الاثنين، 7 يونيو 2010

خارطة الطريق في ظل الولاية الثانية لبوش:حسن عبد العال

خارطة الطريق في ظل الولاية الثانية لبوش

حسن عبد العال

7-6-2010م

مع دخول الولايات المتحدة مرحلة الولاية الثانية للرئيس الأميركي جورج دبليو بوش ، باتت كل المؤشرات المتوفرة تشير إلى أن الأداء الأميركي على المسار التفاوضي الفلسطيني الإسرائيلي سيكون مختلفا إلى حد بعيد عن طريقة الأداء السلبية ، و المنحازة كلياً إلى إسرائيل، التي اتبعتها إدارة بوش على امتداد سنوات ولايته الأولى. و ذلك لأسباب و دوافع تعود في حقيقة الأمر للمراجعة السياسية التي أقدمت عليها على الصعيد التكتيكي ( لا الاستراتيجي ) إدارة بوش التي تناولت السياسة الخارجية الأميركية على امتداد سنوات ولايته الأولى التي أوصلت الولايات المتحدة إلى عزل نفسها عن العالم ، و بشكل خاص عن أقرب الحلفاء التاريخين إليها ، و التخبط لوحدها في أوحال المستنقع العراقي الذي علقت به في ذروة سطوة نهج التفرد و الهيمنة و إدارة الظهر للعالم ، و الذي باتت محاولة إنقاذها من المستنقع المذكور تتطلب من الحلفاء التاريخين للولايات المتحدة القيام بخطوات عملية تستهدف إنقاذ الحليف المتغرطس الذي حاد عن سربه . و هو الأمر الذي بات يتطلب بالضرورة ، كما وجدت إدارة بوش منذ شهور ، التخلي التكتيكي عن سياسة التفرد و إدارة الظهر لحلفاء الأمس و العالم ، و البدء باستعادة العلاقات القديمة مع الحلفاء التاريخين و ذلك من خلال الانحناء قليلا أمام المجتمع الدولي و المبادرة بإبداء الاحترام للأسس التي تقوم عليها مبادىء المشاركة مع حلفاء الأمس و المجتمع الدولي و المتعلقة على نحو خاص بالمسائل المرتبطة بحل المشكلات و الأزمات الدولية و احترام المواثيق التي أبرمت بشأنها . و على هذا الصعيد الذي يشكل مفتاحا لفهم اللغة الجديدة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة التي بدأت نسبياً بالتخلي التكتيكي عن نهج التفرد ، و الاستعاضة عنه بإتباع مبدأ المشاركة في إدارة شؤون العالم و حل النزاعات الدولية ، يمكن فهم التحول المرتقب على صعيد الأداء الأميركي على المسار التفاوضي الفلسطيني الإسرائيلي . كما يمكن استنادا إلى هذا الصعيد الذي بات بدوره يشكل مفتاحا لفهم التحولات المقبلة على صعيد علاقة أميركا بالمجتمع الدولي في ظل الولاية الثانية للرئيس بوش ، الجزم بجدية الولايات المتحدة على صعيد القيام بدور فاعل على المسار التفاوضي الفلسطيني الإسرائيلي يقوم على تنفيذ ما سبق و اتفق عليه من قبل الأطرف الدولية الأربع التي اعتمدت خطة خارطة الطريق كآلية و كمدخل على المسار التفاوضي المذكور . و في اعتقادي فإن ما بات يشاع عن حدوث صفقة أميركية أوروبية يقوم على أساس منها الاتحاد الأوروبي بمد يد المساعدة للولايات المتحدة في العراق مقابل عودة التزام الولايات المتحدة بخارطة الطريق و قيامها بدور جدي و فاعل على صعيد إجبار الفريقين المتصارعين الفلسطيني و الإسرائيلي ( وعلى صعيد هذا الفريق الأخير بخاصة ) على الوفاء بالتزاماتهما المنصوص عنها في الخارطة المذكورة هو صحيح إلى حد بعيد على الرغم من اندراج هذا التحول في الأداء الأميركي الذي ستتضح معالمه أكثر فأكثر خلال الشهور القليلة القادمة ضمن التحول الأشمل الذي سبق و تطرقنا إليه والذي يتخطى التحول الأميركي على هذا الصعيد المحدود أو المحدد . و بتقديري أيضا فإن فهم هذا التحول على هذا الصعيد المحدد على أنه يندرج ضمن ، أو يتفرع عن ، التحول العام أو الأشمل هو فهم يدفع بنا إلى الجزم بصدقية توقعاتنا عن دور أميركي جدي و فاعل على المسار التفاوضي المذكور . و هو دور ، كما باتت تظهر ملامحه الأولى مع بداية العام الحالي ، سيشكل استعادة للدور الأميركي السابق الذي سارت عليه إدارة كلينتون خلال فترة ولايته الثانية . و هذا في حد ذاته سيشكل تقدماً كبيراً قياساً مع تجربة السنوات الأربع الماضية ، وذلك على الرغم من أننا سنشهد من خلاله ضغوطا أميركية ـــ من ذلك النوع التقليدي الذي اعتدنا عليه ــ على الجانب الفلسطيني لإجباره على إجراء تسويات على مسارات متعددة بهدف إرضاء إسرائيل التي من عادتها في مثل هذه الأحوال المتعلقة بمسارات التسوية والتفاوض إغراق الفريق الفلسطيني بطلباتها المتعلقة بضرورة إجراء حلول وسط ، لكنه في ذات الوقت سيشكل ضغطا هائلا على حكومة شارون الرافضة في حقيقة الأمر لخطة خارطة الطريق جملة وتفصيلا ، و التي من المتوقع أن يستجلب استمرار رفضها في تقبل الخارطة المذكورة تصدعا بالغاً في العلاقات الأميركية الإسرائيلية ستكون الولايات المتحدة من خلالها في موقع الدولة العظمى التي لا خيار أمامها سوى إرغام حليفتها على تلبية مطالب المشروعية الدولية المتعلقة بالتسوية على المسار الفلسطيني الإسرائيلي . لأن متطلبات المصلحة القومية العليا للولايات المتحدة المضطرة للانحناء أمام المشروعية الدولية باتت تتطلب ذلك
ـ انتهى ـ





حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا

mervat10mm@yahoo.com

موبايل:00963944094429

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق