أميركا : انحطاط أخلاقي وسياسة خارجية مدمرة
عرض وتلخيص :حسن عبد العال
15-11-2009م
بيتر سكاون صحفي كندي يعمل في صحيفة ناشيونال بوست (تورنتو) ، كتابه الذي صدر في كيبك بكندا صيف العام الماضي (2003) بعنوان Le Livre Noir Des Etats-Unis (الكتاب الأسود للولايات المتحدة) هو ثمرة جهد و بحث بذله المؤلف بعد أحداث أيلول 2001 بهدف الحصول على سجل تاريخي موثق للانتهاكات الأميركية المستمرة منذ نصف قرن لسيادة الدول و لحقوق الإنسان . بداية لم يكن سكاون يمتلك سوى الصيغة التفسيرية المناقضة لمقولة بوش الابن القائلة بأن كراهية الآخرين لأميركا تعود لأسباب تتعلق بتقدم أميركا و أجواء الحرية والديموقراطية التي تنعم بها . و على طريقة الباحث المجرب كان عليه دعم صيغته بالشواهد التي تؤكدها. و كان له ذلك بدليل كتابه الموثق الذي يجمع بين دفتيه كل الدلائل التي لا تبرر للآخرين كره أميركا، بقدر ما تُظهر السلوك الإجرامي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة التي تستفز الآخرين في آسيا و أميركا اللاتينية عبر وسائل تنتج مثل هذه الكراهية لأميركا. و بحسب توجه المؤلف في خطابه للأميركيين فان حكومات بلادهم تنتج عبر سياساتها الخارجية وأفعالها الماضية ظروفا تحشرهم فيها في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار كما حصل في هجمات 11 أيلول التي استهدفت نيويورك وواشنطن0السجل الأسود لتاريخ الولايات المتحدة الأميركية خلال النصف الثاني من القرن المنصرم وضعه الصحفي الكندي برسم الأميركيين الذين توجه اليهم في كتابه لينقذهم من حيرتهم التي ستظل قائمة ماداموا عاجزين عن اقامة صلة بين أفعال حكوماتهم وما حصل في 11 أيلول ( سبتمبر ) 2001 ، وأعتقد بأنه أصاب وأجاد الاختيار حين افتتح السجل الأسود للولايات المتحدة بحادثة الهجوم البربري الأميركي صيف عام 1998 على مصنع الشفاء لصناعة الأدوية في الخرطوم ، لأن المظاهر النازفة الناجمة عن هذا الهجوم البربري الأحمق مازالت حية في ذاكرة من يريد استعادتها من الأميركيين الذين بات عليهم أن يتغيروا ويغيروا قناعتهم السطحية القائلة ببراءة كل عملية عسكرية سرية أو علنية ، قامت بها دوائر البنتاغون والاستخبارات في الخارج بدعوى أنها نٌفذت لدواعي وأسباب تتعلق بنشر المثل العليا الأميركية ، وتكريس الديموقراطية عبره الكرة الأرضية . كما بات عليهم أن يتبينوا مظاهر القسوة في سياسة بلادهم الخارجية التي تعبر عن أنانية فجة وخطرة لاتكترث ولا تأبه بنتائج سياستها المدمرة على الآخرين0من تذكر واستعادة مشاهد ونتائج الكارثة التي أنتجتها أميركا من جراء الهجوم الصاروخي على مصنع العقاقير الطبية في الخرطوم ، ، ينتقل سكاون مباشرة إلى تذكير الأميركيين بفظاعة ماحل بهيروشيما وناغازاكي حين أقدمت الولايات المتحدة بقيادة ترومان إلى تذليل العقبة اليابانية التي كانت تعترضها وتؤخر موعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية على استخدام القنبلة الذرية غير آبهة بنتائج فعلتها وماسببته من كوارث بشرية وبيئية مادام ذلك الاجراء يحقق المصلحة القومية الأميركية . وهذه الطريقة التي مازالت تحكم السياسة الخارجية الأميركية بعد أحداث 11 أيلول 2001 ( كما كان عليه الأمر على امتداد النصف الثاني من القرن المنصرم ) ستظل تنتج ظاهرة الكره لأميركا ، اضافة إلى الظروف التي تحشر الأميركيين في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار.
اضافة إلى السجل الأسود للسياسة الخارجية الأميركية وما تضمنه من عرض للمجازر والاعتداءات المباشرة والمؤامرات التي استهدفت أمم ودول في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ....الخ يستعرض سكاون في كتابه أحداث تشكل بدورها عرضا لسجل أسود أميركي يتعلق هذه المرة بالحياة السياسية الأميركية في الداخل ، أي في أروقة البيت الأبيض ، ووزارة الخارجية والبنتاغون والسلطة القضائية ، ويتعلق (إضافة إلى علاقة السلطة بالمركب الصناعي العسكري ،) بفضائح دبلوماسية وانتخابية تشير إلى مدى الانحطاط الأخلاقي الذي وصلت اليه الولايات المتحدة التي باتت تقود نفسها والعالم نحو كوارث متوقعة
0- انتهى -
الكتاب : أميركا الكتاب الأسود
الكاتب : بيتر سكاون ( ترجمة ايناس أبو حطب )
الناشر : الدار العربية للعلوم ، بيروت 2003
حسن عبد العال
باحث فلسطيني مقيم في سوريا
موبايل:00963944094429
========================================================
" من هيروشيما وناغازاكي إلى 11 أيلول "
/ عرض :حسن عبد العال
الكتاب : أميركا الكتاب الأسود
الكاتب : بيتر سكاون ( ترجمة ايناس أبو حطب )
الناشر : الدار العربية للعلوم ، بيروت 2003
بيتر سكاون صحفي كندي يعمل في صحيفة ناشيونال بوست (تورنتو) ، كتابه الذي صدر في كيبك بكندا صيف العام الماضي (2003) بعنوان Le Livre Noir Des Ètats-Unis (الكتاب الأسود للولايات المتحدة) هو ثمرة جهد و بحث بذله المؤلف بعد أحداث أيلول 2001 بهدف الحصول على سجل تاريخي موثق للانتهاكات الأميركية المستمرة منذ نصف قرن لسيادة الدول و لحقوق الإنسان .
بداية لم يكن سكاون يمتلك سوى الصيغة التفسيرية المناقضة لمقولة بوش الابن القائلة بأن كراهية الآخرين لأميركا تعود لأسباب تتعلق بتقدم أميركا و أجواء الحرية والديموقراطية التي تنعم بها . و على طريقة الباحث المجرب كان عليه دعم صيغته بالشواهد التي تؤكدها. و كان له ذلك بدليل كتابه الموثق الذي يجمع بين دفتيه كل الدلائل التي لا تبرر للآخرين كره أميركا، بقدر ما تُظهر السلوك الإجرامي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة التي تستفز الآخرين في آسيا و أميركا اللاتينية عبر وسائل تنتج مثل هذه الكراهية لأميركا. و بحسب توجه المؤلف في خطابه للأميركيين فان حكومات بلادهم تنتج عبر سياساتها الخارجية وأفعالها الماضية ظروفا تحشرهم فيها في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار كما حصل في هجمات 11 أيلول التي استهدفت نيويورك وواشنطن0
السجل الأسود لتاريخ الولايات المتحدة الأميركية خلال النصف الثاني من القرن المنصرم وضعه الصحفي الكندي برسم الأميركيين الذين توجه اليهم في كتابه لينقذهم من حيرتهم التي ستظل قائمة ماداموا عاجزين عن اقامة صلة بين أفعال حكوماتهم وما حصل في 11 أيلول ( سبتمبر ) 2001 ، وأعتقد بأنه أصاب وأجاد الاختيار حين افتتح السجل الأسود للولايات المتحدة بحادثة الهجوم البربري الأميركي صيف عام 1998 على مصنع الشفاء لصناعة الأدوية في الخرطوم ، لأن المظاهر النازفة الناجمة عن هذا الهجوم البربري الأحمق مازالت حية في ذاكرة من يريد استعادتها من الأميركيين الذين بات عليهم أن يتغيروا ويغيروا قناعتهم السطحية القائلة ببراءة كل عملية عسكرية سرية أو علنية ، قامت بها دوائر البنتاغون والاستخبارات في الخارج بدعوى أنها نٌفذت لدواعي وأسباب تتعلق بنشر المثل العليا الأميركية ، وتكريس الديموقراطية عبره الكرة الأرضية . كما بات عليهم أن يتبينوا مظاهر القسوة في سياسة بلادهم الخارجية التي تعبر عن أنانية فجة وخطرة لاتكترث ولا تأبه بنتائج سياستها المدمرة على الآخرين0
من تذكر واستعادة مشاهد ونتائج الكارثة التي أنتجتها أميركا من جراء الهجوم الصاروخي على مصنع العقاقير الطبية في الخرطوم ، ، ينتقل سكاون مباشرة إلى تذكير الأميركيين بفظاعة ماحل بهيروشيما وناغازاكي حين أقدمت الولايات المتحدة بقيادة ترومان إلى تذليل العقبة اليابانية التي كانت تعترضها وتؤخر موعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية على استخدام القنبلة الذرية غير آبهة بنتائج فعلتها وماسببته من كوارث بشرية وبيئية مادام ذلك الاجراء يحقق المصلحة القومية الأميركية . وهذه الطريقة التي مازالت تحكم السياسة الخارجية الأميركية بعد أحداث 11 أيلول 2001 ( كما كان عليه الأمر على امتداد النصف الثاني من القرن المنصرم ) ستظل تنتج ظاهرة الكره لأميركا ، اضافة إلى الظروف التي تحشر الأميركيين في مواقع خطرة وتضعهم في خط النار.
اضافة إلى السجل الأسود للسياسة الخارجية الأميركية وما تضمنه من عرض للمجازر والاعتداءات المباشرة والمؤامرات التي استهدفت أمم ودول في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ....الخ يستعرض سكاون في كتابه أحداث تشكل بدورها عرضا لسجل أسود أميركي يتعلق هذه المرة بالحياة السياسية الأميركية في الداخل ، أي في أروقة البيت الأبيض ، ووزارة الخارجية والبنتاغون والسلطة القضائية ، ويتعلق (إضافة إلى علاقة السلطة بالمركب الصناعي العسكري ،) بفضائح دبلوماسية وانتخابية تشير إلى مدى الانحطاط الأخلاقي الذي وصلت اليه الولايات المتحدة التي باتت تقود نفسها والعالم نحو كوارث متوقعة0
أخيرا وعلى ذكر الكوارث لابد من الاشارة إلى أن سكاون أضاف ( وعلى نحو مفاجئ ) إلى السجل الأسود للولايات المتحدة فصلاً بتعلق بمخاطر اتباع النظام الغذاي الأميركي الذي يعتمد الوجبات المجلدة وعلى خدمات مطاعم الوجبات السريعة المشبعة بالدهون وأشباه الدهون ، والذي أثبتت الدراسات والأبحاث الطبية في أميركا والبلدان التي ينتشر فيها هذا النظام ( مثل كندا واستراليا ) أنه يسبب داء البدانة المسبب بدوره لأمراض وعوارض صحية من ذلك النوع الذي يقصر من عمر الانسان ويسبب بتعجيل موته 0
وبحسب دراسة عن فساد النظام الغذائي الأميركي نشرت مؤخرا من قبل الباحثة الغذائية الأميركية " ماريون نستله " فان سبعة من اصل عشرة امراض اساسية مسببه للوفاة في الولايات المتحدة هي امراض حديثة ناجمة عن داء البدانة الناجم عن اتباع النظام الغذائي الأميركي0