الخميس، 24 يونيو 2010

مصير إسرائيل كما باتت تحدده المطالعات المستقبلية:حسن عبد العال

مصير إسرائيل كما باتت تحدده المطالعات المستقبلية

حسن عبد العال

25-6-2010م

على عكس مرحلة الصعود التاريخية المتمثلة بالعقود الثلاث الأولى اللاحقة على العام 1948 ، والتي شهدت إسرائيل من خلالها نجاحات دفعت بقادتها وبالفكر السياسي الإسرائيلي نحو طموحات وأحلام مستقبلية ليست محدودة بسقف ، يرى المطلع والمتابع لما بات ينشر داخل إسرائيل منذ بداية الألفية الجديدة من تقارير سياسية وأبحاث استراتيجية ودراسات ديموغرافية ، بأن الآية قد انقلبت تماما ، وبأن الفكر السياسي والاستراتيجي الإسرائيلي الذي كان حالما بمستقبل سياسي وجيوبولتيكي للدولة يفوق كل وصف ، بات اليوم فكرا محبطا ومفرقا في التشاؤم ، السبب في ذلك ليس عائدا إلى أن إسرائيل التي حظيت خلال فترة التأسيس بعصبة من الأنبياء المسلحين الذي قادوا الدولة وسجلوا بإسمها العديد من الانتصارات ، باتت اليوم دولة يتقلد زمام الأمور فيها ويتحكم بمصيرها رجال من الصف الثاني أو الثالث ( كما جاء مؤخرا في العديد من الافتتاحيات والمقالات المنشورة في الصحف الإسرائيلية ) بقدر ما هو عائد للظروف المتعلقة بالكيان نفسه (إسرائيل ) ، وبالقدر ذاته بالظروف المحيطة به والتي تتعلق أساسا بامتداداته الكولونيالية فوق أرض فلسطين التاريخية0ومن دون أن نتجاهل فترة السنوات الخمس أو الست السابقة على بداية موجة الهجرة السوفييتية إلى إسرائيل والتي شهدت إسرائيل خلالها موجة من التشاؤم التي سيطرت على الفكر السياسي والديموغرافي الإسرائيلي بسبب شح الهجرة ، يمكن القول بأن موجة التشاؤم الحالية التي باتت تسيطر على الفكر السياسي والديموغرافي الإسرائيلي ، هي اليوم على عكس سابقتها موجة غير محدودة بسقف زمني ، لأن ما بتنا نراه ونسمعه من ارتفاع في الوتيرة التشاؤمية ، ليس سوى مقدمات و ارهاصات تنذر بقدوم موجة تشاؤمية أوسع وأعظم شأنا ، والسبب في ذلك عائد إلى ظاهر الخوف من المستقبل التي بدأت تأثيراها السيكولوجية تتفاقم وتتسع عاما بعد عام تحت وقع فيض متدفق من المطالعات المستقبلية التي تنبىء بمصير قاتم بات ينتظر إسرائيل خلال العقود القليلة القادمة । فالمشهد الديموغرافي بات يشير من خلال العديد من الدراسات المستقبلية الإسرائيلية التي عنيت بالمستقبل الديموغرافي لليهود فوق أرض فلسطين التاريخية إلى أن اليهود سيصبحون أقلية اعتبارا من نهاية العقد الحالي ، أي مع حلول عام 2010 ، وستنحسر نسبتهم مع نهاية عام 2020 إلى نحو 40 في المئة من السكان ، مقابل نسبة 60 في المئة ستكون من نصيب الشعب الفلسطيني 0 أما داخل الخط الأخضر الذي يضم نسيجا بشريا مكونا من 20 في المئة من عرب 48 ونحو 80 في المئة من اليهود ، فالدراسات الديموغرافية عن العقود القليلة القادمة باتت تشير إلى أن اليهود سيفقدون إمتياز كونهم أغلبية سكانية مع حلول العام 2048 ، العام الافتراضي لاحتفال إسرائيل بالذكر المئوية لـتأسيسها ، والذي على الأغلب لن يقدر لها الاحتفال به ، وفق التقليد الصهيوني المتبع ، بحسب نبوءة الصحفي اليهودي الأميركي " بنجامين شفارتس " التي أطلقها خلال شهر نيسان ( ابريل ) من العام الماضي 2005 من خلال دراسته المنشورة في مجلة " أتلانتيك " الأميركية التي تصدر في بوسطن والتي حملت عنوان بالغ الدلالة : ( هل ستبقى إسرائيل قائمة حتى عام الذكرى المئوية لتأسيسها ؟ ) 0 ويسود الاعتقاد بأن موجة الهم والغم التي تسببت بها هذه الدراسة داخل إسرائيل خلال ربيع عام 2005 ماكان لها أن تحصل إلا في ظل ظروف تجعل من نتائجها من ذلك النوع القابل للتصديق ، فاضافة إلى اعتماد الدراسة على نتائج وتقديرات ديموغرافية سبق وتوصل اليها سيرجي دي لافرغولا وأرنون سوفير ( وهما إثنان من أبرز علماء الديموغرافيا في إسرائيل ) فلقد جاءت الدراسة المذكورة في وقت باتت تسلم فيه إسرائيل ، عبر الدوائر المختصة ، بأن معدلات الهجرة الوافدة إلى إسرائيل باتت أكثر من متواضعة ، وستظل محافظة على وتيرتها الحالية وربما أقل من ذلك خلال العقود القادمة ، أي بنحو 20 ألف مهاجر أو اقل من ذلك سنويا ، وهذا بحد ذاته بات يشكل كارثة حقيقية على صعيد النمو السكاني عند يهود إسرائيل ، ناهيك عن عامل الهجرة السلبية ( أي الهجرة من إسرائيل ) التي باتت تتجاوز سنويا الأرقام المسجلة عن الهجرة اليهودية الوافدة إلى إسرائيل ، وفوق ذلك لابد من التذكير بالتقارير الإسرائيلية ، الرسمية وشبه الرسمية ، التي بدأت تقر بأن نحو ثلث المهاجرين الذين وفدوا إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفييتي السابق ودول أوروبا الشرقية خلال العقد الأخير من القرن المنصرم ليسو يهودا وفق كل المقاييس المعتمدة في تحديد من هو اليهودي داخل إسرائيل 0* * *كان هذا على الصعيد الخاص بإسرائيل ، أو بتعبير أدق بيهود إسرائيل ، أما على الصعيد العام المتعلق بيهود الشتات الذين يشكلون رديفا استراتيجيا لاسرائيل ويهود إسرائيل ، فالمطالعات المتعلقة بعلاقة يهود الشتات باسرائيل باتت تشير إلى انعدم ظاهرة ماكان يسمى بـ " التجمعات اليهودية غير المستقرة " التي كانت تغذي إسرائيل بعشرات الآلاف من اليهود سنويا ، ولعل هذا هو السبب الرئيسي لشح الهجرة الوافدة إلى إسرائيل وانخفاض معدلاتها على نحو كارثي منذ بداية الألفية الجديدة0هذا من ناحية الهجرة ، أما من ناحية مستقبل العنصر البشري ليهود الشتات فالمطالعات الديموغرافية باتت تشير إلى أن العنصر البشري اليهودي ، حتى في التجمعات اليهودية الكبري في العالم ، بات محكوما بالنقص ، لا بالزيادة . ( وبخاصة في الولايات المتحدة التي تناقصت أعداد اليهود فيها بنحو 300 ألف نسمة في أقل من جيل واحد بحسب النتائج التي توصل إليها العالم الديموغرافي الاسرائيلي سيرجي دي لافرغولا ) وذلك لأسباب عديدة أهمها يتمثل بالظاهرة المركبة ، ظاهرة الاندماج والزواج المختلط ، وهي الظاهرة الأخطر التي تهدد اليهود خارج إسرائيل بسبب اقدام الجيل الشاب ، أو من هم من سن الزواج من الذكور والاناث ، على الزواج من خارج الطائفة اليهودية . وتقدر الاحصاءات بان نسبة الزيجات المختلطة باتت تمثل نحو 50 في المئة من عقود الزواج التي أبرمت من قبل اليهود في الولايات المتحدة ، والنصف الثاني فقط تم من داخل اليهودية ( وفي فنلندا مثلا نحو 80 في المئة مقابل 20 في المئة داخل اليهودية ) وبحسب الباحث الاسرائيلي المغرق في تشاؤمه " يعقوب الياف " الذي بدأ يطلق على هذه الظاهرة المركبة ، ظاهرة الاندماج والزواج المختلط ، عبارة " الهولوكوست الصامت " فإن هذه الظاهرة الفتاكة التي بدأت تثير مزيدا من القلق داخل إسرائيل وفي المنتديات الصهيونية ستتسبب بالتلاشي التدريجي ، ولكن وفق معدلات سريعة ، ليهود الشتات الذين لن يتبقى منهم كحد أدنى ـ بحسب " إلياف "ـ سوى 1.5 مليون نسمة ، أو 2.5 مليون نسمة كحد أقصى مع نهاية عام 2025 ـ انتهى ـ

نشرت في جريده النور- 347 (25/6/2008)

حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا

mervat10mm@yahoo.com

موبايل:00963944094429

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق