00963944094429


النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية من وجهة نظر عِرقية ": حسن عبد العال



النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية من وجهة نظر عِرقية "


عرض وتحليل حسن عبد العال


30-11-2009م


خلال العقدين الأخيرين من القرن المنصرم ، ظهرت في الولايات المتحدة الأميركية موجة من المؤلفات التحذيرية التي عني مؤلفوها برصد النفوذ المتعاظم للأقلية اليهودية و مؤسساتها الأخطبوطية المنظمة في الولايات المتحدة ، سواء على صعيد التأثير الحياة السياسية الداخلية ، أو على صعيد رسم السياسة الخارجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط .و من عداد هذه الموجه يأتي كتاب الداعية الأميركي و عضو الكونغرس السابق ( عن ولاية لويزيانا ) ديفيد ديوك الذي ظهر بداية عام 1998 بعنوان "MY AWAKENING " و أعيد طبعه عام 1999 و عام 2000 ، و هو كتاب يتناول موضوعات في الفكر و السياسة من وجهة نظر التجربة الشخصية للمؤلف و بأسلوب أقرب إلى السيرة الذاتية الفكرية التي ترصد الظواهر السياسية و الاجتماعية و الثقافية التي عايشها .قبل البدء في استعراض كتاب ديوك لابد من التذكير بأن هذا الكتاب الذي يصنف مع موجة الكتب الأميركية المحذرة من النفوذ اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة ، يختلف عن كل ما سبقه من حيث هدف الكاتب من وراء الدراسة و البحث على هذا الصعيد . فإذا كان ألفرد ليلنتال ، أو نوعام تشومسكي ، أو ستيفن غرين ، أو بول فندلي .. إلخ قد كتبوا مؤلفاتهم التحذيرية من النفوذ اليهودي – الصهيوني بهدف تسليط الضوء على أهمية الموقف المتوازن لأميركا في الشرق الأوسط بالنسبة للمصلحة القومية الأميركية التي تعيقها سياسة الانحياز لإسرائيل ، أو تسلط الضوء على أهمية مراجعة الأسس التي تقوم عليها الحياة السياسية الداخلية التي تتحكم بها اللوبيات اليهودية ، فإن ديوك في مساهمته التحذيرية من النفوذ اليهودي - الصهيوني في الولايات المتحدة ينتمي إلى عالم آخر مختلف ، و إلى أميركا أخرى مختلفة عن أميركا التي تحدث عنها غرين أو فندلي أو تشومسكي أو جورج بول . فأميركا العزيزة على قلب ديوك هي أميركا القرن التاسع عشر ، أميركا التوكفيلية ، بالمعنى " العرقي " و ليس بالمعنى " الديموقراطي ، " أي بمعنى استعادة أميركا ذات الملامح و السمات الأوروبية البيضاء .قد يتساءل المرء عن العلاقة التي تربط اليهود بهذه المسألة ، و عن الأسباب التي دفعت ديفيد ديوك لإقحام الأقلية اليهودية الأميركية في المؤامرة على أميركا البيضاء ما دام كتابه يصنف من قبيل هذه الموجة من المؤلفات الأميركية المحذرة من النفوذ اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة ، وهي موجة تنحصر في الغالب بين اتجاهين تحذيرين : أولهما يتناول النفوذ اليهودي ـ الصهيوني في الحياة السياسية الأميركية ، والثاني تناول التأثير اليهودي في السياسة الخارجية الأمريكية المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط.ديوك في كتابه لا يخرج في إطاره العام عن الاتجاهين ، رغم أنه لم يسلك أحدهما بجعله محورا أساسيا لكتابه المذكور الذي اختار له على هذا الصعيد ، التحذير من الخطر اليهودي ـ الصهيوني على أميركا ذات الملامح العرقية الأوروبية البيضاء ، وعلى الثقافة الأميركية ذات الأصول الأوروبية 0 وهو محور يتلاءم مع الخط السياسي للمؤلف كداعية وناشط في الدفاع عن أميركا البيضاء التي باتت مهددة بالتحول عرقياً إلى " اللون البني " بفعل سيطرة اليهود على دائرة الهجرة منذ الستينات ـ كما يؤكد ديوك في أحد فصول كتابه ، وبطريقة موثقة ـ وقيامهم منذ ذلك الوقت بوقف هجرة الأوروبيين إلى أميركا ، وإغراق البلاد بموجات من المهاجرين الملونين القادمين من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية 0 والدفاع عن ثقافة أميركا البيضاء وتاريخها السياسي الذي بات يتعرض للتشويه على يد مؤسسات إعلامية يهودية أميركية، وشركات الإنتاج السينمائي ، اليهودية بنسبة مئة في المئة ، التي بدأت تعرض للأميركيين أفلاماً مشوهة عن تاريخ آبائهم وأجدادهم ، وحتى عن تاريخ ديانتهم من خلال أفلام تقدم صورة مرذولة عن تاريخ المسيحية وحياة السيد المسيح.الكوكلاكس كلان قادمون :لاشك بأن قراءة كتاب ديوك ليست سهلة حتى على القارئ المطلع على الموجة السالفة الذكر من المؤلفات الأميركية المحذرة من نفوذ المنظمات الصهيونية واليهودية الدائرة في فلكها في الولايات المتحدة ، والصعوبة هنا لا تتمثل بغموض الأفكار التي يطرحها أو بتعقيدات أسلوبه في عرض تاريخ صحوته العرقية ، أو عرضه لسجل التعديات اليهودية على عناصر و مكونات أميركا البيضاء ، وإنما بفجاجته كداعية عنصري ، وكصاحب مشروع لاستعادة أميركا البيضاء سيفضي في حال تحقيقه ، أو بتعبير أدق في حال انتقاله من الحيز الدعائي إلى الحيز العملي ، إلى العودة ثانية إلى أميركا" الكوكلاكس كلان " ku klux klan التي كان ينتمي اليها اسلافه من سكان الولايات الجنوبية ، و هي عودة في حال تحققها لن تطال اليهود المتهمين من قبل ديوك بالتآمر على أميركا البيضاء و ثقافتها و دينها ، و لكنها ستشمل بدورها الزنوج من أبناء ضحايا الكوكلاكس كلان ، و الأميركيين المتحدرين من أصول آسيوية و أميركية لاتينية . أي ستشمل المهاجرين الجدد الذين باتوا منذ الستينات من القرن المنصرم يهددون بموجاتهم المتلاحقة الطابع العرقي للأمة الأميركية البيضاء ، التي باتت ، عقدا بعد عقد ، تظهر عليها علائم الانتقال من أمة ذات بشرة بيضاء إلى أمة " بنية " أو " رمادية " اللون . و بالتالي باتت مهددة بالانتقال من أمة تنتمي ثقافتها إلى أصول أوروبية ، إلى أمة متعددة الثقافات . و لعل عذر " ديوك " على هذا الصعيد الخاص بنفور القارىء من أفكاره العنصرية ، و شعوره على المستوى الإنساني بخطورة مشروعه العرقي ، أنه لا يتوجه ببيانه إلى القارىء غير الأميركي ، و لا القارىء الأميركي عامة ، و إنما إلى مواطنيه الأميركيين البيض الذين ما زالوا يشكلون ـ بحسب الخارطة العرقية للولايات المتحدة ـ أكثر من 70 في المئة من السكان . و أعتقد بأن أهمية كتاب ديوك تبرز على هذا الصعيد الخاص بتقرير وجود " مسألة أميركية بيضاء " في الولايات المتحدة ، وبالدعوى الصريحة والمكشوفة على الملىء إلى يقظة الأكثرية البيضاء من الأمة الأميركية ، و الدفاع عن تاريخها و ثقافتها ، و عن ذاتها كأمة ضد خطر المنظمات اليهودية الأميركية التي ، بحسب ديوك ، ما زالت تسعى إلى تهميشها فوق أرض الآباء و الأجداد . كما تبرز على هذا الصعيد نفسه أهمية كتاب ديوك الذي عرفنا ، من خلال عرضه لتاريخ صحوته العرقية، على هذا الملف الموثق الخاص برصد نشاط المنظمات اليهودية الأميركية على الصعيد العرقي والثقافي الخاص بامة ديوك الأميركية البيضاء ، و هو نشاط تكمن خطورته فوق ذلك من حيث كونه نشاط تدميري مغلف بشعارات إنسانية ، أي على طريقة " كلام حق يراد به باطل " . و بحسب الملف الكبير الذي وضعه ديوك بهدف كشف هذا المسلك الصهيوني وتعريته ، فإن الجهد النظري و العملي الذي قام به اليهود خلال النصف الثاني من القرن المنصرم ، و استهدف تحرير الأميركان البيض من مفاهيمهم العرقية تم " لغاية حتى نفس يعقوب " ، هدفها تجريد الأميركان البيض من مزاياهم و مظاهر قوتهم العرقية ، ليتسنى للمنظمات اليهودية الأميركية التفرد بالولايات المتحدة و إعادة صياغة الأمة الأميركية بالطريقة التي تخدم أغراضها ومشاريعها الصهيونية ، التي تستهدف دوام الهيمنة العرقية للأقلية اليهودية على الأمة الأميركية ، و ليس لتحقيق مفاهيم إنسانية منكرة للأيدلوجيا القائلة بالنقاء العنصري وحق التمايز العرقي . و إذا كان الهدف تحرير الأميركان البيض من عنصريتهم ، واقتلاعهم من جذورهم العرقية ، وتذويبهم وسط محيط أمة أميركية منشودة متعددة الأعراق والثقافات، يتساءل ديوك عن مغزى هذه المكتبة الضخمة من الاصدارات اليهودية الأميركية التي تتحدث عن ميزة و عبقرية العرق اليهودي ، ومآثره العلمية والفكرية ، وعن عظمة التراث الديني للأمة اليهودية في زمن ترويج اليهود الأميركان لأفكار تدحض الفكرة العرقية عند الأميركان البيض ، و تنكر عليهم حقهم في الدفاع عن قيمهم وأعرافهم العرقية واعتدادهم بأصولهم الثقافية كأميركيين بيض من أصل أوروبي . كما يتساءل و يسأل المنظمات اليهودية المذكورة ، و معها الإعلام الأميركي الذي تديره عن مغزى ذلك الجهد المستميت الذي مازال يبذله اليهود الأميركان عامة ، والمنظمات اليهودية الأميركية خاصة ، في الدفاع عن حق إسرائيل في المحافظة عن نقائها العرقي كدولة يهودية ، في الوقت الذي ينكرون فيه على الفلسطينيين حقهم المشروع في العودة إلى بلادهم التي هجروا منها خلال تنفيذ الصهاينة لمشروعهم الخاص بالتطهير العرقي عام 1948 ، ويحصرون تأييدهم فقط بقانون حق العودة ( الإسرائيلي ) الذي يعبر بطريقة سافرة عن عنصرية الدولة اليهودية و عنصرية قوانينها .
" الكوكلاكس كلان " منظمة عنصرية للأميركان البيض ، أسست عام 1870 بهدف تجريد الأميركان السود من الحقوق التي حصلوا عليها ابان الحرب الأهلية 0 وخلال النصف الأول من القرن المنصرم استعادت المنظمة نشاطها العنصري المعادي للأميركان السود ، وأصحبت منذ عام 1925 تحتل موقع مؤثر في الحياة السياسية الأميركية وتضم في صفوفها نحو عشرة ملايين عضو 0 استمرت المنظمة في نشاطها العنصري المعادي للأميركان السود حتى منتصف الستينات0 ويعتبر ديوك من انصار اعادة كتابة تاريخهم كأبطال للأمة०



الكتاب : الصحوة : النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية


المؤلف : ديفيد ديوك


الناشر : دار الفكر ، دمشق ، تشرين الثاني 2002 ( 480 صفحة )



حسن عبد العال



باحث فلسطيني مقيم في سوريا






موبايل:00963944094429

الأحد، 15 نوفمبر 2009

أميركا : انحطاط أخلاقي وسياسة خارجية مدمرة





أميركا : انحطاط أخلاقي وسياسة خارجية مدمرة


عرض وتلخيص :حسن عبد العال


15-11-2009م


بيتر سكاون صحفي كندي يعمل في صحيفة ناشيونال بوست (تورنتو) ، كتابه الذي صدر في كيبك بكندا صيف العام الماضي (2003) بعنوان Le Livre Noir Des Etats-Unis (الكتاب الأسود للولايات المتحدة) هو ثمرة جهد و بحث بذله المؤلف بعد أحداث أيلول 2001 بهدف الحصول على سجل تاريخي موثق للانتهاكات الأميركية المستمرة منذ نصف قرن لسيادة الدول و لحقوق الإنسان . بداية لم يكن سكاون يمتلك سوى الصيغة التفسيرية المناقضة لمقولة بوش الابن القائلة بأن كراهية الآخرين لأميركا تعود لأسباب تتعلق بتقدم أميركا و أجواء الحرية والديموقراطية التي تنعم بها . و على طريقة الباحث المجرب كان عليه دعم صيغته بالشواهد التي تؤكدها. و كان له ذلك بدليل كتابه الموثق الذي يجمع بين دفتيه كل الدلائل التي لا تبرر للآخرين كره أميركا، بقدر ما تُظهر السلوك الإجرامي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة التي تستفز الآخرين في آسيا و أميركا اللاتينية عبر وسائل تنتج مثل هذه الكراهية لأميركا. و بحسب توجه المؤلف في خطابه للأميركيين فان حكومات بلادهم تنتج عبر سياساتها الخارجية وأفعالها الماضية ظروفا تحشرهم فيها في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار كما حصل في هجمات 11 أيلول التي استهدفت نيويورك وواشنطن0السجل الأسود لتاريخ الولايات المتحدة الأميركية خلال النصف الثاني من القرن المنصرم وضعه الصحفي الكندي برسم الأميركيين الذين توجه اليهم في كتابه لينقذهم من حيرتهم التي ستظل قائمة ماداموا عاجزين عن اقامة صلة بين أفعال حكوماتهم وما حصل في 11 أيلول ( سبتمبر ) 2001 ، وأعتقد بأنه أصاب وأجاد الاختيار حين افتتح السجل الأسود للولايات المتحدة بحادثة الهجوم البربري الأميركي صيف عام 1998 على مصنع الشفاء لصناعة الأدوية في الخرطوم ، لأن المظاهر النازفة الناجمة عن هذا الهجوم البربري الأحمق مازالت حية في ذاكرة من يريد استعادتها من الأميركيين الذين بات عليهم أن يتغيروا ويغيروا قناعتهم السطحية القائلة ببراءة كل عملية عسكرية سرية أو علنية ، قامت بها دوائر البنتاغون والاستخبارات في الخارج بدعوى أنها نٌفذت لدواعي وأسباب تتعلق بنشر المثل العليا الأميركية ، وتكريس الديموقراطية عبره الكرة الأرضية . كما بات عليهم أن يتبينوا مظاهر القسوة في سياسة بلادهم الخارجية التي تعبر عن أنانية فجة وخطرة لاتكترث ولا تأبه بنتائج سياستها المدمرة على الآخرين0من تذكر واستعادة مشاهد ونتائج الكارثة التي أنتجتها أميركا من جراء الهجوم الصاروخي على مصنع العقاقير الطبية في الخرطوم ، ، ينتقل سكاون مباشرة إلى تذكير الأميركيين بفظاعة ماحل بهيروشيما وناغازاكي حين أقدمت الولايات المتحدة بقيادة ترومان إلى تذليل العقبة اليابانية التي كانت تعترضها وتؤخر موعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية على استخدام القنبلة الذرية غير آبهة بنتائج فعلتها وماسببته من كوارث بشرية وبيئية مادام ذلك الاجراء يحقق المصلحة القومية الأميركية . وهذه الطريقة التي مازالت تحكم السياسة الخارجية الأميركية بعد أحداث 11 أيلول 2001 ( كما كان عليه الأمر على امتداد النصف الثاني من القرن المنصرم ) ستظل تنتج ظاهرة الكره لأميركا ، اضافة إلى الظروف التي تحشر الأميركيين في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار.
اضافة إلى السجل الأسود للسياسة الخارجية الأميركية وما تضمنه من عرض للمجازر والاعتداءات المباشرة والمؤامرات التي استهدفت أمم ودول في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ....الخ يستعرض سكاون في كتابه أحداث تشكل بدورها عرضا لسجل أسود أميركي يتعلق هذه المرة بالحياة السياسية الأميركية في الداخل ، أي في أروقة البيت الأبيض ، ووزارة الخارجية والبنتاغون والسلطة القضائية ، ويتعلق (إضافة إلى علاقة السلطة بالمركب الصناعي العسكري ،) بفضائح دبلوماسية وانتخابية تشير إلى مدى الانحطاط الأخلاقي الذي وصلت اليه الولايات المتحدة التي باتت تقود نفسها والعالم نحو كوارث متوقعة


0- انتهى -


الكتاب : أميركا الكتاب الأسود


الكاتب : بيتر سكاون ( ترجمة ايناس أبو حطب )


الناشر : الدار العربية للعلوم ، بيروت 2003


حسن عبد العال



باحث فلسطيني مقيم في سوريا





موبايل:00963944094429
========================================================

" من هيروشيما وناغازاكي إلى 11 أيلول "

/ عرض :حسن عبد العال
الكتاب : أميركا الكتاب الأسود
الكاتب : بيتر سكاون ( ترجمة ايناس أبو حطب )
الناشر : الدار العربية للعلوم ، بيروت 2003

بيتر سكاون صحفي كندي يعمل في صحيفة ناشيونال بوست (تورنتو) ، كتابه الذي صدر في كيبك بكندا صيف العام الماضي (2003) بعنوان Le Livre Noir Des Ètats-Unis (الكتاب الأسود للولايات المتحدة) هو ثمرة جهد و بحث بذله المؤلف بعد أحداث أيلول 2001 بهدف الحصول على سجل تاريخي موثق للانتهاكات الأميركية المستمرة منذ نصف قرن لسيادة الدول و لحقوق الإنسان .
بداية لم يكن سكاون يمتلك سوى الصيغة التفسيرية المناقضة لمقولة بوش الابن القائلة بأن كراهية الآخرين لأميركا تعود لأسباب تتعلق بتقدم أميركا و أجواء الحرية والديموقراطية التي تنعم بها . و على طريقة الباحث المجرب كان عليه دعم صيغته بالشواهد التي تؤكدها. و كان له ذلك بدليل كتابه الموثق الذي يجمع بين دفتيه كل الدلائل التي لا تبرر للآخرين كره أميركا، بقدر ما تُظهر السلوك الإجرامي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة التي تستفز الآخرين في آسيا و أميركا اللاتينية عبر وسائل تنتج مثل هذه الكراهية لأميركا. و بحسب توجه المؤلف في خطابه للأميركيين فان حكومات بلادهم تنتج عبر سياساتها الخارجية وأفعالها الماضية ظروفا تحشرهم فيها في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار كما حصل في هجمات 11 أيلول التي استهدفت نيويورك وواشنطن0
السجل الأسود لتاريخ الولايات المتحدة الأميركية خلال النصف الثاني من القرن المنصرم وضعه الصحفي الكندي برسم الأميركيين الذين توجه اليهم في كتابه لينقذهم من حيرتهم التي ستظل قائمة ماداموا عاجزين عن اقامة صلة بين أفعال حكوماتهم وما حصل في 11 أيلول ( سبتمبر ) 2001 ، وأعتقد بأنه أصاب وأجاد الاختيار حين افتتح السجل الأسود للولايات المتحدة بحادثة الهجوم البربري الأميركي صيف عام 1998 على مصنع الشفاء لصناعة الأدوية في الخرطوم ، لأن المظاهر النازفة الناجمة عن هذا الهجوم البربري الأحمق مازالت حية في ذاكرة من يريد استعادتها من الأميركيين الذين بات عليهم أن يتغيروا ويغيروا قناعتهم السطحية القائلة ببراءة كل عملية عسكرية سرية أو علنية ، قامت بها دوائر البنتاغون والاستخبارات في الخارج بدعوى أنها نٌفذت لدواعي وأسباب تتعلق بنشر المثل العليا الأميركية ، وتكريس الديموقراطية عبره الكرة الأرضية . كما بات عليهم أن يتبينوا مظاهر القسوة في سياسة بلادهم الخارجية التي تعبر عن أنانية فجة وخطرة لاتكترث ولا تأبه بنتائج سياستها المدمرة على الآخرين0
من تذكر واستعادة مشاهد ونتائج الكارثة التي أنتجتها أميركا من جراء الهجوم الصاروخي على مصنع العقاقير الطبية في الخرطوم ، ، ينتقل سكاون مباشرة إلى تذكير الأميركيين بفظاعة ماحل بهيروشيما وناغازاكي حين أقدمت الولايات المتحدة بقيادة ترومان إلى تذليل العقبة اليابانية التي كانت تعترضها وتؤخر موعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية على استخدام القنبلة الذرية غير آبهة بنتائج فعلتها وماسببته من كوارث بشرية وبيئية مادام ذلك الاجراء يحقق المصلحة القومية الأميركية . وهذه الطريقة التي مازالت تحكم السياسة الخارجية الأميركية بعد أحداث 11 أيلول 2001 ( كما كان عليه الأمر على امتداد النصف الثاني من القرن المنصرم ) ستظل تنتج ظاهرة الكره لأميركا ، اضافة إلى الظروف التي تحشر الأميركيين في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار.

اضافة إلى السجل الأسود للسياسة الخارجية الأميركية وما تضمنه من عرض للمجازر والاعتداءات المباشرة والمؤامرات التي استهدفت أمم ودول في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ....الخ يستعرض سكاون في كتابه أحداث تشكل بدورها عرضا لسجل أسود أميركي يتعلق هذه المرة بالحياة السياسية الأميركية في الداخل ، أي في أروقة البيت الأبيض ، ووزارة الخارجية والبنتاغون والسلطة القضائية ، ويتعلق (إضافة إلى علاقة السلطة بالمركب الصناعي العسكري ،) بفضائح دبلوماسية وانتخابية تشير إلى مدى الانحطاط الأخلاقي الذي وصلت اليه الولايات المتحدة التي باتت تقود نفسها والعالم نحو كوارث متوقعة0
أخيرا وعلى ذكر الكوارث لابد من الاشارة إلى أن سكاون أضاف ( وعلى نحو مفاجئ ) إلى السجل الأسود للولايات المتحدة فصلاً بتعلق بمخاطر اتباع النظام الغذاي الأميركي الذي يعتمد الوجبات المجلدة وعلى خدمات مطاعم الوجبات السريعة المشبعة بالدهون وأشباه الدهون ، والذي أثبتت الدراسات والأبحاث الطبية في أميركا والبلدان التي ينتشر فيها هذا النظام ( مثل كندا واستراليا ) أنه يسبب داء البدانة المسبب بدوره لأمراض وعوارض صحية من ذلك النوع الذي يقصر من عمر الانسان ويسبب بتعجيل موته 0
وبحسب دراسة عن فساد النظام الغذائي الأميركي نشرت مؤخرا من قبل الباحثة الغذائية الأميركية " ماريون نستله " فان سبعة من اصل عشرة امراض اساسية مسببه للوفاة في الولايات المتحدة هي امراض حديثة ناجمة عن داء البدانة الناجم عن اتباع النظام الغذائي الأميركي0
















السبت، 24 أكتوبر 2009

تدهور بيئي ، واتساع في الفجوة بين الأغنياء والفقراء:حسن عبد العال

تدهور بيئي ، واتساع في الفجوة بين الأغنياء والفقراء
حسن عبد العال

25-10-2009م

مع نهاية القرن المنصرم و بداية الألفية الجديدة بدأت أسواق الكتاب في العالم تشهد طرح كم لا يستهان به من المؤلفات التي تتطرق عناوينها لظاهرة العولمة التي بدأت تطبع بطابعها ، و على نحو مُستعر ، عالمنا المعاصر . و من هذه المؤلفات ما هو معارض للعولمة ، أو ناقد و مثير للعديد من التحفظات و التساؤلات ، لا بل و التحذيرات . و منها من يميز بين عولمة و أخرى ، بين عولمة متوحشة ذات ميول تدميرية لا يعرف لها حدود ، و أخرى تقدمية تساهم في نمو الثروة وفق معدلات سريعة الوتيرة و أشبه بالوثبات ، و تَجمع البشر و المجتمعات تحت فضاء كوني واحد ، و تجعلهم أقرب إلى سكان قرية كونية مترابطة تتلاشى فيها الحدود و تنعدم المسافات .كتاب العولمة و الإمبريالية ينتمي كما هو واضح للتيار المعارض و الناقد للعولمة ، و هو كتاب جماعي يمتاز بتنوع موضوعاته و تفرع عناوينه التي لا تقتصر على معالجة جانب واحد ، أو محور محدد من محاور دراسة ظاهرة العولمة ، مثل محور العولمة و الإمبريالية الذي اختير كعنوان للكتاب ، رغم أنه مجرد ملف من ملفاته المتنوعة ، و إنما يتناول الظاهرة ، أو بتعبير أدق تأثيرات الظاهرة ، من أكثر من جانب عبر دراسات متنوعة تناولت تأثيرات العولمة على السياسة و الاقتصاد و المجتمع على نحو عام ، كما تناولت على نحو جزئي تأثيرات العولمة على سياسات و مجتمعات الدول الرأسمالية المتقدمة صناعيا ، و على صعيد أحول و مستوى معيشة البشر عبر تأثير ظاهرة العولمة ، المتزامنة مع التوجهات النيوليبرالية الحديثة ، على العمالة و الأجور و برامج التعليم و الرعاية الصحية و صناديق إعانة الفقراء ... ، إضافة إلى تأثيراتها السلبية و الضارة على البيئة و العالم النامي و زيادة عمالة النساء ....... الخ . ففي عالم الرأسمالية المعاصرة و بالأخص في الولايات المتحدة التي تقودها قطار العولمة و ترعى التحولات النيوليبرالية على امتداد الخارطة السياسية للعالم ، فإن التزاوج الأولي و التوأمة بين العولمة و التحولات نحو النيوليبرالية الحديثة ، لم تدفع منذ الثمانينيات (من القرن المنصرم) نحو النزعة الحربية التي تكرست وتوطدت منذ زمن الرئيس ريغن الذي شهدت الولايات المتحدة خلال ولايتيه الرئاسيتين بداية التحولات الاقتصادية النازعة نحو الأخذ بنظام السوق الحرة المنفلتة من أية ضوابط أو قيود ، و لم تقتصر بالتالي على التجليات الحالية لهذه الظاهرة من زمن بوش الابن الذي شهدت الولايات المتحدة خلال ولايته الأولى و الثانية ، التي لم تنقض بعد ، تلازما بلغ حدوده القصوى بين عولمة رأس المال و النزعة العسكرية ، بقدر ما بات يظهر على خارطة التشكيلات الاجتماعية هوة لم يشهد لها مثيل في تاريخ الرأسمالية بين الأغنياء و الفقراء . فوفق آلية عولمة رأس المال و السوق الحرة المنفلتة من أية ضوابط أو قيود . بات الأغنياء أكثر غنىً و الفقراء أشد فقراً ، كما باتت الظروف الأشد قساوة الناجمة عن آلية نظام العولمة و السوق الحرة تهدد بتهميش قطاعات هامة من المجتمع و بطريقة باتت تزيد سنوياً من التعداد العام لجيش الرازحين تحت خط الفقر الذي بات يستضيف في الولايات المتحدة وحدها ، و بحسب إحصاءات أميركية رسمية ، أكثر من مليون مواطن أميركي سنوياً . ناهيك عن ظاهرة ازدياد الفقراء فقراً الناجمة عن تخلي الدولة عن دعمها لصناديق إعانة الفقراء و اقتصار الدعم على تخصيص مبالغ هي دون الحد الأدنى المطلوب و بكثير .أما على صعيد علاقة العولمة بالبيئة التي بدأت تشهد تدهورا وفق معدلات سريعة في زمن المردود السريع و الثوري لحركة رأس المال ، فالنمو الاقتصادي بات يستنزف بشدة موارد الطاقة المستخرجة من باطن الأرض و يهدد بنضوبها خلال بضعة عقود ، من غير توفر طاقات بديلة أو قابلة للتجدد . و على صعيد مواز بدأت الغابات الاستوائية تتقلص ، و كذلك فقد بات الخطر الثروة السمكية في المحيطات ، و يهدد و بالتالي التنوع الحيوي في المجالين الأرضي و المائي بفعل الاستثمار الجائر و السعي نحو ربحية أعلى و تراكم أعلى لرؤوس الأموال .هذه الظاهر و مثيلاتها يعرضها الكتاب من منظور يؤكد على ترافق و تلازم الأزمتين الاقتصادية و البيئية في زمن العولمة ، التي بات من المنطقي أحيانا النظر إليها باعتبارها شكل من ألأشكال إعادة انتشار تجريها الرأسمالية للتغلب على تناقضاتها الحالية عبر توسيع الفضاء السلعي ، بدمج جميع القوى الإنتاجية في العالم في سوق واحدة .فترافق الأزمتين الاقتصادية و البيئية في عصرنا ليس بمحض الصدفة . فكلا الأزمتين بات يرجع الى تناقضات نظام بات يصطدم من جانب بصعوبة إنتاج و تحقيق فضل قيمة فوق مساحات غير محددة بحدود ، ومن جانب آخر بالحدود المادية الطبيعية التي سيتوجب عليه دفعها باستمرار لضمان تراكم لاينتهي لرأس المال
ـ انتهى ــ

الكتاب : العولمة و الإمبريالية
الكاتب :
مجموعة من الأكاديميين الفرنسيين الناشر :
دار الحصاد ، دمشق 2006
• حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا

موبايل:00963944094429

الجمعة، 25 سبتمبر 2009

أميركا : لا تأثير يذكر على الهجرة من الشرق الأوسط:حسن عبد العال

أميركا : لا تأثير يذكر على الهجرة من الشرق الأوسط
حسن عبدالعال
26-9-2009م
مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لهجمات الحادي عشر من أيلول 2001 ، نشر في واشنطن تقرير أمريكي خاص بالهجرة الحديثة إلى الولايات المتحدة من بلدان الشرق الأوسط 0 وينقسم التقرير الصادر عن " مركز دراسات الهجرة " إلى قسمين ، الأول خاص بتاريخ الهجرة المذكورة من عام 1970 إلى عام 2000 ، وبأعداد المهاجرين الذين تم استقبالهم في الولايات المتحدة على امتداد الثلث الأخير من القرن المنصرم 0 والثاني خاص بالتوجهات الاستراتيجية المقررة من قبل دائرة الهجرة الأميركية بخصوص تنظيم موجات الهجرة القادمة من الشرق الأوسط وشمال افريقيا إلى الولايات المتحدة حتى نهاية عام 2001 .التقرير في شقه الأول عادي ، وهو نوع من العرض التاريخي لموجة الهجرة الحديثة إلى الولايات المتحدة من بلدان الشرق الأوسط خلال الثلث الأخير من القرن المنصرم ، ويتضمن جدولا بالحصص السنوية التي تمت على امتداد الفترة المعنية ، بالاضافة إلى العدد الإجمالي للمهاجرين الذي وصل حتى نهاية عام 2000 إلى مليون ونصف المليون مهاجر.أما التقرير في شقه الثاني ، الذي يتضمن المخططات التنظيمية المقررة من قبل دائرة الهجرة الأميركية خلال العقد الحالي ، فأقل ما يمكن قوله بأنه مفاجئ ووقعه غير عادي في ظل ماشهدناه ، ومازلنا نشهده ، من حملات رسمية ، وشبه رسمية ، أميركية على العالم العربي شعوباً وأنظمة ، وبطريقة لم توفر الأنظمة الأكثر قرباً من الولايات المتحدة 0 فالتقرير المتزامن صدوره مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للزلزال الذي ضرب نيويورك وواشنطن يتحدث عن خطط استراتيجية مقررة سلفاً تتضمن زيادة في الحصص السنوية للمهاجرين إلى الولايات المتحدة من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حتى نهاية عام 2010 بمعدل الضعف تقريباً 0 وبحسب الأرقام الرسمية المقرر فإن الولايات المتحدة التي لم تتوقف يوماً عن استقبال المهاجرين القادمين من الشرق الأوسط خلال الربع الأخير من العام 2001 ، ستستقبل حتى نهاية عام 2010 مليون ومئة ألف مهاجر من بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا ، أي بمعدل يزيد عن مئة ألف مهاجر سنوياً 0 وهو رقم مرتفع بحسب المقاييس السابقة التي اعتمدتها دائرة الهجرة الأميركية بالنسبة لحصص المهاجرين القادمين من الشرق الأوسط وشمال افريقيا ، ويشكل على نحو تقريبي خمس حجم الهجرة السنوية إلى الولايات المتحدة 0 هو الأمر الذي يعني بأن الولايات المتحدة التي لايشكل المسلمون فيها سوى 2 بالمئة فقط من سكانها البالغ عددهم 270 مليون نسمة ـ حسب احصاء عام 1996 ـ مازالت ترى على هذا الصعيد الخاص بالهجرة بأن العرب والمسلمون لايشكون تهديداً للتوزان المنشود على الصعيد الاثني في الولايات المتحدة ، وبأن التهديد الحقيقي كان وما زال أميركياً لاتينياً ، ومكسيكياً بالدرجة الأولى 0 حيث باتت الخبراء في مكتب الإحصاء الفيدرالي يخشون منذ سنوات من مستقبل قريب يصبح فيه الأميركيون المنحدرون من أصول لاتينيه أكثر عدداً من الزنوج والآسيويين والهنود الحمر وسكان آلاسكا مجتمعين ـ الغارديان ، 31/3/1997 ـ

حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا


موبايل:00963944094429

الاثنين، 21 سبتمبر 2009

النقود العربية الفلسطينية و سكتها المدنية الأجنبيةمن القرن السادس قبل الميلاد حتى عام 1946 :حسن عبد العال

النقود العربية الفلسطينية و سكتها المدنية الأجنبيةمن القرن السادس قبل الميلاد حتى عام 1946
عرض : حسن عبد العال *

22-9-2009م

على عكس الطريقة التقليدية في عرض الكتب التي يتم من خلالها استعراض للنص قبل تقييم الكتاب و الكاتب ، أجد نفسي ملزما بتقديم الشكر للباحث الفلسطيني الأستاذ سليم عرفات المبيض على كتابه " النقود العربية الفلسطينية " الذي شكل إغناء للمكتبة التاريخية الفلسطينية التي تفتقر تماما الى مؤلفات في هذا النوع من المعرفة التاريخية التي تتعلق بعلم النميات (مشتق من الاسم اللاتيني Nummus الذي كان يطلق على النقود) الذي يختص بالمعرفة التاريخية القائمة على دراسة النقود من حيث تاريخ و مكان سكها ، و معرفة قيمتها في وقتها ، و المجال الجغرافي لتداولها ..إلخ . أما من الناحية المتعلقة بالتاريخ المعاصر و من خلال فصله الأخير (الفصل التاسع عشر) الذي عني على نحو تفصيلي بالإصدارات المتعاقبة للعملة الفلسطينية ، المعدنية و الورقية ، في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين ، فيمكن القول بأن هذا الفصل الذي يكاد يشكل كتابا قائما بذاته بات يشكل اليوم ( في ظل النشاط الصهيوني المستمر منذ أكثر من نصف قرن لطمس معالم العملات و الطوابع و الوثائق الدالة على الوجود الفلسطيني قبل ولادة دولة إسرائيل ) وثيقة ذات شواهد تاريخية عظيمة الدلالة على النشاط الاقتصادي و الحياة المعيشية للفلسطينيين من خلال عملتهم الوطنية .النقود الفلسطينية من القرن السادس قبل الميلاد و حتى نهاية الحرب العالمية الثانية :على مدى القسم الأعظم من كتابه الذي احتل الفصول من 3- 18 يستعرض المؤلف تاريخ النقود التي سكت في مدن فلسطين ، بالإضافة إلى تلك التي تم تداولها في فلسطين ، بدءاً من بداية التوسع الفارسي في بلاد الشام منتصف القرن السادس قبل الميلاد . ففي هذه الفترة بدأت تظهر في فلسطين ( أسوة بالولايات الشامية الأخرى ) العملة الفارسية المكونة أساسا من ( الداريق الذهبي ) و ( السجلوس الفضي ) و ذلك منذ العام 538 قبل الميلاد . كما بدأت تظهر و لأول مرة ، منذ بداية القرن الخامس قبل الميلاد ، في ظل الاحتلال الفارسي الذي دام حتى عام 332 ق.م ، العملة العربية الفلسطينية ( أو العربية الفينيقية ) . و هذه العينة من النقود العربية الفلسطينية ( أو النقود الغزية كما يطلق عليها بعض المؤرخين ) ما تزال موجودة في المتحف البريطاني بلندن و تظهر عليها حروف عربية و آرامية تشير إلى أنها ضربت في مدينة غزة ، كما تظهر عليها ملامح يونانية تشير إلى أنها متأثرة فنيا بشكل وطريقة ضرب العملة الأثينية التي كانت تظهر عليها صورة الربة أثينا و البومة التي ترمز إليها ، إضافة إلى غصن الزيتون . و يحتوي الكتاب على صور من هذه النماذج المبكرة من العملة الفلسطينية المضروبة في غزة. و هنا لابد من الإشارة إلى أن غزة كانت مركز ضرب العملة الفينيقية لعرب الجنوب من الفينيقيين ، تماما كما كانت صور و صيدا و بيبلوس و أرواد مركز ضرب العملة الفينيقية لعرب الشمال من الفينيقيين طيلة الحقبة الفارسية .بعد عرضه لتاريخ العملة العربية الفلسطينية خلال الحقبة الفارسية التي امتدت من عام 538- عام 332 ق.م . يتابع المؤلف عرض تاريخ العملة الفلسطينية في زمن الاسكندر الأكبر الذي غزا فلسطين عام 332 و ما تلاه من عهود تمثلت بحكم البطالمة و السلوقيين ، أي حتى نهاية الحكم اليوناني الذي امتد حتى العام 63 قبل الميلاد. و خلالها امتد ضرب العملة الفلسطينية المحلية من غزة إلى عسقلان و يافا و عكا بحيث كانت كل مدينة تضرب عملاتها المحلية بأشكال و رسوم تختلف فيه عن غيرها .بدورها العملة الرومانية المسكوكة في المدن الفلسطينية لها باع طويل ، فتاريخ السيطرة الرومانية على فلسطين امتد من عام 63 قبل الميلاد (أي منذ انتصار القائد الروماني بومبي على السلوقيين ) حتى عام 395 ميلادية ، أي نحو أربعة قرون و نصف القرن . و يحتوي الكتاب على عرض مستفيض للنقود التي ضربت في غزة موثقة بالصور الدالة التي تحمل اسم غزة : AZA ، كما يحتوي على عرض مفصل و مصور للنقود التي ضربت في أنثيدون (ميناء غزة القديم الواقع في المنطقة الساحلية الحالية التي تحمل اسم " البلاخية " ) و عسقلان ، و جوبا (يافا) ، و قيسارية ، و عكا ، و بيت جبرين (البتروبوليس) و القدس و جابا (جنوب شرق حيفا) و أخيرا نقود دورا (الطنطورة) التي تمتاز عن غيرها من النقود الرومانية التي ضربت في مدن فلسطين من حيث كونها أظهرت و على نحو استثنائي صورة الإلهة عشتار التي حلت محل إلهة الحظ الرومانية " تيخون " على أغلب المسكوكات الخاصة بالمجموعة النقدية المذكورة .عملة العرب الأنبار المضروبة في غزة :لا يمكن الانتقال من الحقبة الرومانية إلى الحقبة البيزنطية التي تلتها دون التذكير بالعملة العربية النبطية التي ضربها الملوك العرب الأنباط في غزة كتعبير عن سيادتهم ( في ظل الحكم الروماني لمصر و الشام ) على الطريق التجاري الواصل بين العقبة و غزة . و يؤرخ لبداية صك العرب الأنباط لعملتهم مع بداية عهد الملك العربي النبطي الحارث الثالث (حكم بين عام 87- 62 قبل الميلاد) و عن هذه المجموعة النقدية العربية النبطية و التي يؤرخ لها حتى بداية القرن الثاني الميلادي ، أي حتى تاريخ قضاء الملك الروماني تراجان (عهده من سنة 98- سنة 117 ميلادية) على مملكة العرب الأنباط ، يستعرض الكاتب تاريخ هذه المجموعة التي عثر على أكثرها قرب شواطئ غزة ، و من خلال استعراض هذه المجموعة التي ضربت غالبيتها زمن الهيمنة الرومانية على مصر والشام يتضح حرص الملوك العرب الأنباط على كتابة أسمائهم عليها باللغة العربية النبطية ، إلى جانب تثبيت كل ملك صورته عليها إلى جانب صورة زوجته (كما في حال عملة الملك الحارث الرابع الذي ثبت على عملته صورة زوجته الأولى " خلدة " و في وقت لاحق صورة زوجته الثانية " شقيلة " ) أو والدته (كما في حال عملة الملك عبادة الثاني الذي ثبت على عملته صورة والدته ) و يحتوي الكتاب على صور دالة على هذه المجموعة النقدية العربية النادرة التي ضربت في غزة والتي تم تداولها في فلسطين الجنوبية خلال فترة دامت نحو قرنين .* * *الحقبة البيزنطية مثل الرومانية لها نصيب وافر في تاريخ العملة الفلسطينية نظرا لأن الوجود البيزنطي في فلسطين استمر من عام 395 ميلادية إلى عام 622 للميلاد ، و مثلها النقود العربية الإسلامية التي يرجع تاريخها إلى عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان الذي يؤرخ له من خلال عهده (من سنة 41- 60 هـ) بأنه أول من أصدر أول مجموعة نقدية إسلامية ، و هي مجموعة من الدنانير و الدراهم و الفلوس التي جمعت بين المأثورات الإسلامية ( مثل صورة الخليفة و اسمه ، إضافة إلى اعتماد التقويم الهجري ) و البيزنطية ( مثل حرف M اللاتيني الذي يرمز للعملة البيزنطية ) . و يذكر المؤلف من خلال هذا الاستعراض التاريخي للعملة التي ضربت في فلسطين خلال العهد الأموي ، و العهود الإسلامية التي لحقته ، بأن المدن الفلسطينية كانت تمتاز عن بقية المدن العربية الأخرى بأنها كانت الأوفر حظا ، و تتفوق على أقرانها من المدن الأخرى ، كموطن لضرب العملة . و هذه الظاهرة كانت تسري بدورها على الحقب السابقة ، اليونانية ، و الرومانية ، و البيزنطية ، حيث كانت مدن فلسطين بمثابة المراكز الأساسية لضرب العملات خلال الحقب المذكورة و ذلك نظرا لموقعها الاستراتيجي ، و تعدد موانئها ، و مواقع مدنها القريبة من البحر ، بالإضافة لمكانتها الدينية. العملة الوطنية الفلسطينية في مرحلة الانتداب البريطاني :بعد عشر سنوات على هزيمة السلطنة العثمانية أمام الحلفاء و دخول الإنكليز لفلسطين مع نهاية الحرب العالمية الثانية ، بدأت سلطات الانتداب البريطاني تتجه نحو إصدار عملية محلية فلسطينية تحل محل المصرية التي حلت محل النقود العثمانية منذ عام 1917 ، وبموجب هذا التوجه الذي أثمر عن إنشاء ماسمي وقتذاك بـ " مجلس العملة الفلسطينية " ـ وكان مقره في لندن ـ بدأ المجلس المذكور بدءً من العام 1927 باصدار أول طبعة من العملة المحلية الفلسطينية التي تتكون من مجموعة نقدية معدنية ، ومجموعة نقدية ورقية 0 وكانت المجموعة المعدنية التي بدأ بتداولها عام 1927 ، وظهرت منها طبعات متتالية حتى عام 1946 ، تتكون ( من الأدنى الى الأعلى ) من 1 مل ، و 2 مل ، و 5 مل ( تعريفة ) و 10 ملات ( القرش ) و 20 مل ( قرشان ) و 50 مل ( شلن فضة ) و 100مل ( بريزة فضة ) 0 أما المجموعة النقدية الورقية التي بدأ بتداولها مع بداية شهر أيلول ( سبتمبر ) من عام 1927 ، وظهرت منها طبعات متتالية حتى عام 1945 ، فتتكون من خمسمائة مل ( = نصف جنيه ) ، وجنيه فلسطيني ، وخمسة جنيهات فلسطينية ، وعشرة جنيهات فلسطينية ، وخمسون جنيها فلسطينيا ، ومائة جنيه فلسطيني0 ولقد حرص المؤلف من خلال كتابه على تثبيت جدول زمني لاصدار كل فئة من فئات العملة المعدنية ( من 1 مل الى 100 مل ) وذلك من عام 1927 الى عام 1946 . وثبت الى جانب كل جدول زمني صور للعملات مطابقة للجدول الزمني الخاص باصدار كل فئة وذلك بهدف تعريف مواطنة الفلسطينيين وعلى نحو تفصيلي بعملته الوطنية التي باتت تشكل من الناحية الرمزية معادلات للعلم الفلسطيني وللنشيد الفلسطيني 0 وكذلك الأمر بالنسبة لفئات المجموعة النقدية الورقية ( من نصف جينيه الى مائه جينيه ) ولكنه ، ولأسباب نعرفها عجز هذه المرة عن تثبيت صور مطابقة لكافة الاصدارات واكتفى بنموذج واحد من كل فئة 0 وهذا الأمر عائد الى ندرة العملة الورقية الفلسطينية وشبه استحالة جمع نماذج عما سبق وصدر منها من إصدارات حتى عام 1945 .أخيرا وعلى هذا الصعيد الأخير المتعلق بالفصل التاسع عشر ، والذي يصلح لكي يكون بحد ذاته كتابا مستقلا عن تاريخ المجموعة النقدية الفلسطينية ، لابد من اعادة التذكير بفضل الكاتب على هذا الصعيد المتعلق بالاضاءة ، ومن عدة جوانب وزوايا ، على هذا الجانب الهام من تاريخ عملتنا الوطنية في مرحلة ما قبل النكبة والتي جرت إسرائيل من خلال عملائها المنتشرين في العالم على جمع كل ما يتوفر منها واتلافه بقصد شطب هذه البيانات الدالة على الوجود الفلسطيني من الذاكرة 0 وبحكم معرفتي خلال السنوات الماضية التي حرصت من خلالها على اقتناء ما يمكن الحصول اليه من المجموعة النقدية الفلسطينية فان اليد الصهيونية قد وصلت الى الأقطار العربية من خلال عملائها ( غير المباشرين ) الذين بدأوا بتصيد كل ما يمكن الحصول عليه من المجموعة النقدية الفلسطينية حتى بات من الصعوبة بمكان الحصول على عينات منها من أسواق التعامل بالعملات القديمة ( الأنتيكا ) لأسباب تتعلق بالندرة حيناً وارتفاع قيمة أية قطعة نقدية منها ( الورقية بخاصة ) حينا آخر 0 ولهذا الأمر جاءت تغطية المؤلف المعززة بالصور لاصدارات العملة الوطنية الفلسطينية في زمن ما قبل النكبة لتشكل محاولة في غاية الجدية لإنقاذ هذا الجانب الهام والحيوي من التراث الوطني الفلسطيني من الضياع
0ـ انتهى ـ

