الثلاثاء، 2 يونيو 2009

رؤيه أمريكيه لمخاطر الهجره على الهويه القوميه







رؤية أميركية لمخاطر الهجرة على الهوية القومية


مراجعة حسن عبد العال


2-6-2009م


المفكر الأميركي صموئيل هنتنغتون الذي يعود إليه أكثر من غيره من الأميركيين، بعث وترويج ظاهرة "الاسلاموفوبيا" التي تجاوزت أميركا وبدأت تحتل مساحة واسعة في عالم الغرب بسبب كتابه الشهير والواسع الانتشار الذي صدر منذ عشرة أعوام خلت بعنوان (صدام الحضارات) هو بدوره، أو بتعبير أدق، يعود إليه أيضاً أكثر من غيره من الأميركيين بعث وترويج ظاهرة "الاسبانوفوبيا". فكما هو واضح جهده في بعث وترويج الاسلاموفوبيا من خلال كتابه سابق الذكر الذي أصدره عام 1996، فانه من خلال هذا الكتاب الذي سبق وتناوله مثقفونا من زاويتهم على انه يروج لمخاطر الإسلام، هو أيضاً كما تناوله أبناء الجاليات الأميركية المنحدرة من أصول لاتينية، أو من أبناء أميركا اللاتينية، يروج لمخاطر المنحدرين من أصول لاتينية بذات المستوى وعلى قدم المساواة من محاولات ترويجه لخطر الإسلام.أما كتابه الأخير (من نحن؟) الذي يتحدث عن مخاطر المهاجرين القادمين من الدول النامية، أو من دول العالم الثالث، وبخاصة من أميركا اللاتينية، على الهوية القومية لأميركا البيضاء الانكلوساكسونية، فهو توسيع وامتداد ـ بحسب قراءتنا وباعترافه أيضاً ـ للموضوعات التي سبق أن عرضها في الفصل الثامن من كتابه صدام الحضارات عن مخاطر المهاجرين المتحدرين من أصول أميركية لاتينية على الهوية القومية للولايات المتحدة.الكارثة بدأت عام 1965، حسب هنتنغتون في كتابه الأخير (من نحن؟)، وبحسب العديد من دعاة محافظة أميركا البيضاء على نقائها العرقي من الأميركيين (وذلك مع صدور قرار الهجرة الذي فتح الباب على مصراعيه أمام المهاجرين الراغبين بالهجرة إلى الولايات المتحدة من آسيا وأميركا اللاتينية)، وبحسب هنتنغتون الذي سبق له أن ميز بين المهاجرين القادمين من آسيا (هنود وصينيون وعرب) والمهاجرين القادمين من أميركا اللاتينية، وبخاصة من المكسيك، فالخطر الأساسي الذي بات يهدد الهوية الأميركية كامن في الفئة الثانية (اللاتينية) التي ترفض الاندماج في المجتمع والحياة الأميركية، ويرفض أفرادها تعلم الانكليزية التي تعتبر المصدر الأبرز من المصادر المكونة للهوية الأميركية، ويصرون على التحدث والتعامل بالاسبانية حصراً. كما ان الغالبية المطلقة من المهاجرين اللاتينيين المتمركزين في الولايات الجنوبية والجنوبية الغربية (المحاذية للمكسيك) يرفضون الانتماء للأمة الأميركية ويعرفون أنفسهم على انهم مكسيكيون أو كوبيون... الخ وليس على انهم أميركيون متحدرون من أصول لاتينية. وبحسب هنتنغتون في كتابه الأخير فإن المشكلة الأساسية لا تكمن بما بات يمثله اليوم المهاجرون القادمون من أميركا اللاتينية الرافضون للاندماج وللهوية الأميركية رغم أن نسبتهم اليوم باتت تتعدى الـ12 في المئة من التعداد العام للسكان في الولايات المتحدة، بل تكمن بما سيمثلونه في المستقبل القريب والمتوسط حيث من المتوقع أن يتضاعف حجمهم ليصل إلى ما نسبته 25 في المئة من السكان في عام 2040. اما على صعيد التوزع السكاني للمهاجرين اللاتين المحصور أساساً في الجنوب والجنوب الغربي (إضافة لنيويورك) فمن المتوقع أن تنتقل التحديات التي تواجهها الأمة الأميركية في الداخل من مشكلة اصطباغ بعض المدن الكبرى بالصبغة اللاتينية مثل ميامي (في ولاية فلوريدا) ذات الأكثرية الكوبية، ولوس انجلس (في ولاية كاليفورنيا) ذات الأكثرية المكسيكية، إلى مشكلة الاغراق الديموغرافي اللاتيني في الولايات المذكورة، وحيث من المتوقع مع نهاية النصف الأول من القرن الحالي أن تتحول الولايات الجنوبية مثل فلوريدا وآلاباما ولوزيانا... الخ، إلى نصف لاتينية، والولايات الجنوبية والغربية المحاذية أو القريبة من المكسيك المجاورة مثل كاليفورنيا وأريزونا ونيو مكسيكو وتكساس إلى نصف مكسيكية.أخيراً لا بد من التذكير بأن الأمر لا يقتصر على التأثيرات الديموغرافية الناجمة من موجات الهجرة القادمة منذ الستينات من دول آسيا وأميركا اللاتينية، فبحسب هنتنغتون فإن ما يزيد الطين بلة بات يتمثل أيضاً في ظاهرة تقلص التعداد العام للعنصر الأبيض الانكلوساكسوني ذي الثقافة الغربية الذي كان يمثل قبل فتح باب الهجرة عام 1965 أكثر من 90 في المئة من سكان الولايات المتحدة، وبات يحتل اليوم نحو 70 في المئة من السكان، وفي عام 2050 ستنخفض النسبة إلى نحو 50 في المئة فقط، وهذا بحد ذاته يشكل الخطر الأكبر على مستقبل الهوية الأميركية الموروثة التي تقوم أساساً على العنصر الأبيض الانكلوساكسوني (البروتستنتي في غالبيته المطلقة)، إلى جانب اعتماد اللغة الانكليزية والثقافة الأميركية ذات الأصول الأوروبية.


الكتاب: من نحن؟ التحديات التي تواجه الهوية الأميركية


الكاتب: صموئيل هنتنغتون


الناشر: دار الرأي، دمشق 2006


المستقبل - الاربعاء 1 تشرين الثاني 2006


العدد 2432 - رأي و فكر - صفحة 19


حسن عبد العال


باحث فلسطيني مقيم في سوريا



موبايل:00963944094429


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق