الاثنين، 14 يونيو 2010

حماس أمــام امتحــان السلطـــة ":حسن عبد العال

حماس أمــام امتحــان السلطـــة "

حسن عبد العال *

14-6-2010م

بعد مرور أقل من اسبوعين على اعلان فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية ، بدأت المخاوف الفلسطينية والعربية والدولية التي لازمت الفوز المذكور ، تتبدد تدريجيا – والى حد ما على المستوى الأخير - بفعل المرونة الاستثنائية ، وغير المتوقعة ، التي أبدتها حركة حماس على صعيد مستقبل التعاطي السياسي مع المسار التفاوضي الفلسطيني الاسرائيلي وبطريقة باتت توحي ، على المستوى الشكلي على الأقل ، بالرضوخ الطوعي لمنطق الدولة ، كإستمرارية ، وما ينجم عنه من تعهد بالالتزامات الدولية للسلطة السابقة منذ أوسلو وحتى خارطة الطريق 0 وذلك على الرغم من الصبغة الأيدلوجية للفريق الجديد الوارث للسلطة والذي بات يتمثل اليوم بحركة حماس التي بقيت رسميا ، حتى عشية الانتخابات التي أظهرت فوزها الساحق ، حريصة على شعاراتها السياسية المعلنة والتي تستبعد نهج التفاوض والتسوية السياسية للصراع على المسار الفلسطيني الاسرائيلي ، لصالح تكريس نهج المقاومة كسبيل وحيد لحل الصراع على جبهة المواجهة مع العدو الاسرائيلي 0 وهو الأمر الذي يمكن ترجمته على أرض الواقع على أنه خطوة أولى نحو تنحية الشعار الاستراتيجي الحالم القائم على اساس من الرومانسية السياسية الذي طالما اعتمدته حركة حماس ( ليس فقط ضد اسرائيل ، وانما ايضا في مواجهة أطياف السرب الفلسطيني الذي تمثله منظمة التحرير ) والقائل بهدف تحرير فلسطين " من النهر إلى البحر " ، لصالح التعاطي الطوعي – أو بتعبير أدق التعاطي القسري القائم على فكرة ضرورة التكيف – مع نهج الواقعية السياسية ( الفلسطيني ) القائم مع فكرة ومشروع البرنامج الوطني المرحلي الذي سبق واعتمدته رسميا منظمة التحرير الفلسطينية منذ منتصف الثمانيات من القرن المنصرم ، والذي يتحدد سقفه السياسي – تكتيكيا على الأقل – بمشروع اقامة دولة فلسطينية مستقلة فوق الأراضي الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل عام 1967 ـ بما فيها القدس بالطبع - وعلى هذا الصعيد المتعلق بما سبق ووصفناه بالمرونة الاستثنائية التي بدأت تبديها ، على المستوى التكتيكي ، حركة حماس والتي أثارت دهشة المراقبين ، محليا ودوليا ، لابد من القول بأن فوز حماس الذي شكل صدمة سياسية على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي ، قبل صدور التطمينات الصادر عن الرسائل السياسية والاعلامية التي بدأت تصدرها حماس إلى كافة المعنيين بمستقبل الصراع والتفاوض على المسار الفلسطيني الاسرائيلي ( بما فيها اسرائيل ) ، شكل بالتالي صدمة لاتقل عن سابقتها لحركة حماس ، التي استفاقت بعد 24 ساعة على اعلان فوزها الساحق ، على واقع جديد دفعت نفسها اليه بقوة ، من دون أن تحسب حساب تبعاته ، واقع يقلب كل المعايير السابقة وطريقة الأداء السابقة المعتمدة من قبلها رأسا على عقب ، ويفرض عليها الالتزام القسري بمنطق الدولة كاستمرارية و ما ينجم عنه من تعهد بالوفاء بالالتزامات الدولية التي تعهدت بها السلطة السابقة ، والالتزام بمعايير ومفاهيم سياسة جديدة من النوع الذي يفرض على الداعية السياسي والرسول السياسي الذي أصبح قابضا على السلطة ، ومسيرا لشؤون البلاد والعباد، التحلي بأخلاق المسؤولية ، اي بأخلاق السياسة، التي تفرض على الفريق السياسي القابض على السلطة التحلي بها ، والاهتداء بهديها ، بمعزل عن سلطة المفاهيم المستمدة من معايير أخلاقية، شخصية كانت أم أيدلوجية أو دينية . وعلى هذا المنوال ، وكما بدأت تشير إليه بعض التصريحات والتطمينات المشوبة بشيء من الارتباك والخجل ، فان حركة حماس التي لم تكن مستعدة مسبقا لمثل هذه المرحلة – رغم ادعاء العكس من قبل بعض قادتها – باتت في موقع يفرض عليها، تحت طائلة المساءلة والمحاسبة الوطنية ، تجاوز حماس ماقبل الانتخابات وتنحية الشعارات والأهداف القائمة على أساس من الرومانسية السياسية لصالح الأداء السياسي القائم على نهجج الواقعية السياسية ، والاستسلام ، أو بتعبير أقل إيلاما ، التكيف مع الواقع الفلسطيني وشرطه الدولي ( الراهن ) وفق الصيغة السياسية القائلة بضرورة فهم الواقع والتعامل معه بهدف تغييره ، أو تعديل شروطه ، وهذا في المفهوم السياسي ، النضالي والتحرري ، هو أضعف الإيمان بالنسبة للرجال الذين يبحثون عن مستقبل أوطانهم في الأرض ، لا في الفضاء.
* كاتب فلسطينيـ انتهــــى ـ

حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا

mervat10mm@yahoo.com

موبايل:00963944094429

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق