الاثنين، 7 يونيو 2010

حرب المستوطنات المتوقعة بين أميركا وإسرائيل:حسن عبد العال

حرب المستوطنات المتوقعة بين أميركا وإسرائيل

حسن عبدالعال

7-6-2010م

على الرغم من الاتجاه العام الذي عكسته اتجاهات الرأي الرسمية و الإعلامية في إسرائيل قبل لقاء شارون بالرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في مزرعة الأخير يوم 13 نيسان الجاري و القائل بأن مسألة توسيع المستوطنات ستكون مجرد مسألة هامشية على طاولة البحث بين الرئيس الأميركي و رئيس الوزارة الإسرائيلية ، فإن كافة المؤشرات كانت تشير على امتداد الفترة السابقة للقاء المذكور بأن لقاء يوم 13 نيسان لن يكون كسابقاته ، لأن شارون الذي سيطير من إسرائيل إلى أميركا و هو محمل كعادته بادعاءات و دفوعات من ذلك النوع من التسالي و اللعب في الوقت الضائع سيلتقي هذه المرة ببوش آخر مختلف إلى حد بعيد عن بوش السابق الذي كان يلتقيه شارون خلال ولاية الأخير الأولى . فهذه المرة و مع بداية الفصل الثاني من مشهد العلاقات الأميركية الإسرائيلية في زمن بوش- شارون ستنقلب الأدوار رأسا على عقب ، و فيها سيكون بوش الذي لعب في الفصل الأول دور الحليف القوي المقتدر الذي كان يتقبل طواعية و برحابة صدر الإملاءات التي كان يُلقيها على مسامعه شارون ، سيكون في موقع الحليف القوي المقتدر الذي سيفرض من جهته و وفق أجندته أساليب التعامل و قواعد اللعبة . و سيكون شارون من خلال هذا التعديل ، غير المفاجئ ، في أساليب التعامل و قواعد اللعبة في موقع الحليف التابع و المُلزَم بالتقيد بقواعد اللعبة الجديدة و الخضوع طواعية ، أو بالرغم عنه ، للإملاءات الأميركية في كل المسائل المتعلقة بتنفيذ خارطة الطريق ، أو بتعبير أدق تنفيذ الالتزامات التي حددتها لإسرائيل خارطة الطريق ، و إزالة العراقيل التي وضعت في طريق الخارطة المذكورة ، و أولاها كما بات يبدو من خلال الأجندة الأميركية التي وضعت لإقلاع خارطة الطريق ، وقف الخطط و المشاريع الإسرائيلية المتعلقة بتوسيع المستوطنات و بخاصة المستوطنات الكبرى مثل ( معاليه أدوميم ) في مرحلة أولى ، و إزالة المستوطنات " غير الشرعية " وفق التوصيف الذي أقرته الخارطة المذكورة . و السبب في هذا الانقلاب في لعب الأدوار بين فصل الولاية الأولى و الولاية الثانية لا يكمن في ما بات يُعرف – أو بتعبير أدق يشاع – على صعيد العلاقات الأميركية الإسرائيلية بمتطلبات الولاية الأولى التي يكون الرئيس فيها متطلعا للدخول إلى عالم الولاية الثانية من البوابة الإسرائيلية ، و بأي ثمن . و لا بمتطلبات الولاية الثانية التي كما يقال من عادة أي رئيس أميركي التفكير باستخدامها كقاعدة و نقطة انطلاق لدخول التاريخ . بقدر ما تعود أصلا للحسابات الأميركية الجديدة المتعلقة بالمصلحة القومية العليا للولايات المتحدة التي باتت تدفع في اتجاه تخلي أميركا عن نهج التفرد في إدارة الاضطرابات و المشكلات الدولية و في إدارة شؤون العالم الذي انقلب ضدها و على نحو كارثي غير مسبوق . و على هذا الأساس يمكن فهم تخلي إدارة بوش مع بداية ولايته الثانية عن أساليب التعاطي الأميركية المعادية و بشكل سافر للفلسطينين، و المنحازة كليا للإسرائيليين ، على المسار التصارعي ، و التفاوضي ، الفلسطيني الإسرائيلي التي اتبعت خلال سنوات ولايته الأولى ، و بخاصة بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001. و بالتالي فهم الحرص الجديد الذي بدأت تبديه الإدارة الأميركية أمام الجهات الدولية المعنية لإعادة تفعيل خارطة الطريق و البدء بتنفيذها بمبادرة أميركية و بمشاركة كل من الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي و روسيا . كما يمكن فهم الحرص الذي بدأت تبديه الإدارة الأميركية ممثلة بشخص بوش و رايس على إرسال رسائل أميركية واضحة ، و لا لبس فيها ، إلى إسرائيل ممثلة بشخص شارون و فريق عمله ، و طاقم مكتبه ، تدعو بلغة المُحذر على إيقاف كل عمليات التوسع في المستوطنات مهما علا أو قل شأنها ، و بالأخص مستوطنة " معاليه أدوميم " التي بات يشكل المشروع الإسرائيلي الأخير الخاص بتوسيعها العقبة الأخطر التي تواجه الأطراف الدولية الأربع التي تعهدت تنفيذ خارطة الطريق ، و بخاصة الولايات المتحدة التي باتت هيبتها الدولية محط أنظار أوروبا و روسيا و العالم . فإسرائيل التي تعلم بأن أميركا هي القوة الوحيدة القادرة على منع مشروعها الخاص بتوسيع معاليه أدوميم ( الذي يستهدف فصل القدس الشرقية نهائيا عن الضفة الغربية ) باتت لأسباب و عوامل أيدلوجية و إستراتيجية ملزمة لنفسها بتنفيذ المشروع حتى نهايته رغم التحذيرات الأميركية الصريحة الصادرة عن بوش و رايس . و بالتالي الولايات المتحدة التي باتت ملزمة لنفسها ، وملتزمة من جديد أمام أطراف الرباعية بتنفيذ خارطة الطريق ، أو على الأقل رؤيتها الخاصة بتنفيذ خارطة الطريق ، باتت ملزمة لأسباب تتعلق بالهيبة الدولية و المصلحة القومية بإدارة حرب مستوطنات مقبلة مع حليفتها الصغرى إسرائيل ، وذلك في حال بقي شارون متمسكا برفضه لقواعد اللعبة الجديدة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية التي باتت تتطلب منه التقيد طواعية ، أو بالرغم عنه ، بالاملاءات الأميركية في كل المسائل المتعلقة بتنفيذ الرؤية الأميركية الخاصة بتنفيذ خارطة الطريق 0 وهي حرب في حال وقوعها ستكون غير مسبوقة ويمكن النظر إليها على صعيد العلاقات الأميركية الإسرائيلية كـ " حرب ضرورات " لا حرب خيارات.
ـ انتهى ـ


حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا

mervat10mm@yahoo.com

موبايل:00963944094429

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق