الأربعاء، 24 يونيو 2009

معدلات الانحلال الأخلاقي داخل الجيش الاسرائيلي هي الأعلى في العالم:حسن عبد العال


معدلات الإنحلال الأخلاقي داخل الجيش الإسرائيلي هي الأعلى في العالم


•حسن عبد العال*


24-6-2009م


مع اقتراب نهاية العام قبل الماضي ، 2004 ، أعلن قائد الشرطة العسكرية الإسرائيلية الجنرال " فايكي باربل" بأن تفشي ظاهرة الإدمان على المخدرات داخل الوحدات العاملة في الجيش الإسرائيلي وصلت إلى حد لم يعد من الممكن السكوت عنه ، بحيث بدأت تسجل ازديادا ً ملحوظا ً في السنوات القليلة الماضية و وصلت إلى حدها الأقصى أعوام 2004،2003 و هو 10 في المئة " استنادا إلى الضبوط المسجلة لدى الشرطة العسكرية و الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية" ] رويتر ، 28/12/2004 [. و برغم أن نسبة 10 في المئة هي نسبة مرتفعة جدا و غير متصورة ليس في جيوش الدول التي تحترم نفسها ، و إنما في صفوف فرق المرتزقة . فإن ما يثير دهشة المراقب المهتم في الشؤون الإسرائيلية ليس النسبة المرتفعة في حد ذاتها ، بقدر ما يثير دهشته الاعتراف الرسمي بالأرقام الفعلية و بمدى ما وصلت إليه بعد ثلاثة عقود من الزمن على أول اعتراف رسمي عن وجود المشكلة ، بداية عام 1976 ، و ما رافقها من أصداء صحفية على التصريح المنسوب للناطق الرسمي في الجيش الإسرائيلي الذي أقر وقتذاك بوجود المشكلة داخل صفوف الجيش ، و لكن من دون أرقام أو تفصيلات.و في عودة إلى الأصداء الصحفية التي واكبت أول اعتراف رسمي بوجود مشكلة تعاطي حشيشة الكيف داخل الوحدات العاملة في الجيش الإسرائيلي لابد من التذكير من خلال العودة إلى أرشيف الصحف الإسرائيلية في ذلك العام بمقالة الكاتب اليساري الإسرائيلي و عضو الكنيست (في ذلك الوقت) يوري أفنيري و التي حملت عنوان بالغ الدلالة : "الجنرال حشيش يخدم في جيش الدفاع"- نُشر في صحيفة "هعولام هزيه" بتاريخ 7/1/1976 – فمن خلال هذه المقالة التي كانت تعتمد على مصادر معلومات خاصة من داخل الجيش تحدى أفنيري وقتها الناطق العسكري الذي أفاد بوجود المشكلة إذا كان قادرا ً على تجاوز الخطوط الحمراء المرسومة له و الإفصاح عن أرقام أو نسب مئوية باتت متوفرة لدى قادة الجيش و الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ، عن الأعداد الحقيقية للمتعاطين ، و الموردين، و المروجين, للمخدرات داخل الفرق العسكرية و في كافة الوحدات . و بحسب أفنيري و مصادره في ذلك الوقت فإن حجم المشكلة باتت متصورة بأبعادها رغم امتناع الدولة عن كشف الحجم الحقيقي لها ، لأن دلائل الأمور باتت تشير إلى أن عدد العسكريين المدمنين الخاضعين لتأثير و سيطرة المخدرات كبير إلى حد بات بالإمكان القول بأنهم يشكلون من الناحية العددية أحجاما قد تزيد عن التعداد العام للجنود العاملين في أحد صنوف الأسلحة أو إحدى التشكيلات التي يتكون من مجموعها جيش الدفاع . و هو الأمر الذي يدعو إلى الاستنتاج بأن " الجنرال حشيش " بات يحتل ، و لكن على نحو خفي أو غير مباشر ، المنزلة الأولى و الأوسع نفوذاً والأوسع سطوة ً من مجموعة الجنرالات التي تقود ألوية و فرق الجيش الإسرائيلي .