الكتاب : النقود العربية الفلسطينية و سكتها المدنية الأجنبيةمن القرن السادس قبل الميلاد حتى عام 1946

الكاتب : سليم عرفات المبيض
الناشر : مهرجان القراءة للجميع ، القاهرة 2005 300 صفحة من القطع الكبير .

عرض : حسن عبد العال *

باحث فلسطيني مقيم في سوريا

mervat10mm@yahoo.com

موبايل:00963944094429

الجمعة، 7 أغسطس 2009

الصين في عهدة الجيل الرابع:حسن عبد العال

على طريق المتابعة والاستمرار:

( الصين في عهدة "الجيل الرابع " )

• حسن عبدالعال

7-8-2009م

اختتمت أعمال المؤتمر 16 للحزب الشيوعي الصيني منذ ايام ] 16/11/2002 [ ، وكما كان متوقعا فقد تمت التهيئة لانتقال السلطة في الحزب والدولة والبرلمان بطريقة طوعية وجنتلمانية من عهدة الجيل الثالث الذي يمثله "جيانغ زيمين" إلى عهدة الجيل الرابع ممثلا بالزعيم الجديد " هوجينتاو " .أما على صعيد القضية الاستراتجية العظمى الخاصة برسم السياسات المستقبلية ، وكما كان الأمر متوقعاً ، فقد اعتمد المؤتمر التوجهات الاستراتيجية القائلة بضرورة متابعة الطريق الذي اعتمدته القيادة الصينية من الجيل الثاني ممثلةً بشخص الزعيم " دنج هسياو بينج " وتابعته على ذات الوتيرة لاحقتها من الجيل الثالث ممثلةً بشخص الزعيم المستقيل جيانغ زيمين0وعلى هذا الصعيد لابل من تقرير الحقيقة الواقعية التي تقول بأن الصين السائرة على طريق النمو بوتاتر ومعدلات غير مسبوقة من قبل لاتحتاج إلى ابتداع استراتيجيات جديدة ورسم سياسات بديلة ، وانما إلى متابعة ماسبق وأقر من سياسات مستمدة من استراتيجية الانفتاح التجاري على العالم ومتابعة السير على طريق النمو الاقتصادي ذي الخصائص الصينية الذي مازال يحقق للصين النسبة الأعلى للنمو في العالم 0 وعليه يمكن القول استناداً إلى المعطيات والمعلومات التي باتت متوفرة عن خصائص حقبة مابعد " ماو " بأن الصين لاتعاني من مشاكل وصعوبات تتعلق باختيار الطريق ، و إنما من التحديات التي يمكن لها أن تعترض الاستمرار والمتابعة ] وهي بالمناسبة ذات خصائص موضوعية ولاعلاقة للإرادة البشرية بها [ أو التي يمكن أن تنشأ عن متابعة التقدم والسير على طريق التنمية الحثيثة والمحافظة على نسبة النموالحالية كحد أدنى بهدف رفع مستوى المعيشة لسكان الصين الذين يشكلون خُمس سكان المعمورة 0 وعلى هذا الصعيد لابد من التذكير بأن التوقعات التي لم تتفق بعد على تحديد العقد الذي ستصبح فيه الصين في موقع العملاق الاقتصادي الأول في العالم تكاد تجمع بان الصين كمشروع لعملاق اقتصادي أعظم في عالم العقد الثاني ، أوالثالث على أبعد تقدير، لن تصل إلى المستوى المعيشي اللائق لسكانها إسوة بالبلدان الصناعية المتقدمة قبل العام 2050 .
لاشك بأن اسئلة كثيرة بدأت تثار قبل المؤتمر وبعده عن صفات القيادة الصينية الجديدة ، وعن الملامح المستقبلية للصين في السنوات العشر أو الخمسة عشر القادمة ، ومدى قدرة القيادة الجديدة من رموز الجيل الرابع على مواجهة التحديات المتمثلة بالمشاكل التي بدأت مظاهرها تستفحل في الصين منذ أكثر من عشر سنوات ، إضافة إلى الصعوبات التي مازالت تعترض متابعة الطريق0على عكس الاتجاه الغالب في الأعلام الغربي ـ الأميركي بخاصة ـ الذي يُركز اهتمامه على أشخاص القيادة الصينية الجديدة والصفات المختلفة لهذا المسؤول أو ذاك ( على طريقة أن فلان أكثر ميلا للغرب من غيره لأنه يفضل ارتشاف القهورة مع الكرواسان ، وفلان أكثر محافظة من فلان لأنه مازال يفضل الطعام الصيني 00الخ ) سنركز اهتمامنا في هذا المقال الخاص بهذه المناسبة على تحديد الملامح المستقبلية للصين في ظل زعامة الجيل الرابع ، وعلى ابراز التحديات التي ستعترض القيادة الصينية الجديدة في مسيرتها الصعبة خلال السنوات العشر ، أو الخمسة عشر المقبلة 0 لأنها بتقديري باتت معنية بمهمة مزودوجة تتوزع على جبهة تذليل المخاطر والصعوبات الموروثة عن عهد جيانغ زيمين من جهة ، وعلى جبهة المتابعة والاستمرار على الطريق الاستراتيجي الذي اوصل الصين إلى منتصف الطريق المنشودة ، ومازال ينتظر الكثير من الجهدوالمثابرة وبعد النظر لتحقيق النصف الآخر0عن الملامح المستقبلية للصين في ظل زعامة الجيل الرابع لابد من القول بأن السنوات العشر أو الخمسة عشر المقبلة ، شتشهد مزيداً من التحولات الرأسمالية في الصين ، وفي الحياة الصينية عامة ، وستشهد مزيداً من الانفتاح السياسي للحزب الشيوعي الحاكم عل الطبقة الوسطى الجديدة التي ولدت من داخل رحم التحولات الرأسمالية التي قادها الحزب المذكور على امتداد الربع الأخير من القرن المنصرم ، بطريقة سيصبح فيه حزبا ممثلا لكافة الطبقات والفئات الاجتماعية على حساب توصيفه العقائدي والكلاسيكي القديم الموروث عن عهد "ماو" ، والذي أصبح غريباً ومنافيا للحكمة والعقل حسب تقدير مهندسي التحولات الجديدة في الحياة الصينية من رموز الجيل الثالث والرابع . وعلى ذات الوتيرة لابد من القول ايضا على عكس ما توجبه هذه التوجهات من الناحية الشكلية التي تعتمدها عادة التقارير الصحفية الصادرة عن الوكالات ووسائل الاعلام العالمية ، فان الصين ليست مقبلة على الزمن الموعود الذي ستخلع فيه رداء الاشتراكية وتستبدله بثوب الرأسمالية ، وانما هي مقبلة على حقبة جديدة على طريق الوفاء بمتطلبات ومستلزمات الخيار الصيني الذي كرس منذ عهد " دنج " ودشن باستراتيجية " الباب المفتوح " وسياسة الانفتاح التجاري على العالم ، وهو خيار براغماتي قائم على أساس من الدراسة والبحث في الوسائل التي يمكن لها أن توفر للصين سبل السير في طريق النهضة والنمو بعيداً عن التصنيفات السطحية التي تقوم عادة على توصيف البدائل والخيارات المتبعة عند الدول المختلفة على أنها رأسمالية ، أو اشتراكية، بمعزل عن الهدف أو الإرادة الواعية التي تقف من وراء اختيار هذه الوسيلة أو تلك . وعلى هذا الصعيد الخاص بتوصيف التحولات الرأسمالية في التجربة الصينية لابد من القول بأن النظام الصيني الجديد الذي بدأت ملامحه تظهر لليعان منذ عهد " دنج " في نهاية السبعينات ، بدأ يتخذ سمات السياسة الاقتصادية الجديدة التي تم اعتمادها كطريق استراتيجي كفيل بايصال الصين الى المستوى الذي بلغته البلدان الصناعية المتطورة ، وبتحقيق معدلات عالية ومستمرة للنمو ، ورفع مستويات المعيشة للسكان ، وهي سمات اكسبت النظام الصيني الجديد صفة " النظام الهجين " الذي يجمع بين عناصر اشتراكية ورأسمالية ، ويؤلف بينهما بطريقة متناغمة مدروسة وواعية لاتبدو من خلالها التحولات الرأسمالية كخيار رأسمالي على الطريقة الروسية التي اتبعتها موسكو في التسعينات ، ، بقدر ماتبدو فيه كخيار اشتراكي يقوم على توظيف النموذج الرأسمالي في اقتصاد السوق وفق آلية نظام دولة تعتمد الاشتراكية ، لا الرأسمالية 0 وبحسب تعبير قادة الصين الجدد ، "وفق طريقة تكون فيها القاطرة اشتراكية والعربة رأسمالية " فالأصل ليس للقطاع الخاص الذي مازال ينظر اليه كمعامل مساعد ومكمل في مفهوم هذا الشكل الفريد للدولة الصينية التي مازالت بعيدة جداً عن نموذج الدولة التي تعتمد الحرية الفردية ، أو نموذج السوق الحرة التي يجري أحيانا الخلط بينها وبين اقتصاد السوق . فاقتصاد السوق ليس قاصرا على البلدان الرأسمالية ولايعني اتباعه إنشاء سوق حرة ـ حسب مهندسي السياسة الاقتصادية الجديدة في الحزب الشيوعي الصيني ـ لأن هنالك أسواقاً في ظل الاشتراكية أيضا0كان هذا على صعيد توصيف النظام الصيني والتوقعات التي تدل وتؤكد على عدم وجود تغيرات جوهرية عليه خلال السنوات العشر ، أو الخمسة عشر القادمة . ولكن ماذا عن مستقبل الصيبن كقوة صاعدة ومرشحة لكي تكون القوة الاقتصادية الأعظم في العالم حسب الاتجاه الطاغي للتوقعات التي تعتمد النظريات السائدة في مناهج التنبؤ العلمي0على هذا الصعيد الأخير لابد من التذكير بداية بأن الصين لاتعنى بمثل هذه التوقعات التي لم تصدر عنها ، أو يوحيٍ منها، بقدر ما تُعنى بمتابعة التقدم المنشود والحصول على مكاسب وانجازات حقيقية على الأرض وفق فلسفة تدعو الى المثابرة والصبر والأناة وتنبذ السرعة وأساليب حرق المراحل ، بدعوى أن الصين ليست في صراع من الزمن ، ولاتضع نفسها في موقع تنافسي تسعى من خلاله الى الحصول على منزلة الاقتصاد الأعظم في العالم ، بقدر ماتضع نفسها في موقع التحدي مع الذات والاستفادة من الطاقات والامكانات البشرية والموارد والثروات الطبيعية المتنوعة التي تزخر بها الصين ، ( على المستويين البشري والطبيعي ) ، في معركة التحديث والتنمية ورفع مستوى المعيشة واحتلال مركز لائق للصين في أسرة الدول المتقدمة صناعيا. وبحسب المعطيات المتوفرة عن مراحل مسيرة الاصلاح الصينية في العقدين الماضيين ، فان المرحلة القادمة التي ستبدأ مع بداية الربع الثاني من العام القادم 2003 ستحافظ على معدلات النمو المرتفعة التي سجلت في الأعوام الماضية ـ وتناقصت حتى حدود 7-8 في المئة بفعل الخلل الذي أصاب الاقتصاد العالمي وحركة التجارة العالمية بعد أحداث 11 أيلول ـ كما ستحافظ على وتيرة التقدم التي سجلت خلال عهد زيمين وستدفع بالصين نحو الوفاء باستحقاقات جديدة متوقعة على المستوى الاقتصادي وعلى صعيد رفع مستوى المعيشة للشعب الصيني ، ولكن ضمن ظروف اصعب من الظروف التي لازمت مسيرة الاصلاح خلال العقدين المنصرمين ، لأن من سوء طالع الجيل الرابع ان مرحلته المطالبة بالوفاء بالاستحقاقات المقبلة ستكون بدورها متلازمة مع مرحلة البحث عن حلول عملية للمشاكل والأزمات الموروثة ، وبشكل خاص تلك الحزمة من المشاكل التي باتت معالجتها مستحقة ولا تتحمل مزيداً من التأجيل ، مثل مشكلة المشروعات الخاسرة المملوكة للدولة التي تعاني من نقص الكفاءة وضعف المردود وترزح تحت أعباء الديون الباهظة التي تستنفذ خزينة الدولة . ومشكلة الفروقات في الدخل بين سكان المدينة والريف من جهة ، وبين سكان المدن التي أصبحت مسرحاً ووطناً لتجرية الانفتاح التجاري ( مثل شنغهاي و جواندونج ) وسكان المدن الفقيرة في مناطق جنوب الصين ووسطها من جهة أخرى 0 ومشكلة البطالة الناجمة عن إعادة تحديث المشاريع الخاسرة التي ما زالت تهدد بطرد الملايين من العمال سنوياً ، ومشكلة السيولة في القطاع المصرفي الناجمة عن سياسة إقراض البنوك المملوكة للدولة للشركات المفلسة وغير القادرة على السداد 0 وهي سياسة أدت خلال العقدين الماضيين إلى هدر ثلاثة أرباع مدخرات الشعب الصيني على أقل تقدير.
ـ انتهى ـ

المستقبل 30\11\2003

حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا

موبايل:00963944094429

الخميس، 16 يوليو 2009

اسرائيل نهاية الدور التاريخي لحزب العمل:حسن عبد العال

اسرائيل نهاية الدور التاريخي لحزب العمل :على هامش الانتخابات التشريعية في 28/1

حسن عبدالعال

16-7-2009م

التحضير لانتخابات الكنيست السادس عشر في اسرائيل قائمة على قدم وساق ، والأحزاب والقوى المشاركة نعلت قوائمها الأربع استعدادا لليوم الموعود في 28/1 ، ومع بداية هذا الشهر الحاسم في الحياة السياسية الاسرائيلية ، بدأت عدسات المراقبين تتركز على حزب العمل الاسرائيلي ، ليس من زاوية الرؤية التي تتيح على نحو أفضل معرفة مكاسب الحزب من غلة السلة الانتخابية القادمة ، ولامن زاوية الاهتمام به كحزب أصلاًً . وإنما من زاوية التطفل وحب الاستطلاع لمعرفة ما يمكن انقاذه . خلال هذه الحملة الانتخابية الفاصلة ، من بقايا حزب تاريخي باع نفسه بالرخيص في سوق العمل السياسي ، وارتضى قادته لأنفسهم على مدى العامين الماضيين دوراً بات يجمع خصوم حزب العمل على الاعتراف بأنه لايليق بالدور التاريخي والارث التاريخي لهذا الحزب ، الذي اقترن اسمه بتاريخ نشوء دولة اسرائيل وحروبها 0 كما يجمع مؤيدوه بأنه لايليق بدولة اسرائيل هذا المصير الذليل لحزب ظل لنصف قرن يظهر للجمهور بأنه تجسيد للدولة في حكوماتها المتعاقبة وحروبها وعلاقاتها الدولية.المرحلة الفاصلة في مسار الانحدار السياسي والاخلاقي لحزب العمل باتت تتمثل ، بحسب ناقديه من الإسرائيليين ، في القرار الذي اتخذه الحزب المذكور بالمشاركة في حكومة اليمين المتطرف بقيادة شارون ، بدعوى الحرص على الوحدة الوطنية ، ومحاولة كبح جماح اليمين المتطرف الذي يقوده رئيس الحكومة ، بحسب التصريحات المتكررة لعراب هذه المرحلة " شمعون بيريز " الذي أوقع نفسه وحزبه بسوء التقدير ، حسب ناقديه من الإسرائيليين الذين أظهروا ، من خلال مقالاتهم في الصحافة المستقلة ، بأن " العمل " لم ينجح في كبح جماح اليمين المتطرف ممثلا بشارون ، بقدر مانجح هذا الأخير في اللعب بحزب العمل وتحويله من حزب معارض لمشاريعه إلى مشارك فعال بها ، والضرب بسيف الليكود والعمل في وقت واحد0وعلى هذا الصعيد ، ومنذ بداية " السقطة " التي هشمت وهمشت حزب العمل ، كتب كوبي نيب في صحيفة " معاريف " تحت عنوان ( انضمام " دوبرمان " حزب العمل إلى قافلة شارون ) متسائلا عن سوء مصير هذا الحزب التاريخي الذي سقط في مصيدة شارون ، وتحول إلى مجرد دمية رخيصة بين يديه ، رغم الارث التاريخي الذي يمثله هذا الحزب في تاريخ الحركة الصهيونية ودولة اسرائيل . وبحسب كوبي نيب في مقالته اللاذعة فان المسألة لاتبحث أساسا من زاوية دور " اللجام " الذي اخترعه بيريز ، ومن لف لفه من قادة العمل المستوزرين الذين ساهموا في تضليل الرأي العام الاسرائيلي ، وانما من جهة حاجات ومستلزمات شارون ، قائد الحملة اليمينية الجديدة ، الذي تعلم الدرس جيداً خلال قيادته لاجتياح لبنان عام 1982 ، وقادة اكتشافه بأن معارضة الاجتياح المذكور من قبل حزب العمل الذي لم يكن يومها مشاركاً في حكومة بيغن ، يجب أن لاتتكرر ، وبات يتحتم عليه العمل على مشروعه الجديد ( لاجتياح الضفة الغربية وقطاع غزة وتدمير البنية التحتية للسلطة الفلسطينية ) وفق معادلة بسيطة لايكون فيها حزب العمل في موقع من ينبح على القافلة وهي تسير ، كما حصل عام 1982، وانما من خلال تجنيد الحزب المذكور في الطاقم القيادي للقافلة وبالطريقة التي نجح فيها في تحويل وزراء العمل أمثال بيريز وبن اليعيزر إلى مجرد " دوبرمان " يقومون بعملهم بأمانة واخلاص في خدمته كقائد للقافلة ]معاريف " 24/5/2001 [ 0 وفي الصحيفة ذاتها وتحت عنوان ( نهاية حزب العمل ) كتب يحيعام فايس مستذكراً الأيام الغابرة يوم كانت الحياة الداخلية ، وشؤون حزب العمل عامة ، تشغل اسرائيل بكل قطاعاتها وفئاتها الاجتماعية المختلفة ، وبشكل خاص في أوقات المنافسة على قيادة الحزب التي كانت تشغل الرأي العام باعتبارها حدثاً وطنيا بكل المقاييس ، ومقارنا مع ما آلت اليه مصائره منذ ربيع عام 2001 ، وتحوله من حزب معارض لليمين المتطرف إلى مجرد حزب هامشي وتابع ذليل في دولة ارتبط اسمه باسمها وتاريخه بتاريخها 0 وعلى هذا الصعيد ومساهمة منه في الاجابة على التساؤلات العديدة عن السبب الكامن وراء ظاهرة التحول وعدم مبالاة الجمهور الاسرائيلي بانتخابات حزب العمل السابقة التي جرت في تموز 2001 ، يلاحظ فـايس بأن الحزب بات صورة طبق الأصل عن قادته الجدد0 وكما كان من قبل ـ في نظر الاسرائيليين ـ حزبا مهيباً في ظل قادة مهابون أمثال بن غوريون أو رابين ، فهو الآن من طينة المتنافسين الأكثر جدارة على قيادته من أمثال بنيامين بن اليعيزر ، الذي يعتبر سجله " مفخرة " كخادم للأسياد الذين عمل في ظلهم بدءاً من أهرون أبو حصيره ، و وايزمن ، ورابين ، وباراك ، وانتهاء بسيده الليكودي الجديد وملك اسرائيل الحالي آرييل شارون 0 أو أمثال " أزعرسياسي " من طينة ابراهام بورغ 0 أما السبب الحقيقي والعميق لظاهرة سلبية الجمهور وعدم مبالاة الرأي العام الاسرائيلي بحزب العمل ، فهو بحسب فايس مجرد نتيجة منطقية للمصير الذي وصل اليه كحزب انهى وظيفته بطريقة غير مشرفة ، وبات كحزب يجد نفسه قابعاً في المصير الذي آل اليه : " في سهلة مهملات التاريخ " ] " معاريف " 17/7/2001 [.إلى جانب معاريف ركزت صحيفة هآرتس خلال العامين الماضيين على ازمة حزب العمل كحدث تراجيدي صدم الفكر السياسي الاسرائيلي عامةً ، بقدر ما أثار غضب وقرف بعض ممثليه من اليساريين المحترفين ، الذين هالهم انتقال حزب العمل من موقع المعارضة اليسارية لحزب الليكود ، إلى موقع الخادم بالأجرة والشريك بالسمعة والمسؤولية السياسية بنهج الليكود ومشاريعه المدمرة ، ليس فقط لعملية السلام ومع الفلسطينيين وانما ، وفي الدرجة الأولى ، المدمرة للدولة وللمكاكسب المادية والمعنوية التي جنتها اسرائيل خلال نصف قرن 0 وعلى هذا الصعيد كتب " يوئيل ماركوس " الكاتب المعلق السياسي المخضرم في صحيفة هآرتس بتاريخ 16/11/2001 متساءلا عن فداحة هذا التحول المأساوي الذي لحق بحزب العمل الذي فقد صفة الحزب وتحول في أحسن أحواله إلى مجرد ـ هيئة مسماة " عمل " ـ لايملك سياسة خاصة به ، مثل ايام رابين ، بقدر مايملك توجهات لجماعة مستوزين يجلسون باسم " العمل " على طاولة الحكومة إلى جانب " لنداو " و ": ليبرمان " وجماعة شاس . وبحسب ماركوس في مقالته المذكورة فان حزب العمل ـ أو الجسم المسمى " عمل " حسب تعبيره ـ قد تشظى إلى اقطاعيات متباعدة . والحزب التاريخي الذي اسس آباؤه الدولة بات يعج بالأميبيات النشطة التي تأكل الواحدة الأخرى ] يوئيل ماركوس " هآرتس " 16/11/2001 [ . وفي مقالة ظهرت مؤخراً كتب ماركوس في " هآرتس " عما ستؤول اليه الأمور يوم الاستحقاق القادم في ] 28/1/2003 [ الذي سيظهر وفق المعطيات واستطلاعات الرأي بأنه يوم حدوث الصدمة والانقلاب السياسي الدراماتيكي الذي سيكرس " الليكود " في موقعه الذي احتله بقوة في مركز الحزب الأكبر في الدولة ، والقائد الأوحد للدولة ، بعد 20 شهراً من الشراكة ـ غير المتكافئة ـ التي خدمت الليكود و دمرت " العمل " . وبذات القدر سيكرس " العمل " في الموقع الذي انحدر اليه كحزب من الدرجة الثانية " لايزيد حجمه عن نصف حجم الليكود 0 وهو موقع لم يكن أحد يتصوره من قبل بحسب ماركوس ، وحتى في أحلامهم المرعبة لم يتصور رؤساء " مباي " التاريخي لأنفسهم امكانية أن يكون " الليكود " من فوق و " العمل " من تحت 0 ولاشك بأنهم سيتنفضون من داخل قبورهم لهول الكارثة يوم 28 كانون الثاني من العام 2003 ] يوئيل ماركوس " هآرتس " 10/12/2002 [.المفكر السياسي اليساري الإسرائيلي المقرب من يسار العمل " أوري أفنيري " له القول الفصل أيضا ، وربما أكثر من غيره ، على هذا الصعيد الخاص بتقييم ظاهرة انحدار موقع " العمل " ومنزلته في الحياة السياسية الاسرائيلية 0 فهو يرى بدوره بان تجرية العشرين شهراً من الشراكة بين " العمل " و " الليكود " كانت انتحاراً لحزب العمل ، وضربة قاضية لارث وماضي حزب كبير فقد عفته " وتحول إلى مجرد عشقيقة حقيرة لشارون " ، والى ليكود ـ ب ـ لأكثر من عام ونصف العام 0 وسيكون مصيره من جراء السقطة الأخيرة ، الهلاك المحتم بفعل هذه " البقعة السوداء " في تاريخه ، التي ستظهر نتائجها السلبية في انتخابات الكنيست المقبلة ] 28/1 [ بطريقة ستقزم دور الحزب في الحياة السياسية ، وتجعله غير قادر على الوفاء " حتى بدور المعارضة " ] أوري أفنيري ، هآرتس " بتاريخ 14/11/2002[ 0 مع ضرورة التذكير بأن هذا التقييم لأفنيري يمتد إلى حزب العمل حتى في مرحلة ما بعد انتخاب " عميرام ميتسناع " رئيسا للعمل 0 لأن هذا الأخير سيرث بقايا حزب ، كان له شأن في الماضي ، وعليه أن يجهد لسنوات طويلة في تصحيح مساره ، لعله يستطيع استعادة بعض ما فقده من التأييد عند القاعدة الجماهيرية العريضة التي بدأت تشيح وجهها عن حزبها القديم الذي فقد ظله ، وتتوجه بصلواتها نحو اليمين0على صعيد آخر يمكن القول بأن الحديث عن نهاية الدور التاريخي لحزب العمل وتحوله من حيث الأهمية إلى " حزب ثاني " بعد الليكود ، لايعني بداهة ثبات الحزب المذكور في موقعه كقوة ثانية في الحياة السياسية الاسرائيلية ، بقدر ما بات يعني بأن مصيره كحزب أصبح محكوما عليه بالتراجع السريع عن موقعه الحالي خلال الشهور القليلة القادمة ، وتحوله الدراماتيكي إلى حزب من الدرجة الثالثة ، والعامل المهم في هذا التحول المرتقب بات يتمثل بالولادة الوشيكة المرتقبة للحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي سيتشكل من اتحاذ حركة " ميرتس " اليسارية بزعامة يوسي ساريد ، مع حركة السلام الجديدة المنشقة عن حزب العمل ": شاحر " ] أي " الفجر " [ بزعامة يوسي بيلين ، اضافة إلى حركة " السلام الآن " و " كتلةالسلام " و " حزب الخيار الديمقراطي " وحشد من المثقفين اليساريين ودعاة السلام ، ومن التنظيمات الصغيرة المشاركة في حركة السلام 0 وبحسب التوقعات فان الحياة السياسية الاسرائيليية التي ستشهد المزيد من الانضمام الى " الحزب الاشتراكي الديمقراطي " واتساع قاعدة نفوذه كحزب معارض ووارث للموقع القديم والمنزلة التاريخية اللتان خسرهما العمل ، ستشهد بدورها مزيداً من التشظي داخل حزب العمل بين الاتجاه " الحمائمي " الذي يمثله الزعيم الجديد المنتخب عميرام ميتسناع ، والقاضي باستعادة حزب العمل لملامحه بعد عامين ظهوره بمظهر " ليكود " ـ ب ـ واتجاه " الصقور " الذي يمثله وزير الدفاع السابق بنيامين بين اليعيزر الذي مازال يعطي الأولوية لملف " الأمن " على حساب " السلام " والقاضي بالمحافظة على النهج السابق داخل الحزب ، والذي استحق عليه التوصيف التهكمي الجارح : ( ليكود ـ ب ـ )
.ـ انتهـــــــــــــــى ـ

حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا

موبايل:00963944094429

الخميس، 9 يوليو 2009

الشرق الأوسط بين مطرقة الجهاديين وسندان المحافظين الجدد:حسن عبد العال



الشرق الأوسط بين مطرقة الجهاديين وسندان المحافظين الجدد


حسن عبد العال


10-7-2009م


بعد أقل من عام على حادثة 11 أيلول 2001 التي هزت أميركا والعالم ، بدأت كل المؤشرات تدل على أن الشرق الأوسط أصبح عرضة لعملية اعادة تشكيل وترتيب شبيهة بتلك العملية التاريخية التي تمت عام 1916 وفق صيغة معاهدة سايكس بيكو التي لم تقتصر مفاعيلها وقتذاك على صعيد اعادة رسم خارطة نفوذ القوى العظمة على منطقة الشرق الأوسط وانما تعدت ذلك لتشمل عملية اعادة تشكيل وترتيب الخارطة السياسية للشرق الأوسط العربي0 وبأن واشنطن ستحل محل لندن وباريس وتمثل منفردة دور القوة الدولية المهيمنة والمتحكمة بالعملية برمتها ، أي باعادة تشكيل وترتيب الشرق الأوسط الجديد ، أو الأكبر ، وفق صيغ مختلفة لاتقتصر كسابقتها على اجراء تعديلات وتقسيمات جغرافية واستحداث كيانات جديدة تضاف إلى مجموعة المكونات السياسية التي يتشكل منها الشرق الأوسط وانما تطال بالتعديل والتغيير النظم السياسية والتربوية وقواعد السلوك المتوارثة 0 وبحسب جيل كيبيل في كتابه ( حروب في ديار المسلمين ) فان هجوم 11 أيلول ( سبتمبر ) 2001 الذي قامت به منظمة القاعدة بهدف توسيع المجال الجغرافي لنشاطها ليتجاوز العالم العربي والاسلامي كان بمثابة الحدث الذي تسبب عن غير قصد بتمهيد الطريق أمام القطار الأميركي لعبور الشرق الأوسط بطريقة لم يعهدها تاريخ علاقة أميركا بهذه المنطقة من قبل 0 فالهجوم الذي أرادت من خلاله القاعدة اعادة الحيوية وتنشيط الجسم الجهادي في العالم العربي والاسلامي الذي بدأ يشهد فتورا في الهمة ، عمل بدوره على جبهة الطرف الآخر ، الأميركي ، إلى فتح صندوق باندورا المحافظين الجدد وانبعاث كل مافيه من أفكار ومشاريع سوداء كانت تتوعد بالمنطقة منذ نهاية الحرب الباردة وتستهدف اعادة صياغة الشرق الأوسط بالطريقة التي تضمن لاسرائيل دورا طبيعيا وحيويا فيه ، وتوفر للولايات المتحدة سبل السيطرة الاستراتيجية على المنطقة وثرواتها النفطية الهائلة 0 وهكذا بحسب كيبيل فان منظمة القاعدة التي ارتأت من خلال هذه العملية الفائقة الدقة والجرأة التي استهدفت نيويورك وواشنطن ايقاظ جيل من الجهاديين الذين بدأ يدب الخمول في صفوفهم داخل العالم العربي والاسلامي لم تكن تدري بأن فعلتها هذه قد تسببت ، فيما تسببت ، بالغاء الامتياز والاحتكار الذي كانت تحظى به منظمة القاعدة باعتبارها صاحبة المشروع العام والشامل الذي يستهدف المنطقة برمتها ويعمل على استبدال الأنظمة العلمانية والقمعية المتحكمة بالبلاد ورقاب العباد بنظام حكم اسلامي وفق الصورة أو النموذج الذي تطمح اليه 0 فالمفاعيل الناجمة عن هجوم 11 أيلول ، وبالأخص على صعيد اعلان الحرب الأميركية على مايسمى بالارهاب الاسلامي ، دفع بالولايات المتحدة لاثبات حضورها في الشرق الأوسط ليس فقط على صعيد ضرب قواعد الارهاب الاسلامي كما حصل في افغانستان واستئصال شأفة الأنظمة القمعية التي تمتلك اسلحة غير تقليدية كما حصل في العراق ، وانما ايضا على صعيد التدخل في الشؤون السياسية لكل دولة على حده على صعيد الدعوة لقيام اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ونشر الديموقراطية ضمن حدود كل دولة ، وعلى امتداد المنقطة ، باعتبار أن الضغط السياسي والأمني الذي تمارسه الأنظمة على شعوبها ومايتفرع عنه من أساليب التضييق على شؤون حياتهم ومعيشتهم هي أساليب مولدة للارهاب ومفرخة الأجيال من الارهابيين المقبلين ، والمطالبة بتعديل الثقافة التي تبرر العنف أو تحرض عليه 0 وعلى هذا النحو فان زلزال 11 أيلول وما نجم عنه من ارتدادات ومفاعيل لم تكن في حسبان قادة القاعدة قد جعل المنطقة بين سندان الأصولييين الاسلاميين ومشروعهم السياسي القائل باستعادة نظام الخلافة على الديار الاسلامية، ومطرقة المحافظين الجدد ونهجهم السياسي القائل بفرض الديموقراطية والتخلي عن دعم الأنظمة الملكية والجمهورية العربية الفاسدة التي تدور في فلك الولايات المتحدة ، والعمل على الاطاحة بها ، والتخلي عن النهج السابق الذي درجت عليه الادارات الأميركية السابقة والذي كان يستهدف حفظ التوازنات التقليدية في المنطقة ، أي التوازن بين العرب واسرائيل لمصلحة الأخيرة 0 والذي بموجبه بدأت الادارة الأميركية باتباع سياسة التقليل من شأن الأنظمة العربية التي كانت تحظى بدعم وتأييد واشنطن ( مثل المملكة العربية السعودية ) والاعلاء من شأن دولة اسرائيل وسياساتها0أخيرا لابد من التذكير بأن ج كيبيل في كتابه ( حروب في ديار المسلمين ) لجأ إلى تخصيص فصول خاصة تسهب في وصف ظاهرة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة وتستعرض تاريخها وتاريخ كل المتنفذين الذين مثلوا هذه الظاهرة وأيديولوجيتها في واشنطن منذ بداية الستينات حتى أيامنا هذه 0 كما لجأ إلى تخصيص فصول تسهب في وصف الحركة الأصولية ، أو الجهادية ، التي يمثلها ويتزعمها ويعبر عن أيدلوجيتها رجال من امثال ابن لادن والظواهري ، وبالتالي يسهب في تقديم السيرة الشخصية لكل منهما وهي سيرة تجعل كاتبها اسيرا للحيرة أمام مشهد التناقص الظاهري الذي يمثله كل منهما ، أو كلاهما ، أي أسيراً للحيرة أمام هذه الظاهرة المتناقضة التي تشير إلى أن هذان السيافان اللذان يظهران للعيان بمظهر الوريثان المزعومان للجهاد وللأمة ، هما في نفس الوقت وبنفس المقدار وريثا الثورة الرقمية والعولمة من الطراز الأميركي ، ففيهما اجتمعت ، لا بل قل إتحدت ، الوهابية مع وادي السيليكون.

ـ انتهـــــــى ـ


الكتاب : الفتنه : حروب في ديار المسلمين
الكاتب : جيل كيبيل
الناشر : دار الساقي ، بيروت 2004

المستقبل 24\7\2005م

حسن عبد العال


باحث فلسطيني مقيم في سوريا



موبايل:00963944094429

الأحد، 28 يونيو 2009

مساهمه في نقد التقسيم الوهمي للعالم:حسن عبد العال



مساهمة في نقد التقسيم الوهمي للعالم


حسن عبدالعال


28-6-2009م


هل تقسيم العالم إلى شرق وغرب له جذور في المواقع الموضوعي ، وهل للشرق والغرب سمات أبدية كما يقول دعاة تقسيم العالم إلى " غرب " دينامي ومتحضر ، و " شرق " بربري قاسٍ وخمول 0 وهل للشرق حدود وللغرب حدود ، وما هي معايير تحديدها 0د0 جورج قرم يجيب بإسهاب وتفصيل على مثل هذه التساؤلات بكتاب صدر في باريس عام 2002 ونقل إلى العربية خريف عام 2003 ، وفي هذا الكتاب الذي حمل عنوان ( شرق غرب : الشرخ الأسطوري ) يجهد الكاتب ] وهو بالمناسبة خبير مالي واقتصادي [ في محاولته لدحض هذا التقسيم المصطنع للعالم إلى شرق وغرب من خلال نزع الصفة العلمية التي تدعيها المدارس واتجاهات الفكر التي تقول بهذا التقسيم في الغرب ، واعتبارها مدارس واتجاهات فكر مُضلِلة هدفها خدمة هوية محدده أو انتماء محدد ، وبالتالي الاستجابة بطريقة مباشرة ، أو غير مباشرة ، للمشاريع الخاصة بالمصالح المادية للدول الغربية التي تجيد استخدام مقولات هذه المدارس واتجاهات الفكر وتجنيدها في خدمة سياساتها وأهدافها القائمة على نزعة السيطرة والتفوق ( كما في حالة استخدام المقولة الرائجة عن سمات العصر الحالي كعصر صراع بين أنظمة شمولية شرقية الطابع ، و ديمقراطيات غربية السمات والأصول).في سعيه لتفكيك مقومات تقسيم العالم إلى شرق وغرب من خلال نقد وتعرية أبرز مقولات الفكر الغربي الذي بقي أسير هذه الثنائية ، يوجه د0 قرم سهام نقده إلى جذور الشرخ الوهمي للعالم و إلى ظاهرة اعتماد ثنائيات تقوم على مسلمات أساسية تدعي صفة العلم . كما في حالة الادعاء بانقسام العالم إلى عنصرين (آري ) و ( سامي ) ، و حصر صفة العقلانية و التقدم بالعنصر الآري ، و صفة البربرية و التخلف بالعنصر السامي . و هي الثنائية التي كان " أرنست رينان " أحد أبرز منظريها ، من الغربيين ، و التي تقوم على أساس من الخرافة الرائجة التي تقول بأصل هندو- أوروبي ( أو هندو – جرماني ) للغرب ، و بأن هذا الأصل هو الذي أعطاه ميزة ديناميتية و تفوقه الأبدي على الشرق السامي .ومن خلال هذه المساهمة في نقد و تفنيد جذور هذا الشرخ الوهمي للعالم إلى شرق سامي و غرب آري ، لا يسعى د. قرم إلى وضع الفكر الغربي برمته في سلة واحدة ، بقدر ما ينحو في مساهمته المذكورة إلى التمييز بين فكر و آخر . بين فكر نقدي ما زال يحافظ على الخطاب النقدي الذي صنع قوة الغرب الحقيقية منذ عصر الأنوار ، و فكر غيبي ميتافيزيقي و لا عقلاني ، أي أن مساهمته في نقد و تعرية جذور هذا الشرخ الوهمي للعالم في الفكر الغربي لم تتم من خلال معالجة محدودة لمفكر من الشرق من خارج هذا الفكر الغربي ، و إنما من داخله ، و من وجهة نظر لا ترى مخاطر الخطاب الغيبي الميتافيزيقي المذكور على أنها تمس الشرق وحده ، و إنما الغرب أيضا ، لما فيه من خروج سافر على الخطاب النقدي الذي ساهم في ارتقاء الغرب و صنع قوته الحقيقية . و لهذا نجد الكاتب في نقده للخطاب الغيبي الميتافيزيقي في الغرب حريصا على فلسفة الأنوار و على الفكر النقدي و رموزه من المعاصرين في الغرب أمثال بيار بورديو ( توفي عام 2002 ) و ريجيس دوبريه في فرنسا ، و يورغن هابرماس في ألمانيا ، و إريك هوسباوم في انكلترا و إدوارد سعيد ( توفي في شهر أيلول من عام 2003 ) و نعوم تشومسكي في الولايات المتحدة . كما نجده مدافعا عن الخطاب النقدي الذي ينتمي إليه الكاتب الذي يحذر الغرب المتملق للفكر الغيبي الميتافيزيقي اللاعقلاني من خطر التهميش الذي يتعرض له الخطاب النقدي في الغرب قبل و بعد 11 أيلول 2001 خاصة في تلك المرحلة التي أعقبت نهاية الحرب الباردة و ما شهدته من رواج أفكار و مفاهيم غيبية و مسطحة لا تصمد أمام النقد و تبشر بصدام قريب بين الأديان و الحضارات ، أو بين الغرب الليبرالي و الشرق التوتاليتاري ، و بين غرب مسيحي عقلاني و متحضر و شرق إسلامي بدائي و معادي لمدنية و حضارة الغرب .إلى جانب نقده للعلمانية المخادعة للثقافة الغربية المعاصرة ( التي ما زالت مثلها العليا علمانية الشكل ، و على صعيد العلاقة بين الديني و السياسي رهينة الفكر التوراتي ) و دحض أسطورة تقسيم العالم إلى غرب آري و شرق سامي ، و دحض بدعة المعجزة الإغريقية ، و نقد الخطاب النرجسي الذي يُمجِّد أسطورة عبقرية الغرب و يحرص على تأكيد مركزية الغرب على المستوى الكوكبي و على ضرورة فرنجة العالم ... الخ . يلتفت د0 قرم إلى الضفة الأخرى ، إلى الشرق حيث التخيلات و التصورات الذهنية عن انقسام العالم إلى شرق ( روحاني و مؤمن ) و غرب ( مادي و كافر ) بدأت تنشط و تتأسس من جديد و بصيغ أقرب ما تكون إلى الحزبية بفعل تنامي الحركات الدينية الإسلامية الطابع التي تشارك الأطروحات الغربية و تتناغم معها حول انقسام العالم إلى شرق و غرب لا يلتقيان . و هو لقاء لا يعود إلى تصورات مشتركة عن وجود شرخ له جذور في الواقع الموضوعي بحسب تأكيدات ( وبراهين ) د0قرم ، و إنما يعود إلى النزعات التي تعنى بالتعبير عن الهوية و الانتماء في الشرق ، كما في الغرب . و هذا المسار الذي يسلكه هذا الشرخ الوهمي للعالم سواءً في الشرق أو في الغرب هو مسار يصب في طواحين المصالح الدنيوية في عالم الأقوياء و يستجيب لطموحات الدول و توجهاتها الجيوستراتيجية العالمية ، حيث يظل هذا الشرخ سلاحا بيد الغرب القوي والمهيمن يستخدمه وفقا لأهوائه و لمتطلبات التوسع في مناطق سيطرته و نفوذه في الشرق المتخيل وعلى رأسه بالطبع الشرق العربي والاسلامي.

* قراءة أولية في كتاب جورج قرم ( شرق غرب : الشرخ الأسطوري ) الصادر عن دار الساقي ، بيروت 2003

النور الاسبوعيه 1882004م
حسن عبد العال
باحث فلسطيني مقيم في سوريا
mervat10mm@yahoo.com
موبايل:00963944094429

الأربعاء، 24 يونيو 2009

معدلات الانحلال الأخلاقي داخل الجيش الاسرائيلي هي الأعلى في العالم:حسن عبد العال


معدلات الإنحلال الأخلاقي داخل الجيش الإسرائيلي هي الأعلى في العالم


•حسن عبد العال*


24-6-2009م


مع اقتراب نهاية العام قبل الماضي ، 2004 ، أعلن قائد الشرطة العسكرية الإسرائيلية الجنرال " فايكي باربل" بأن تفشي ظاهرة الإدمان على المخدرات داخل الوحدات العاملة في الجيش الإسرائيلي وصلت إلى حد لم يعد من الممكن السكوت عنه ، بحيث بدأت تسجل ازديادا ً ملحوظا ً في السنوات القليلة الماضية و وصلت إلى حدها الأقصى أعوام 2004،2003 و هو 10 في المئة " استنادا إلى الضبوط المسجلة لدى الشرطة العسكرية و الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية" ] رويتر ، 28/12/2004 [. و برغم أن نسبة 10 في المئة هي نسبة مرتفعة جدا و غير متصورة ليس في جيوش الدول التي تحترم نفسها ، و إنما في صفوف فرق المرتزقة . فإن ما يثير دهشة المراقب المهتم في الشؤون الإسرائيلية ليس النسبة المرتفعة في حد ذاتها ، بقدر ما يثير دهشته الاعتراف الرسمي بالأرقام الفعلية و بمدى ما وصلت إليه بعد ثلاثة عقود من الزمن على أول اعتراف رسمي عن وجود المشكلة ، بداية عام 1976 ، و ما رافقها من أصداء صحفية على التصريح المنسوب للناطق الرسمي في الجيش الإسرائيلي الذي أقر وقتذاك بوجود المشكلة داخل صفوف الجيش ، و لكن من دون أرقام أو تفصيلات.و في عودة إلى الأصداء الصحفية التي واكبت أول اعتراف رسمي بوجود مشكلة تعاطي حشيشة الكيف داخل الوحدات العاملة في الجيش الإسرائيلي لابد من التذكير من خلال العودة إلى أرشيف الصحف الإسرائيلية في ذلك العام بمقالة الكاتب اليساري الإسرائيلي و عضو الكنيست (في ذلك الوقت) يوري أفنيري و التي حملت عنوان بالغ الدلالة : "الجنرال حشيش يخدم في جيش الدفاع"- نُشر في صحيفة "هعولام هزيه" بتاريخ 7/1/1976 – فمن خلال هذه المقالة التي كانت تعتمد على مصادر معلومات خاصة من داخل الجيش تحدى أفنيري وقتها الناطق العسكري الذي أفاد بوجود المشكلة إذا كان قادرا ً على تجاوز الخطوط الحمراء المرسومة له و الإفصاح عن أرقام أو نسب مئوية باتت متوفرة لدى قادة الجيش و الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ، عن الأعداد الحقيقية للمتعاطين ، و الموردين، و المروجين, للمخدرات داخل الفرق العسكرية و في كافة الوحدات . و بحسب أفنيري و مصادره في ذلك الوقت فإن حجم المشكلة باتت متصورة بأبعادها رغم امتناع الدولة عن كشف الحجم الحقيقي لها ، لأن دلائل الأمور باتت تشير إلى أن عدد العسكريين المدمنين الخاضعين لتأثير و سيطرة المخدرات كبير إلى حد بات بالإمكان القول بأنهم يشكلون من الناحية العددية أحجاما قد تزيد عن التعداد العام للجنود العاملين في أحد صنوف الأسلحة أو إحدى التشكيلات التي يتكون من مجموعها جيش الدفاع . و هو الأمر الذي يدعو إلى الاستنتاج بأن " الجنرال حشيش " بات يحتل ، و لكن على نحو خفي أو غير مباشر ، المنزلة الأولى و الأوسع نفوذاً والأوسع سطوة ً من مجموعة الجنرالات التي تقود ألوية و فرق الجيش الإسرائيلي .المدارس الثانوية ترفد الجيش بالمدمنين :في البحث عن مصادر المشكلة يبدو بأن المعنيين بالتصدي و البحث في هذا الملف ما زالوا حتى اليوم متفقون على أن مصدر هذه المشكلة و منبعها الرئيس الذي يرفد الجيش سنويا ً بالآلاف من المدمنين يتمثل في المدارس الثانوية في إسرائيل ، و بأن معالجة هذه المشكلة تبدأ من البيت و المدرسة ، و ليس من داخل الجيش الذي يعتمد أساسا ً على الخدمة الإلزامية التي تُغذي الجيش من مصادر مختلفة ( أهمها الطلاب الذين أنهوا المرحلة الثانوية ) بطوابير من المدمنين الذي يلتحقون بالخدمة الإلزامية و يجلبون معهم إلى الجيش إدمانهم و بالتالي يجدون في مواقع خدمتهم كل ما يحتاجون إليه من رفاق السلاح القدامى من موردين و مروجين للأصناف المختلفة من المخدرات التي لم تعد تقتصر على حشيشة الكيف كما كان الأمر في السبعينات . و هذه المجموعات التي تلتحق بالجيش سنويا ً عن طريق الخدمة الإلزامية لا تقتصر على الشباب الذين يلتحقون بالخدمة الإلزامية ومدتها 3 سنوات ، و إنما أيضا على الفتيات اللواتي يلتحقن بالخدمة و مدتها سنتان . فظاهرة الإدمان المتفشية في المدارس الثانوية الإسرائيلية و التي ترفد الجيش بطوابير المدمنين لا تقتصر على الذكور ، و إنما أيضا على الإناث من المرحلة المذكورة . و لهذا الأمر فإن قائد الشرطة العسكرية الجنرال فايكي باربل الذي غمز من قناة المدارس الثانوية باعتبارها منبع و أصل المشكلة التي يعانيها الجيش منذ السبعينات لم يكن مطالبا ً بالتوضيح بأن نسبة الـ 10 في المئة من المدمنين من الجنسين ، لأن هذه الحقيقة باتت معروفة و مسلم بها في إسرائيل منذ عقود.إدمان و دعارة و جرائم اغتصاب جنسي داخل الوحدات :ظاهرة الإدمان على المخدرات في المدارس الثانوية وسط الطالبات كانت و ما تزال ترتبط منذ السبعينات (من القرن المنصرم) و حتى بداية الألفية الثالثة بالدعارة ، أو بتعبير أدق و أكثر تحديدا ً منقول عن الأدب الاجتماعي في إسرائيل الذي يصنف الممتهنات إلى نوعين "زانيات النهار" و "زانيات الليل" ، ترتبط بدعارة النهار . و بحسب صحيفة " يديعوت أحرونوت " بتاريخ 24/6/1979 فإن ظاهرة الدعارة إلى جانب الإدمان على المخدرات باتت من الظواهر الثابتة في المدارس الثانوية في إسرائيل . فالطالبات يُقدمن المتعة الجنسية لمن يطلبها مقابل المال . فالطالب ـ وغير الطالب ـ الذي يرغب بلقاء عاهرة في تل أبيب على سبيل المثال لم يعد في حاجة لارتياد بيوت الدعارة المرخص بها في بيت يادلين ، أو تل باروخ ، أو حي رامات أبيب ... الخ . ففي المدارس الثانوية بات يتوفر العديد من الطالبات الممتهنات اللواتي يفين بالغرض و بأقل من التعرفة الرسمية . و بحسب صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية فإلى جانب امتهان الدعارة مقابل المال هنالك وجه آخر تتم فيه الدعارة بدون مقابل و ذلك من خلال ظاهرة التعاطي الجماعي للمخدرات التي يقوم من خلالها طلاب و طالبات المدارس الثانوية بتعاطي حشيشة الكيف ثم يعقب ذلك حفلات تعرية و …..الخ ( " جيروزاليم بوست " بتاريخ 30/3/1981 ) و هو الأمر الذي بات يشكل منذ السبعينات مصيبة مزدوجة منقولة من المدارس الثانوية إلى الجيش . فالفتاة المدمنة المدعوة للخدمة الإلزامية لمدة عامين تنقل إدمانها إلى الجيش ، إضافة إلى الدعارة و هي ظاهرة باتت متفشية في الجيش الإسرائيلي بين المجندات اللواتي يقدمن خدماتهم الجنسية مقابل المال الذي يدفعه الضباط و الجنود . أما الطالب المدمن المدعو للخدمة الإلزامية لمدة ثلاثة أعوام فبدوره ينقل إدمانه إلى الجيش ، إضافة ً إلى ميزة أخرى متفشية أساسا ً بين المدمنين من المجندين ( و بنسبة أقل بين الجنود المتطوعين و صف الضباط و الضباط داخل الجيش الإسرائيلي ) و تتعلق بممارسة سلوكيات جنسية شاذة تتراوح بين جرائم الاغتصاب الجنسي للمجندات داخل الوحدات ، و جرائم أخرى جنحية و أقل خطورة و تتعلق بالتحرش الجنسي بالمجندات. و على هذا الصعيد الأخير الواسع الانتشار في كافة التشكيلات العسكرية الإسرائيلية ، و داخل مكاتب هيئة الأركان و وزارة الدفاع ، فإن المجندين هم جزء من المشكلة و ليسوا كل المشكلة كما في حالة جرائم الاغتصاب الجنسي للمجندات . ففضائح التحرش الجنسي باتت في السنوات الأخيرة لا تقتصر على الضباط المجندين و إنما تشمل أيضا ضباط من رتب عالية , ( و أحيانا ً تصل إلى رئيس الأركان و وزير الدفاع بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية التي انشغلت منذ ستة أعوام بفضيحة تحرش جنسي داخل الوزارة كان بطلها وزير دفاع سابق ).أخيرا ً و على صعيد تفشي ظاهر اغتصاب الفتيات المجندات داخل الجيش الإسرائيلي ، و بنسب مرتفعة لا مثيل لها في عالم الجيوش التي تضم في صفوفها عنصر النساء ، فالجيش الإسرائيلي بات يُصنف منذ السبعينات ( من القرن المنصرم) بحسب المسؤولة الإسرائيلية السابقة عن سلاح النساء " داليا راز " على أنه أكثر جيوش العالم الغربي تخلفا في هذا المجال " ( – " هعولام هزيه " ، بتاريخ 28/4/1977 ــ ). و لما كان الأمر لا يقتصر على جرائم الاعتداء الجنسي داخل الجيش ، و انتشار هذه الظاهرة الخطرة على الطرقات القريبة من الثكنات العسكرية ، فالمعلومات الإسرائيلية المتوفرة منذ السبعينات تفيد بأن ظاهر انتشار المخدرات داخل وحدات الجيش و اشتراك العديد من الضباط الإسرائيليين في حفلات الدعارة الجماعية داخل الوحدات قد أدت إلى اتساع رقعة جرائم الاغتصاب الجنسي وامتدادها إلى خارج حدود الوحدات العسكرية و بدأت تطال ضحاياها " من المجندات " و السائحات الأجنبيات و الطالبات العائدات من المدارس " . و لقد وصلت مخاطر هذا السلوك الإجرامي الذي كان يمارسه المجندين و الضباط المجندين في المناطق النائية ، و على الطرق الفرعية ، إلى حد مناقشته في الكنسيت الإسرائيلي صيف عام 1978 و تشكيل لجنة برئاسة عضو الكنسيت والقيادية في حركة ميرتس ـ وقتذاك ـ " شالوميت ألوني " مهمتها " حماية المجندات و السائحات الأجنبيات و الطالبات من الاغتصاب ، و تقديم المعالجة الطبية و أشكال أخرى من المساعدة لهن " – هآرتس ، بتاريخ 15/8/1978 .


منتصف حزيران 2004م
- انتهى -


حسن عبد العال


باحث فلسطيني مقيم في سوريا



موبايل:00963944094429



الأحد، 21 يونيو 2009

11ايلول كرد فعل على الانحياز الامريكي لاسرائيل: حسن عبد العال


11 أيلول كرد فعل على الانحياز الأميركي لاسرائيل


حسن عبد العال


21-6-2009م


ديفيد ديوك النائب الأميركي السابق عن ولاية لويزيانا ، هو واحد من تلك الفئة القليلة العدد من الأميركيين الذين تسبب لهم هجوم الحادي عشر من أيلول بصدمتان : الأولى صدمة الحدث في حد ذاته ، والثانية صدمة ناجمة عن تهرب أميركا من مواجهة الحقيقة ، والاعتراف بالأسباب الحقيقية التي أدت إلى قيام مجموعة من الكوماندس العرب المسلمين بصب حقدهم الدفين على أميركا، وإقدامهم على تدمير برجي مركز التجارة العالمي في مانهاتن ، وتدمير قسماً من مبنى البنتاغون في واشنطن 0 وبحسب ديوك فإن الصدمة الثانية لاتقل قساوة عن الصدمة الأولى ، لأن أميركا التي تعرضت لاعتداء الحادي عشر من أيلول بسبب دعمها غير المحدد للحرب الإسرائيلية الغاشمة على الشعب الفلسطيني وانتفاضته، تعرضت بدورها ومازالت تتعرض لجريمة ثانية لاتقل فداحة عن الأولى، وتتمثل هذه المرة بما بات يحاك من مؤامرات لغسل دماغ الشعب الأميركي من قبل قادته، وإيهامه على طريقة جورج دبليوبوش وكبار معاونيه بأن سبب الاعتداء على أميركا وكراهية الأميركيين عائد إلى مجرد كونهم أحرار ، وبأن هدف المعتدين هو " الحرية الأميركية" ، ويعترف ديوك بمرارة بأن الشعب الأميركي الجاهل بتاريخ الارهاب الإسرائيلي في الشرق الأوسط ، وإنعكاسات هذا التاريخ على المصالح القومية الأميركية، وقع في الشرك بسهولة وبات ضحية هذه الفكرة الرئاسية السخيفة التي كانت تستهدف أصلا الالتفاف على أصل المشكلة وإبعاد الأميركيين عن مجرد ملامستها0في كتاب النائب السابق ديفيد ديوك عن اعتداء الحادي عشر من أيلول ، " إسرائيل " هي السبب المباشر عما أصاب أميركا في ذلك اليوم المرعب ، والكوماندوس التابع لمنظمة القاعدة الذي قام بالعملية في مانهاتن وواشنطن كان يرد على الدعم الأميركي السافر لإسرائيل ، وعلى تغطيتها على الصعيد الدولي للمجازر الإسرائيلية التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني ] وليس كرد ناجم من قبل تيار أصولي على ما تتمتع به أميركا من حرية ، كما أرادت الإدارة الأميركية الحالية للأمر أن يكون [ . ومن جهة اخرى فإن إسرائيل التي تدعي بأنها حليفة لأميركا هي في حقيقية الأمر ـ بحسب ديوك ـ الدولة الأكثر خطورة على أميركا ، حيث يشهد تاريخها على مدى نصف قرن بأنها الدولة التي تتكسب من وراء سياستها القائمة على تخريب العلاقات الأميركية العربية ، ومن وراء محاولات أجهزتها الأمنية المساس في المصالح الأميركية في الشرق الأوسط بهدف الصاقها بالعرب ، لجني مزيد من المكاسب المادية والإستراتيجية، وذلك في إشارة منه على سبيل المثال إلى حوادث عام 1954 عندما أقدمت الاستخبارات الإسرائيلية ـ بتوجيه من وزير الدفاع " لافون " ـ على تجنيد بعض العملاء من يهود مصر والقيام بعمليات تفجير في المراكز والمصالح الأميركية في القاهرة بهدف تخريب العلاقات الأميركية المصرية. والى حادثة اغراق سفينة التجسس الأميركية " ليبرتي " من قبل سلاح البحرية والطيران الإسرائيلي ] في السابع من حزيران 1967 [ بهدف إتهام مصر بالاعتداء على البحرية الأميركية وقيام الولايات المتحدة برد انتقامي يطال القاهرة 0 وعلى اساس من هذا المقياس ، وما يوحي به هذا التاريخ المكشوف من مؤامرات إسرائيلية على أميركا ومصالحها في الشرق الأوسط ، لا يستبعد ديوك أن تكون أصابع الموساد الخفية هي من وراء ماحدث في 11 أيلول 2001 0 وفي محاولة منه للظهور بمظهر المراقب الذي لا يقف عن حدود هذا الاستنتاج النظري ، يسوق ديوك العديد من الشواهد والوقائع المتزامنة مع الحدث والتي تدعم استنتاجه النظري بشواهد حسية ، ومن هذه الشواهد على سبيل المثال ما يتعلق بالمعلومات التي توفرت بعد ساعات على هجوم الحادي عشر من أيلول مباشرة عن قيام شركة ارسال إسرائيلية ] لها مكاتب في مركز التجارة العالمي وإسرائيل [ ، باتصالات مع الموظفين الإسرائيليين في المركز المذكور قبل ساعتين فقط على بدء الإغارة الأولى ، مما أدى إلى إنقاذهم جميعا كما يؤكد ديوك استناداً إلى مقال ورد في " نيوز بايتس " ] ـ وهو موقع خبري تابع لصحيفة واشنطن بوس ـ [ بعنوان " رسائل فورية لإسرائيليين حذرت من هجوم على مركز التجارة العالمي " 0 وبحسب ديوك فان خسائر إسرائيل في الأرواح من جراء الهجوم على مانهاتن تكاد تكون صفرا بفضل التحذير المذكور 0 وينكر النائب السابق ديفيد ديوك صحة ما أوردته المصادر الأميركية عن مقتل 130 إسرائيلي ] رغم أن هذا العدد في حد ذاته متواضع جدا إذا قوبل بالخسائر التي لحقت بالموظفين الفيلبينيين العاملين في المركز والتي قدرت بنحو 428 قتيل [ ويستند إلى المقابلة التي أجرتها صحيفة " نيويورك تايمز " مع القنصل الإسرائيلي في نيويورك " آلون بنكاس " الذي أفاد بأن خسائر إسرائيل من جراء تدمير مركز التجارة العالمي هو( قتيل واحد لاغير ) وبأن العدد الذي ذكر سابقا عن مقتل (130 ) إسرائيلي هو رقم مرتجل ومتسرع ، وبأن من أصل 130 اسم تضمنتها قوائم المفقودين التي صدرت عن القنصلية ] وعن بلدية نيويورك رسميا فيما بعد [ ، تبين أن 129 منهم مازالوا أحياء ، لأن قوائم المفقودين صدرت بموجب " تصريحات عن مفقودين " صادرة عن أقارب لهم او معارف في نيويورك. وبحسب القنصل الإسرائيلي في إفادة رسمية له فان عدد القتلى الإسرائيليين من جراء هجمات الحادي عشر من أيلول هو (3) فقط : واحد كان يقوم بزيارة شخصية لأحد البرجين ، واثنان كانا عن متن الطائرات المختطفة . مع ضرورة التذكير على هذا الصعيد بأن هذه المعلومات التي ينقلها ديوك يصعب تجاهلها لأنها صادرة عن سياسي أميركي يتباهى بأنه لايكتب شيئا لايستطيع اثباته بشكل قاطع 0 وفي الحقيقة فان كتابه ـ أو بالأصح " بيانه إلى الشعب الأميركي ـ لم يترك معلومة أو فقرة تذكر من دون توثيق ومن دون دعوة القارئ الأميركي المتشكك بصحة دعواه ، للعودة إلى مصادره وإشاراته المرجعية التي استند إليها في صياغة بيانه السياسي الذي يعترف بدوره بصعوبة وصوله إلى الأميركيين بفعل المؤسسات الاعلامية السائدة التي لايقتصر عملها على حجب الحقائق عن الأميركيين وإنما على صياغة آرائهم وتشكيل وعيهم0


الكتاب : أميركا إسرائيل و 11 أيلول 2001


الكاتب : ديفيد ديوك الناشر : دار الأوائل ، دمشق 2002


ـ انتهى ـ


حسن عبد العال


باحث فلسطيني مقيم في سوريا


موبايل:00963944094429