المدارس الثانوية ترفد الجيش بالمدمنين :في البحث عن مصادر المشكلة يبدو بأن المعنيين بالتصدي و البحث في هذا الملف ما زالوا حتى اليوم متفقون على أن مصدر هذه المشكلة و منبعها الرئيس الذي يرفد الجيش سنويا ً بالآلاف من المدمنين يتمثل في المدارس الثانوية في إسرائيل ، و بأن معالجة هذه المشكلة تبدأ من البيت و المدرسة ، و ليس من داخل الجيش الذي يعتمد أساسا ً على الخدمة الإلزامية التي تُغذي الجيش من مصادر مختلفة ( أهمها الطلاب الذين أنهوا المرحلة الثانوية ) بطوابير من المدمنين الذي يلتحقون بالخدمة الإلزامية و يجلبون معهم إلى الجيش إدمانهم و بالتالي يجدون في مواقع خدمتهم كل ما يحتاجون إليه من رفاق السلاح القدامى من موردين و مروجين للأصناف المختلفة من المخدرات التي لم تعد تقتصر على حشيشة الكيف كما كان الأمر في السبعينات . و هذه المجموعات التي تلتحق بالجيش سنويا ً عن طريق الخدمة الإلزامية لا تقتصر على الشباب الذين يلتحقون بالخدمة الإلزامية ومدتها 3 سنوات ، و إنما أيضا على الفتيات اللواتي يلتحقن بالخدمة و مدتها سنتان . فظاهرة الإدمان المتفشية في المدارس الثانوية الإسرائيلية و التي ترفد الجيش بطوابير المدمنين لا تقتصر على الذكور ، و إنما أيضا على الإناث من المرحلة المذكورة . و لهذا الأمر فإن قائد الشرطة العسكرية الجنرال فايكي باربل الذي غمز من قناة المدارس الثانوية باعتبارها منبع و أصل المشكلة التي يعانيها الجيش منذ السبعينات لم يكن مطالبا ً بالتوضيح بأن نسبة الـ 10 في المئة من المدمنين من الجنسين ، لأن هذه الحقيقة باتت معروفة و مسلم بها في إسرائيل منذ عقود.إدمان و دعارة و جرائم اغتصاب جنسي داخل الوحدات :ظاهرة الإدمان على المخدرات في المدارس الثانوية وسط الطالبات كانت و ما تزال ترتبط منذ السبعينات (من القرن المنصرم) و حتى بداية الألفية الثالثة بالدعارة ، أو بتعبير أدق و أكثر تحديدا ً منقول عن الأدب الاجتماعي في إسرائيل الذي يصنف الممتهنات إلى نوعين "زانيات النهار" و "زانيات الليل" ، ترتبط بدعارة النهار . و بحسب صحيفة " يديعوت أحرونوت " بتاريخ 24/6/1979 فإن ظاهرة الدعارة إلى جانب الإدمان على المخدرات باتت من الظواهر الثابتة في المدارس الثانوية في إسرائيل . فالطالبات يُقدمن المتعة الجنسية لمن يطلبها مقابل المال . فالطالب ـ وغير الطالب ـ الذي يرغب بلقاء عاهرة في تل أبيب على سبيل المثال لم يعد في حاجة لارتياد بيوت الدعارة المرخص بها في بيت يادلين ، أو تل باروخ ، أو حي رامات أبيب ... الخ . ففي المدارس الثانوية بات يتوفر العديد من الطالبات الممتهنات اللواتي يفين بالغرض و بأقل من التعرفة الرسمية . و بحسب صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية فإلى جانب امتهان الدعارة مقابل المال هنالك وجه آخر تتم فيه الدعارة بدون مقابل و ذلك من خلال ظاهرة التعاطي الجماعي للمخدرات التي يقوم من خلالها طلاب و طالبات المدارس الثانوية بتعاطي حشيشة الكيف ثم يعقب ذلك حفلات تعرية و …..الخ ( " جيروزاليم بوست " بتاريخ 30/3/1981 ) و هو الأمر الذي بات يشكل منذ السبعينات مصيبة مزدوجة منقولة من المدارس الثانوية إلى الجيش . فالفتاة المدمنة المدعوة للخدمة الإلزامية لمدة عامين تنقل إدمانها إلى الجيش ، إضافة إلى الدعارة و هي ظاهرة باتت متفشية في الجيش الإسرائيلي بين المجندات اللواتي يقدمن خدماتهم الجنسية مقابل المال الذي يدفعه الضباط و الجنود . أما الطالب المدمن المدعو للخدمة الإلزامية لمدة ثلاثة أعوام فبدوره ينقل إدمانه إلى الجيش ، إضافة ً إلى ميزة أخرى متفشية أساسا ً بين المدمنين من المجندين ( و بنسبة أقل بين الجنود المتطوعين و صف الضباط و الضباط داخل الجيش الإسرائيلي ) و تتعلق بممارسة سلوكيات جنسية شاذة تتراوح بين جرائم الاغتصاب الجنسي للمجندات داخل الوحدات ، و جرائم أخرى جنحية و أقل خطورة و تتعلق بالتحرش الجنسي بالمجندات. و على هذا الصعيد الأخير الواسع الانتشار في كافة التشكيلات العسكرية الإسرائيلية ، و داخل مكاتب هيئة الأركان و وزارة الدفاع ، فإن المجندين هم جزء من المشكلة و ليسوا كل المشكلة كما في حالة جرائم الاغتصاب الجنسي للمجندات . ففضائح التحرش الجنسي باتت في السنوات الأخيرة لا تقتصر على الضباط المجندين و إنما تشمل أيضا ضباط من رتب عالية , ( و أحيانا ً تصل إلى رئيس الأركان و وزير الدفاع بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية التي انشغلت منذ ستة أعوام بفضيحة تحرش جنسي داخل الوزارة كان بطلها وزير دفاع سابق ).أخيرا ً و على صعيد تفشي ظاهر اغتصاب الفتيات المجندات داخل الجيش الإسرائيلي ، و بنسب مرتفعة لا مثيل لها في عالم الجيوش التي تضم في صفوفها عنصر النساء ، فالجيش الإسرائيلي بات يُصنف منذ السبعينات ( من القرن المنصرم) بحسب المسؤولة الإسرائيلية السابقة عن سلاح النساء " داليا راز " على أنه أكثر جيوش العالم الغربي تخلفا في هذا المجال " ( – " هعولام هزيه " ، بتاريخ 28/4/1977 ــ ). و لما كان الأمر لا يقتصر على جرائم الاعتداء الجنسي داخل الجيش ، و انتشار هذه الظاهرة الخطرة على الطرقات القريبة من الثكنات العسكرية ، فالمعلومات الإسرائيلية المتوفرة منذ السبعينات تفيد بأن ظاهر انتشار المخدرات داخل وحدات الجيش و اشتراك العديد من الضباط الإسرائيليين في حفلات الدعارة الجماعية داخل الوحدات قد أدت إلى اتساع رقعة جرائم الاغتصاب الجنسي وامتدادها إلى خارج حدود الوحدات العسكرية و بدأت تطال ضحاياها " من المجندات " و السائحات الأجنبيات و الطالبات العائدات من المدارس " . و لقد وصلت مخاطر هذا السلوك الإجرامي الذي كان يمارسه المجندين و الضباط المجندين في المناطق النائية ، و على الطرق الفرعية ، إلى حد مناقشته في الكنسيت الإسرائيلي صيف عام 1978 و تشكيل لجنة برئاسة عضو الكنسيت والقيادية في حركة ميرتس ـ وقتذاك ـ " شالوميت ألوني " مهمتها " حماية المجندات و السائحات الأجنبيات و الطالبات من الاغتصاب ، و تقديم المعالجة الطبية و أشكال أخرى من المساعدة لهن " – هآرتس ، بتاريخ 15/8/1978 .


منتصف حزيران 2004م
- انتهى -


حسن عبد العال


باحث فلسطيني مقيم في سوريا



موبايل:00963944094429



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق