الاثنين، 28 يونيو 2010

إسرائيل وظاهرة تنامي العجز في مواجهة " الكارثة الديموغرافية :حسن عبد العال

إسرائيل وظاهرة تنامي العجز في مواجهة " الكارثة الديموغرافية "

حسن عبد العال *

28-6-2010م

مع بداية الألفية الجديدة ، وبعد مرور أكثر من عشرة أعوام على بدء الهجرة الكبرى التي زودت إسرائيل , خلال فترة التسعينيات ( من القرن المنصرم ) ، بنحو مليون مهاجر جديد من الخزان البشري ليهود الاتحاد السوفيتي السابق ، ودول أوروبا الشرقية الاشتراكية السابقة ، لم يكن أحد ليتصور ، سواء من داخل إسرائيل أو خارج إسرائيل ، عودة انبعاث موجة جديدة ، أو ثانية ، من الدراسات والتقارير والتوقعات الديموغرافية المتشائمة التي تتوافق جميعا على ضرورة الاعتراف بالأمر الواقع من جديد ، والإقرار بأن القلق الوجودي الناجم عن الهواجس والمخاوف الديموغرافية القديمة التي سادت وسيطرت على الفكر السياسي والديموغرافي الإسرائيلي خلال فترة الثمانينيات (من القرن المنصرم) تحت وطأة " السنوات التسع العجاف (1) " التي شحت خلالها الهجرة الوافدة إلى إسرائيل إلى أدنى مستوياتها ، ما زال قائما وحاضرا ، بحيث بات يستدعي ، على أرض الواقع ، ظهور موجة ثانية شبيهة بموجة الثمانينيات ، المفرقة في نزعتها التشاؤمية ، على صعيد التوقعات المتعلقة بمستقبل إسرائيل على الجبهة الديموغرافية (2) ، وذلك كله رغم تدفق موجة الهجرة الكبرى التي زادت من رصيد الكتلة السكانية ليهود إسرائيل بنحو مليون مهاجر جديد (3) ساهموا ، والى حد بعيد ، برفع حالة التهديد بالخطر الديموغرافي الذي كان يتوعد بإسرائيل ، والذي كان يتمثل في ذلك الوقت في النتيجة المحتم وقوعها ، أو بتعبير أدق النتيجة التي كان من المحتم وقوعها ، التي توصلت إليها أبحاث وتوقعات " فريق الحمائم " في الفكر السياسي والديموغرافي الإسرائيلي خلال فترة الثمانينيات والتي كانت تشير بأن عام 2000 سيدخل التاريخ كعام كارثة محدقة ستحل بإسرائيل على صعيد الهوية ومستقبل الدولة ، لأن التعداد العام للكتلة السكانية العربية المنتشرة فوق أرض فلسطين التاريخية ( أرض إسرائيل ، بحسب المصطلح المستخدم في إسرائيل على الصعيدين الرسمي وغير الرسمي ) سيتوازى مع التعداد العام للكتلة السكانية اليهودية فوق الأرض المذكورة .و هذا يعني بحسب أصحاب النزعة التشاؤمية الجديدة ، التي بدأت تطبع بطابعها الفكر السياسي والديموغرافي الإسرائيلي هذه الأيام ، بأن الآمال الكبيرة والواعدة التي عُلقت على الهجرة الكبرى في التسعينيات والتي عبر عنها في البداية ، وبلغة صوفية أو "إلهية " ، قادة مثل اسحق شامير (4) وغيئولا كوهين (5) (1990) بعبارات من قبيل " الإعجاز " و " المعجزة " التي أنقذت إسرائيل من محنتها ، وأضاءت طريق مستقبلها الديموغرافي لآجال بعيدة ، هي آمال باتت دون ما كان يُأمل بها ويرتجى منها ، حتى وقت قريب ، على صعيد مستقبل إسرائيل والأجيال القادمة (6) . لأن نتائجها على أرض الواقع الملموس باتت تقتصر ، وكحد أقصى ، على تأجيل لحظة الكارثة الديموغرافية ( التي كان يتوقعها فريق الحمائم خلال الثمانينييات ) من عام 2000 إلى عام 2010 على أبعد تقدير(7) ، وبأن إسرائيل بحسب التوقعات الجديدة الصادرة عن الرموز الأبرز من الموجة التشاؤمية الجديدة من أمثال البروفسور أرنون سوفير(8) (من جامعة حيفا) والبروفسور سيرجيو ديلا برغولا (9)(من الجامعة العبرية بالقدس) ومن بعض القادة الذين تعاطوا بجدية وواقعية ، منذ بداية الألفية الجديدة ، مع حقائق المشهد الديموغرافي المستجد من أمثال الجنرال عوزي دايان(10) (رئيس سابق لمجلس الأمن القومي) باتت سائرة بحكم الأمر الواقع ، وفي حال عدم حدوث معجزة ما شبيهة بمعجزة هجرة اليهود السوفييت ، نحو كارثة أعظم وأفدح ، بما لا يقاس من تلك التي كانت متوقعة عام 2000 ، وتتمثل هذه المرة بأن الكتلة السكانية العربية المنتشرة بين النهر والبحر ستصبح الكتلة الأكثر عددا مع حلول عام 2020 ، بحيث ستشكل ما نسبته من 55 -60 في المئة من التعداد العام للسكان ، مقابل الكتلة السكانية اليهودية التي ستنحسر نسبتها حتى حدود يؤمل ـ إسرائيلياً ـ بألا تقل عن 45 في المئة (11) .
أسباب وعوامل ظهور الموجة التشاؤمية الجديدة :السؤال الذي ما زال يتبادر منذ بداية الألفية الجديدة ، أو بتحديد أدق منذ شهر شباط (فبراير) 2000 ، عندما أقدم البروفسور أرنون سوفير على إطلاق طلقته التحذيرية الأولى(12) ، ما الذي حصل ؟ وكيف يمكن للعاقل أن يتصور مثل هذا الانتقال المفاجئ في إسرائيل من حالة النشوة وصيحات النصر على الجبهة الديموغرافية ، إلى عودة انبعاث موجة القلق الوجودي الناجم عن سيل من الدراسات والتقارير والتوقعات الديموغرافية التي باتت تعد إسرائيل بمستقبل مظلم على جبهة المواجهة الديموغرافية مع الفلسطينيين فوق أرض فلسطين التاريخية مع حلول عام 2020 .في اعتقادي ، وبمعزل عن واقعة النمو المتسارع عند الكتلة السكانية العربية فوق أرض فلسطين ( قياسا مع مثيلتها اليهودية ) (13) ، والتي تدخل بداهة في الحسابات والتوقعات الديموغرافية الإسرائيلية المتعلقة بالعقود المقبلة ، فإن تفسير ظاهرة هذا الانتقال المفاجئ من مظاهر الأمل والاستبشار على جبهة المواجهة الديموغرافية مع الفلسطينيين ، إلى أجواء القلق والتشاؤم ، مرده عائد في البداية إلى المعلومات التي باتت تتكشف عن طبيعة وبنية زمرة المهاجرين الجدد الذين زودوا إسرائيل بنحو مليون مهاجر خلال فترة التسعينيات ، وبمحدودية قدرة إسرائيل على استيعابهم وتلبية أهدافهم وطموحاتهم المادية ( التي كانت أصلا من وراء هجرتهم ) وذلك في زمن التحولات والتبدلات المتسارعة التي حصلت في المواطن الأصلية للمهاجرين الجدد والتي باتت تعتمد رسميا في نظامها الاقتصادي على النماذج الرأسمالية التي يعتمدها العالم الحر والمتمثلة بسياسة الأسواق الحرة والاقتصادات المفتوحة، كما بات ينضوي بعضها تحت مظلة أوروبا الموحدة وتحت علم حلف الناتو . كما هو عائد ، وبطريقة لا تقل تأثيرا وأثرا عن سابقاتها ، إلى ظاهرة عودة إصابة الهجرة الوافدة إلى إسرائيل بداء الشح والتقتير ، وانخفاض معدلاتها السنوية منذ عام 2003 إلى أرقام كارثية باتت تعيد إلى الأذهان معدلات الهجرة اليهودية في السنوات التسع العجاف خلال فترة الثمانينيات ، وما بدأ يترافق مع هذه الظاهرة المقلقة من بروز ظاهرة لا تقل خطورة عن سابقتها ، وباتت تتمثل بارتفاع وثيرة الهجرة السلبية ، أو المعاكسة ، والتي وصلت عدواها إلى أوساط الفئات العمرية الشابة " الثمينة بيولوجيا " والتي بدأت تصاب بعدوى ومس النزوح ، الذي بدأ بالاستفحال ، منذ بداية الألفية الجديدة ، حتى بات يطال أكثر من ثلث شباب إسرائيل ، بحسب الاستطلاعات والتقارير الصادرة مؤخرا، وبطريقة لم يشهد تاريخ إسرائيل مثيلا لها من قبل (14) . وفوق هذا كله ، وعلى مستو آخر يتعلق بمحاولات إعادة ترميم وتدعيم الكتلة السكانية اليهودية في فلسطين ، لابد من التذكير والإشارة إلى ظاهرة الفشل الذريع الذي مني به على امتداد السنوات الست المنصرمة ( 2002- 2007 ) المشروع الديموغرافي الإسرائيلي الطموح الذي اقترن باسم شارون ( مشروع هجرة مليون جديد ) والذي كان يهدف إلى تسريع وإعادة تفعيل حركة الهجرة اليهودية إلى إسرائيل خلال العقد الأول من القرن الحالي ، وإعادة تكرار موجة الهجرة الكبرى التي تدفقت على إسرائيل خلال فترة التسعينيات ، عبر إعادة تزويد إسرائيل بمليون مهاجر جديد على امتداد السنوات الفاصلة بين عام 2002 وعام 2011 ، وهو مشروع ، كما سنرى لاحقا ، لم يعمل إلا على زيادة القلق ورفع وتيرة التشاؤم في الأوساط السياسية والأكاديمية المعنية على صعيد الدراسة والبحث بالمسألة الديموغرافية ، وذلك بعد اصطدام المشروع الديموغرافي الطموح ، القائم على فكرة ما يجب أن يكون ، مع أرض الواقع ، والإقرار الخجول من قبل أصحاب الاختصاص من الديموغرافيين بأن سلة الغلال على مدى المجال الزمني للمشروع لن تجمع سوى 20 في المئة فقط من المأمول به ، وعلى أبعد تقدير .
عوامل وأسباب ظاهرة التبخر داخل كتلة المهاجرين الجدد :عندما أستعيد بالذاكرة حالة التشاؤم التي أصبت بها من جراء تدفق المهاجرين الجدد منذ نهاية عام 1989 ، والتي عبرت عنها من خلال سلسلة أبحاث متتالية نشرت في إحدى المجلات الأسبوعية الفلسطينية منذ بداية صيف عام 1990 تحت عنوان ( الهجرة اليهودية الثامنة ، أو " المعجزة " ) (15) وأقارن المخاوف السابقة مع القناعات التي باتت متوفرة هذه الأيام ، ومنذ بداية الألفية الجديدة ، حول مصائر وأحوال هذه الهجرة الكبرى ، والتآكل والتصدع الذي اعتراها حتى باتت لا هي بالكبرى ولا بالعظمى ، أشعر بكم هائل من الرضى لأن توقعاتي السابقة لم تتحقق عندما كتبت عن نحو نصف دزينة من المظاهر المقلقة والخطيرة التي ستعدنا به هذه الهجرة التي وجدت فيها ، منذ أكثر من سبعة عشر عاما خلت ، بأنها ـ باستثناء حرب 1967 ـ الحدث الأخطر والأشد قلقا على القضية الفلسطينية والأمن القومي العربي منذ عام 1948 . فاليوم وبعد انتهاء تدفق هذه الموجة الكبرى من المهاجرين مع نهاية عام 2002 ( انظر الهامش رقم 3 ) وبعد اكتشاف المعلومات والخفايا التي أرادت إسرائيل ، ولسنوات خلت ، طمسها وإخفاء معالمها لضرورات أيديولوجية ونفسية ، وبعد اضطرار الدولة ذاتها ممثلة بوزارة الداخلية ، وتحت ضغط وزارة الداخلية التي كانت في ظل حكومة شارون الأولى في عهدة حركة شاس المتشددة ، والشديدة التمسك بقائمة المواصفات التي تحدد من هو اليهودي ، من الإقرار عما لديها من معلومات رسمية عن الأعداد الحقيقية لليهود الذي قدموا إلى إسرائيل خلال فترة التسعينيات ، بات يتبين بأن ثلث المهاجرين الروس ( القادمين من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ) ليسوا يهودا ، ولا ينطبق على أي منهم الوصفة التي تحدد من هو اليهودي المعتمدة في إسرائيل . فمع بداية صيف عام 2002 ، وبحسب معلومات تكرر ذكرها فيما بعد ، بدأت وزارة الداخلية ممثلة بشخص الوزير السابق للداخلية " إيلي يشاي " ـ زعيم حركة شاس ـ بالإفصاح رسميا بأن نسبة الثلث من مجمل المهاجرين الروس الذين قدموا إلى البلاد خلال فترة التسعينيات ، والذين باتوا يشكلون نحو 20 في المئة من التعداد العام لسكان دولة إسرائيل ، " ليسوا يهودا " (16) . وبشيء من التفصيل ، وبحسب صحيفة " هآرتس " الإسرائيلية بتاريخ 21/8/2002 حول هذه الاعترافات الرسمية الصريحة التي بدأت تثير القلق في أوساط اليهود الإسرائيليين ، فإن من بين 860 ألف مهاجر روسي – أي ناطق بالروسية – قدموا إلى البلاد منذ نهاية عام 1989 وحتى شهر تموز (يوليو) من العام 2002 يوجد نحو 240 ألف مهاجر " ليسوا يهودا " ، ولا ينطبق على أي منهم تعريف من هو اليهودي (17) . أيضا وبحسب معلومات لاحقة تعود إلى نهاية عام 2004 صادرة عن دائرة الإحصاء المركزي في إسرائيل فإن الرقم بات يصل إلى 290 ألف مهاجر مصنف كـ ( غير يهودي ) في سجلات وزارة الداخلية الإسرائيلية باتوا – وهنا حسب اعترافات وشهادات غير رسمية – باتوا عرضة لسياسات الفصل العنصري والتمييز العرقي المعمول بها في إسرائيل ، مثلهم في ذلك مثل عرب 48 (18) .
لاجئين وليسوا مهاجرين :إذا كان هذا هو واقع الثلث المنبوذ من المهاجرين الروس الجدد الذين باتوا عرضة لتهجمات قادة وأعضاء حركة شاس ، وبقية المتشددين من يهود إسرائيل ، بدعوى مساهمتهم في زيادة التعداد العام لغير اليهود ، ومن نسبتهم ، داخل الدولة (19) ، فماذا عن الثلثين المتبقين من موجة المهاجرين الجدد الذين قدموا من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ، وأمثالهم الذين قدموا من دول أوروبا الشرقية الاشتراكية السابقة ... ؟ الأنباء والمعلومات التي باتت تتردد داخل إسرائيل منذ بداية الألفية الجديدة ، وبتحديد أكثر دقة خلال السنوات الست المنصرمة هي بدورها ، مثل المعلومات التي بدأت تتكشف عن وجود أعداد كبيرة من غير اليهود بين المهاجرين ، معلومات أقل ما يمكن القول بأنها مخيبة لكل الآمال التي لصقت بالهجرة ، على طريقة المثل الشعبي المصري ( يا فرحة ما تمت ) . فالمهاجرين اليهود من موجة التسعينيات ، كما بدأت تتوضح حقيقتهم وحقيقة نواياهم في إسرائيل اليوم ، هم على عكس المهاجرين القدامى الذين كانوا يعتبرون قدومهم إلى إسرائيل على أنه تحقيق لحلم العودة إلى أرض الميعاد ، من نوعية مختلفة تماما . فإسرائيل في نظر غالبيتهم ، إن لم يكن كلهم تقريبا ، هي مجرد " محطة انتظار " قد تطول أو تقصر بحسب مقدرتها على تلبية حاجة المهاجرين إلى العمل وفق تخصصاتهم العلمية والفنية الرفيعة ، التي باتوا يمتازون ويتميزون بها عن مهاجري الموجات السابقة ، وتأمين مستوى معيشي لائق . وهي بالتالي مجرد " محطة إلزامية مؤقتة " ونقطة انطلاق نحو محطات أخرى أرقى وأرفع شأنا ، وبالتالي أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية ( مثل الولايات المتحدة ، وكندا ، وألمانيا ) . وبحسب هذه الخاصية ، ولكونهم مجرد عابرين ومجرد مهاجرين لدوافع اقتصادية ، تراهم منذ وصولهم "جالسين على حقائبهم" حسب تعبير وزير الداخلية السابق " إيلي يشاي " ، وذلك حرصا منهم على عدم هدر الوقت حين تسنح الفرصة المناسبة للقيام بوثبة جديدة توصلهم إلى مبتغاهم الحقيقي ، وهدفهم الأصلي الذي كان من وراء هجرتهم ( في إسرائيل اليوم يحرص الكثيرين على استخدام لفظة " اللجوء " وليس " الهجرة " ، لانتقاء صفة الهاجر الحقيقي عن هذه الزمرة من البشر الذين بات بصدق عليهم صفة "المهاجر الطيار" - أي غير المستقر أو الثابت – و " المهاجر الاقتصادي " وهو الوصف الذي بات سائدا عن هذه العينة من المهاجرين في إسرائيل ) ، أي إلى الولايات المتحدة ، وكندا ، و إلى إحدى دول أوروبا الغربية أو الوسطى ، وبخاصة ألمانيا المفضلة على غيرها من هذه الدول . لا بل وحتى العودة إلى روسيا التي باتت تشكل منذ نهاية القرن المنصرم وبداية الألفية الجديدة ، خيارا جديدا للمهاجرين الروس ممن وجدوا مؤخرا ، وبعد سنوات من المكوث في إسرائيل ( التي أظهرت عدم قدرتها على استيعاب هذا الكم الهائل من المهاجرين من أصحاب المؤهلات العلمية والكفاءات ) (20) بأن روسيا الجديدة ، وباقي دول الاتحاد السوفيتي السابق، مثل أوكرانيا وبيلاروسيا ومولدافيا ، المنفتحة على الغرب ، باتت تمثل من زاوية الجدوى الاقتصادية ، بحسب اعترافات العديد من المسؤولين عن الهجرة في إسرائيل والوكالة اليهودية ، مكانا للعمل والاستقرار أفضل من إسرائيل . كذلك الأمر هو حال المهاجرين اليهود الذين قدموا إلى إسرائيل من دول أوروبا الشرقية الشيوعية السابقة التي انضمنت مؤخرا إلى المجموعة الإقليمية لدول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ، وبات من حق مواطنيها العمل والتنقل بحرية في أية دولة من دول الاتحاد . وهو الأمر الذي كان من وراء الظاهرة غير المسبوقة التي بدأت تشهدها إسرائيل ، والتي باتت تتمثل بازدحام المهاجرين المنتمين إلى هذه الدول أمام سفارات بلادهم (السابقة) والمطالبة باستعادة الجنسية .
انخفاض حاد في منسوب الهجرة الوافدة إلى إسرائيل وارتفاع ملحوظ في أعداد النازحين :
على العكس تماما من فترة التسعينيات التي تم من خلالها تزويد إسرائيل بأكثر من 800 ألف مهاجر روسي جديد ( بمعزل عن كون نحو ثلثهم من غير اليهود ، والثلثين الآخرين من نوعية المهاجر الاقتصادي ) ، إضافة إلى أكثر من 200 ألف مهاجر جديد قدموا من بلدان أوروبا الشرقية وأميركا الشمالية ، إضافة إلى أقطار وقارات أخرى ، يمكن القول بأن السنوات التي تلت عام 2000 هي سنوات مجدبة على الصعيد الديموغرافي المتعلق بالكتلة السكانية اليهودية في فلسطين ( بخاصة داخل الخط الأخضر ) التي كانت ، وما تزال ، تعتمد في نموها على عامل الهجرة السنوية الوافدة إلى إسرائيل ، إضافة إلى عامل التكاثر الطبيعي ذوا المعدلات المنخفضة ( قياسا مع مثيله عند الكتلة السكانية الفلسطينية داخل ، أو خارج نطاق الخط الأخضر ) . وبحسب الأرقام الفعلية عن أعداد المهاجرين اليهود الذين قدموا إلى إسرائيل خلال السنوات السبع المنصرمة ، والأرقام المتوقعة عن أعداد المهاجرين المتوقع وصولهم سنويا إلى إسرائيل حتى نهاية العقد الثاني ، أو الربع الأول من القرن الحالي ، فيبدو بأن قدر إسرائيل بات يحتم عليها الترحم على السنوات التسع العجاف ، لكونها على ما يبدو عليه الأمر ، بحسب التوقعات ، باتت مقبلة على ما هو أمرّ وأقسى ، وذلك ليس فقط لأن معدلات الهجرة السنوية منذ عام 2003 باتت تسجل أرقاما منخفضة تتراوح وسطيا ما بين 20 -22 ألف مهاجر كحد أقصى ، وإنما بحسب التوقعات ذاتها ( التي بدأت تأخذ بالحسبان ما بدأت تشهده إسرائيل ، وعلى نحو مواز ، من تنامي ظاهرة الهجرة المعاكسة إلى الحد الذي وصلت فيه أعداد النازحين عنها سنويا تعادل أعداد المهاجرين الوافدين إليها ) لأن إسرائيل بحسب التوقعات المذكورة ستشهد خلال السنوات القادمة مرحلة مفتوحة ، وغير محدودة بسقف زمني من السنوات ، ( أو حتى قل العقود ) العجاف التي لها أول وليس لها آخر . ومن المفيد ذكره هنا بأن هذه الواقعة ، أو الظاهرة المستقبلية ، التي تعكسها التوقعات الديموغرافية القصيرة أو المتوسطة الأجل ، باتت إحدى المؤشرات الأساسية التي يعتمدها الديموغرافيون في دراساتهم المستقبلة عن المشهد الديموغرافي في فلسطين أو داخل الخط الأخضر حتى حلول عام 2020 ، أو قل حتى عام 2050 ، كما جاء في مقالة الكاتب اليهودي الأميركي " بنيامين شفارتس " التي ظهرت في مجلة " أتلانتيك " ( تصدر في بوسطن في الولايات المتحدة ) خلال ربيع عام 2005 ، الذي وجد في هذه الواقعة التي باتت تشير إليها التوقعات ، وبخاصة التوقعات الصادرة عن البروفسور " أرنون سوفير " والبروفسور " سيرجيو ديلا برغولا " ، على أنها بمثابة تجريد للكتلة السكانية اليهودية من إحدى الرافدين الأساسيين الذين تعتمد عليهما في نموها الذي بات يقتصر على عامل التكاثر الطبيعي الضعيف عند هذه الكتلة ، قياسا بدوره عند الكتلة السكانية الفلسطينية المقابلة ، التي ما زالت تتمتع نسبيا بمعدلات تكاثر طبيعي عالية سوف تتيح لها كسب الرهان الديموغرافي والحصول على امتياز الأكثرية ، إلى الحد الذي بات فيه الكاتب اليهودي الأميركي ، الذي أثارت نبوءته الرعب في أوساط النخب الإسرائيلية ، يتشكك بإمكان إسرائيل الاحتفال بذكرى مرور مائة عام على ولادتها مع حلول عام 2048 (21) .كان هذا على صعيد الهجرة الوافدة إلى إسرائيل التي باتت منذ عام 2003 تسجل أرقاما تتراوح كحد أقصى ما بين 20- 22 ألف مهاجر سنويا ، وستظل محكومة بهذا السقف المتدني ، ولربما دونه ] كما حصل عام 2007 الذي سجل فيه قدوم 19.700 ألف مهاجر فقط [ على امتداد العقود المقبلة ، وذلك لأسباب سنفصلها لاحقا عند التطرق إلى أسباب وعوامل فشل مشروع شارون ، بعضها يتعلق بظاهرة نضوب الخزان البشري داخل التجمعات اليهودية " غير المستقرة في العالم " والذي كان يتمثل أساسا بالتجمعات اليهودية في الاتحاد السوفيتي السابق ودول أوروبا الشرقية الشيوعية السابقة ( والتي لم يعد ينطبق عليها التوصيف السابق) وبعضها الآخر يتعلق بظاهرة امتناع اليهود في الدول المتطورة ، أو المتقدمة صناعيا ، من الهجرة إلى إسرائيل ، كما هو حال اليهود في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية الذين يتمتعون بمستوى معيشي لائق لا يمكن أن يتوفر لأمثالهم في إسرائيل . كما بات يتمثل أيضا بظاهرة امتناع ما تبقى من الخزان البشري اليهودي في دول الاتحاد السوفيتي السابق ودول أوروبا الشرقية من الهجرة إلى إسرائيل منذ عام 2001 ، الذي بدأ يشهد ظاهرة الهجرة المعاكسة من إسرائيل والعودة إلى الوطن الأم ، أو الهجرة إلى أميركا الشمالية وألمانيا . وكذلك الحال كما بات يتمثل بظاهرة امتناع يهود الأرجنتين ودول أميركا اللاتينية ، التي تعيش أحوالا غير مستقرة ، من الهجرة إلى إسرائيل وتفضيلهم في الحالات التي تتعلق بخيار النزوح عن الوطن الأم ، الهجرة إلى الولايات المتحدة وبخاصة إلى ولاية فلوريدا .
الهجرة المعاكسة (النزوح) :لاشك بأن الحديث عن الهجرة الإيجابية إلى إسرائيل يقترن على الدوام بالحديث عن الهجرة السلبية من إسرائيل التي درجت سنويا ، ومنذ عقود ، على نشر معلومات وتقارير تتعلق بصافي ميزان الهجرة (الذي تعتمد آليته على إنقاص أعداد المهاجرين من إسرائيل من أعداد المهاجرين إلى إسرائيل ، بهدف الحصول على الأرقام النهائية المتعلقة بصافي الهجرة ) أي بالأرقام الفعلية للمهاجرين التي يفترض فيها أين تدخل في قياس معدلات النمو السنوية عند الكتلة السكانية اليهودية في إسرائيل . وعلى هذا الصعيد بات يمكن القول مع بداية الألفية الجديدة ، وبعد مرور عشرة أعوام ونيف على ظاهرة النمو المتعاظم عند الكتلة السكانية اليهودية (بفعل تدفق المهاجرين بأعداد كبيرة سنويا إلى إسرائيل وانخفاض منسوب الهجرة السلبية من إسرائيل طيلة فترة التسعينيات ) بأن إسرائيل باتت مجبرة ومن جديد للدخول في النفق المظلم الذي سبق لها وأن دخلته خلال فترة الثمانينيات التي شهدت تنامي ظاهرة الهجرة المعاكسة ، إلى جانب انحسار وتيرة الهجرة الوافدة إلى إسرائيل ، إلى الحد الذي بات فيه ميزان الهجرة يسجل في حساب الهجرة الصافية أرقاما وصلت فيه في بعض السنوات إلى (صفر) أو حتى تسجيل (ناقص صفر) (22). وعلى طريقة شهد شاهد من أهلها ، لن نكتفي بالقول بأن العوامل التي باتت تغذي ظاهرة الهجرة اليهودية المعاكسة ، باتت من حيث التأثير معادلة نسبيا للعوامل التي يمكن لها أن تغذي الهجرة الوافدة إلى إسرائيل ، وإنما عبر استخدام لغة الأرقام ، بات يمكن القول بأن كفة الهجرة السلبية باتت تبطل مفعول الهجرة اليهودية الوافدة إلى إسرائيل منذ عام 2002 الذي سجل فيه وصول 34 ألف مهاجر إلى إسرائيل وغادرها مهاجرا نحو 20 ألف يهودي في العام ذاته ، بحسب أرقام التقرير السنوي لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي الذي أوردته صحيفة " هآرتس " بتاريخ 4/9/2002 . أما في السنوات اللاحقة على العام 2002 والتي تدنى فيها منسوب الهجرة الوافدة إلى إسرائيل إلى أرقام تتراوح ما بين 20- 22 ألف مهاجر سنويا كحد أقصى ، فإن كفة الهجرة المعاكسة باتت معادلة لكفة الهجرة الوافدة إلى إسرائيل وتعمل بالتالي ، على صعيد احتساب الهجرة الصافية ، إلى تسجيل إشارات هي من قبيل الصفر ، أو ما هو أقرب إلى الصفر في بعض الأحيان (23) . ويعتبر المهاجرين الروس ، أو بتعبير أدق المهاجرين القادمين من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق الذين يطلق عليهم في إسرائيل اصطلاحا عبارة " المهاجرين الروس " ، أو الناطقين بالروسية ، الشريحة السكانية الأعلى بين يهود إسرائيل التي باتت تغذي ظاهرة النزوح ، أو الهجرة المعاكسة . فبحسب تقرير نشرته صحيفة " معاريف " على موقعها على الإنترنيت بتاريخ 9/1/2004 ، وبحسب دراسة أشرف عليها الاتحاد الروسي للمجتمعات اليهودية ونشر في كبريات الصحف الروسية بداية شهر آب (أغسطس) 2004 ، وأخرى نشرت في مجلة " نيوزويك " الأميركية بتاريخ 3/8/2004 ، فإن عدد المهاجرين الروس الذين عادوا إلى روسيا خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2001 و 2003 وصل إلى 50 ألف مهاجر ، أي بمعدل يتراوح نسبيا ما بين 16- 17 ألف مهاجر سنويا . وهي أرقام قريبة من الأرقام التي اعترفت بها وزارة الاستيعاب الإسرائيلية في تقرير داخلي صادر نهاية عام 2004 عن ظاهرة النزوح التي سجلت ، على صعيد المهاجرين اليهود الروس الجدد ، هجرة نحو 72 ألف مهاجر روسي حتى نهاية عام 2003 (24) ، ناهيك عن يهود دول أوروبا الشرقية الشيوعية السابقة ، الذين يشكلون شريحة سكانية هي الأكثر شبها بالشريحة السكانية لليهود الروس الذين هاجروا إلى إسرائيل خلال فترة التسعينيات ، إضافة إلى اليهود القادمين من دول الرفاه ، وبخاصة القادمين من كندا والولايات المتحدة الذين بدأت إسرائيل ـ لأسباب ودواع تتعلق بتمييز هذه العينة من المهاجرين عن غيرهم من زمرة الروس من ذوي الدوافع والغايات الاقتصادية – تتوجس من ازدياد نسبة النزوح عن إسرائيل في صفوفهم منذ بداية الألفية الجديدة . وبحسب تقرير سبق ذكره صادر عن وزارة الاستيعاب الإسرائيلية مع نهاية عام 2004 ، فإن من أصل نحو 34 ألف مهاجر قدموا إلى إسرائيل من أميركا الشمالية ( كندا والولايات المتحدة ) خلال موجة الهجرة الكبرى غادر إسرائيل ربعهم تقريبا وعلى نحو نهائي (25) ، وبخاصة خلال الفترة الممتدة من عام 2000 إلى عام 2003 ، أي بمعدل يقترب من ألف مهاجر في العام . وهذا يعني في المحصلة النهائية بأن معدلات الهجرة المعاكسة بدأت تسجل أرقاما تقترب من 20 ألف نازح سنويا . وهذا بات يعني بدوره بأن صافي ميزان الهجرة قد بدأ يسجل في السنوات الأخيرة أرقاما هي أقرب إلى الصفر . وهذا يعني بدوره بأن عامل الهجرة الذي كان خلال فترة التسعينيات يساهم وسطيا بنحو 65 في المئة من النمو عند الكتلة السكانية اليهودية سنويا ، بات منذ عام 2003 عاملا عديم الجدوى بحسب ما باتت تؤكده الوقائع والتوقعات الديموغرافية الإسرائيلية ، التي باتت تحذر من مزالق ضعف النمو عند هذه الكتلة السكانية بعد ما بات يرجح بأن تقدمها الديموغرافي بات يعتمد كليا على عامل التكاثر الطبيعي ، أي تقدم على ساق واحدة .
نهاية كارثية لمشروع شارون الديموغرافي الطموح :
على الرغم من الاعتمادات المالية السخية التي رصدتها الحكومة الإسرائيلية والوكالة اليهودية منذ بداية عام 2002، وعلى الرغم من تشكيل فرق من المبعوثين والناشطين المبشرين بالهجرة في أوساط الجاليات اليهودية في العالم لصالح المشروع الديموغرافي الطموح الذي أعلن عنه شارون رسميا أمام مؤتمر محرري الصحف والمطبوعات الإسرائيلية بتاريخ 28/11/2001 ، والقاضي باستجرار مليون مهاجر يهودي جديد إلى إسرائيل على امتداد السنوات العشر الفاصلة بين عام 2002 وعام 2011 (26) ، بات يمكن القول ، وبعد مرور أكثر من ستة أعوام على بداية دخول المشروع في مرحلته التنفيذية ، بأن كل الاعتمادات المالية والجهود المبذولة لإنجاح المشروع الذي تقدم به شارون باعتباره " على رأس الأولويات والهدف الأسمى لحكومته " والحكومات المقبلة ، لم يثمر شيئا على أرض الواقع ، أو بتعبير أدق لم تكن نتائجه متوافقة بالمطلق مع الآمال والجهود المبذولة من قبل فرق العمل واللجان الرسمية التي بدأت تنشط في أوساط الجاليات اليهودية التي رشحها شارون لتكون بمثابة الروافد الأساسية التي ستزود إسرائيل ، على طريقة الهجرة الكبرى في التسعينيات ، بمليون مهاجر جديد خلال السنوات العشر أو حتى الإثني عشر ، اللاحقة على عام إطلاق مشروعه . أي في أوساط التجمع اليهودي في أميركا اللاتينية الذي يعد نحو 428 ألف نسمة ، بحسب إحصاء عام 2000 ليهود العالم ، الصادر عن " معهد اليهودية المعاصرة " التابع للجامعة العبرية بالقدس ، وبخاصة في أوساط الجالية اليهودية في الأرجنتين التي تَعُد بحسب الإحصاء المذكور ، نحو 203 ألف نسمة ، والتي كان من المتوقع ، أو من المتأمل به ، هجرتها بالكامل إلى إسرائيل وفق تقديرات شارون ، وقتذاك ، بفعل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي بدأ يشهدها هذا البلد اللاتيني منذ بداية عام 2001، وبفعل مغريات الإعلان الرسمي الصادر عن الحكومة الإسرائيلية بعد أقل من شهر على إطلاق شارون رسميا لمشروعه والقاضي ( أي الإعلان الرسمي ) بمنح 20 ألف دولار أميركي من حساب حكومي خاص ، إضافة إلى 2500 دولار من حساب الوكالة اليهودية ، لكل أسرة يهودية قادمة من الأرجنتين . وفي أوساط الجالية اليهودية الفرنسية التي تعد نحو 522 ألف نسمة ، بحسب إحصاء عام 2000 ليهود العالم ، والتي كان من المأمول ، أو المتخيل ، بفعل بروز معاداة السامية في فرنسا (27) ( والتي ضخمتها إسرائيل وعملت ، بدعم من المنظمات اليهودية الأميركية ، على تسريع وتيرتها وقطف ثمار نتائجها منذ بداية ربيع عام 2002 ) (28) وبفعل التقدمات المالية الشبيهة بالحالة الأرجنتينية لكل عائلة مهاجرة ، نزوح أكثر من نصفها على أقل تقدير ، وفق معدلات هجرة قوامها عشرات الآلاف من يهود فرنسا سنويا . وفي أوساط الجالية اليهودية في أوكرانيا ، التي سبق لها وأن شكلت رافدا أساسيا من روافد الهجرة التي تمت خلال فترة التسعينيات ، وما زال خزانها البشري يحتفظ بنحو 200 ألف من اليهود الذين كان شارون ( رغم أن توقعاته كانت تقول بضعف هذا العدد وتقريبا ) يتأمل بتلبيتهم دعوته وهجرتهم جميعا إلى إسرائيل (29) .وأخيرا في أوساط الجالية اليهودية في جنوب أفريقيا الذين يعدون نحو 80 ألف نسمة ، والتي كان شارون يتأمل بوصول أكثر من نصف أفرادها إلى إسرائيل على امتداد الفترة الزمنية التي حددها لمشروعه .
فروق هائلة بين حساب الحقل وحساب البيدر :مع بداية عام 2008 يكون مشروع شارون ، الذي أراد له كمشروع ديموغرافي إنقاذي ، أن يكون على رأس أولويات حكومته والحكومات اللاحقة ، قد أتم أكثر من نصف عمره الزمني ، وبالتالي يفترض نظريا أن تكون إسرائيل قد تزودت وفق حسابات المشروع ، أي وفق حسابات الحقل ، بأكثر من نصف مليون مهاجر يهودي جديد من خلال هذه الروافد الأربع المرشحة أساسا لتزويد إسرائيل بمليون مهاجر ، غير متناسين بالطبع بعض الروافد الهامشية الأخرى التي يمكن لها أن تساهم بقسط ما ، رغم أن مشروع شارون لم يتعرض لذكرها ، والتي تتمثل بالجالية اليهودية الكبرى في أميركا الشمالية ( كندا والولايات المتحدة ) ، إضافة إلى تجمعات يهودية ، أو تتشبه باليهودية ، في بعض مناطق أفريقيا وآسيا (30) .ماذا تقول حسابات البيدر عن محصلة نتاج السنوات الست الأولى من العمر الزمني للمشروع العتيد ، إن على صعيد الأرقام المتعلقة بعدد المهاجرين ، أو على صعيد جنسياتهم الأصلية ، والتي تشكل محصلة مختلفة تماما مع التوقعات والمراهنات التي اعتمدها شارون بمعونة فريق عمله من مساعدين ومستشارين في الشؤون الديموغرافية من أمثال أرنون سوفير(31) . فلا يهود الأرجنتين ( باستثناء بضعة آلاف منهم ) لبوا الدعوات والمناشدات ، التي كانت تحضنهم على حزم حقائبهم وتتمنى لهم طيب الإقامة فوق أرض إسرائيل ، وفضلوا البقاء في بلدهم الذي بدأ ، على عكس التمنيات الإسرائيلية ، يتجاوز محنته الاقتصادية منذ عام 2002 . أما الراغبين بمغادرة هذا البلد اللاتيني بهدف تحسين أحوالهم المعيشية فقد فضلوا الهجرة إلى الولايات المتحدة ، وبالتحديد إلى ولاية فلوريدا القربية من شواطئ أميركا اللاتينية وذات الأكثرية الهسبانية (32) ( أي من المنحدرين من أصول أميركية لاتينية ) ، والتي لغناها وكثرة فرص العمل فيها يمكن أن تشكل حلما لأكثر من نصف سكان إسرائيل . ولا يهود أوكرانيا الذين يعدون على الأغلب نحو 200 ألف الذين باتت خياراتهم ، منذ بداية الألفية الجديدة ، تتمثل إما باختيار البقاء في أوكرانيا ، التي باتت تعتمد في نظامها الاقتصادي والسياسي على النماذج المعمول بها في الغرب الرأسمالي ، ومقربة من حلف الناتو ] حصلت على العضوية في الحلف المذكور بتاريخ 2/4/2008 [ ، أو اللجوء إلى ألمانيا (33) . وذلك بعد ارتفاع نسبة العائدين من المهاجرين إلى إسرائيل الذين جلبوا معهم ذكريات غير سارة عن تفشي العنصرية وهشاشة الديموقراطية ، وصعوبة العيش داخل إسرائيل . أما عن يهود جنوب إفريقيا وفرنسا فإن أفراد الطائفة الأولى ، رغم كونهم من أبناء طائفة هي الأكثر قربا من الطبقة السياسية الإسرائيلية ، لم يتعاملوا ولو بقليل من الجدية مع مناشدة شارون لهم بالهجرة إلى إسرائيل ، وذلك لانعدام أية بواعث أو أي أسباب موجبة للتجاوب مع هذا الطلب . أما أفراد الطائفة اليهودية الكبرى في فرنسا فقد ظلوا متشبثين بانتمائهم لفرنسا رغم شيوع بعض مظاهر معاداة السامية ( أو بتعبير أصح افتعالها ) التي لم تؤدي مظاهرها السلبية على الطائفة المذكورة إلى حركة نزوح نحو إسرائيل ، واقتصرت مفاعليها في ظهور موجة ضعيفة ساهمت وسطيا في وصول ما بين 2000- 3000 مهاجر سنويا . حمص / ربيع 2008 * كاتب فلسطيني مقيم بسورية







المصـــادر
1- تعتبر فترة 1980- 1988 فترة كارثية في تاريخ الهجرة إلى إسرائيل . فبعد وصول ما مجموعه 37.222 ألف مهاجر إلى إسرائيل خلال عام 1979 ، بدأ منسوب الهجرة بالانخفاض الشديد ليسجل عام 1980 نحو 20.428 مهاجر فقط . وفي العام 1981 نحو 12.599 ألف مهاجر لا غير . ووفق هذا المنسوب المتدني وصل إلى إسرائيل عام 1982 (13.723) ألف مهاجر ، وعام 1983 (16.906) ألف مهاجر ، وعام 1984 (19.981) ألف مهاجر ، وعام 1985 (10.642) ألف مهاجر ، وعام 1986 (9.505) آلاف مهاجر ، وعام 1987 (12.965) ألف مهاجر ، وعام 1988 (13.034) ألف مهاجر لا غير .- ( الكتاب السنوي لإسرائيل 1989 ) المكتب المركزي للإحصاء ، القدس 1989 – مشارا ً إليه في :- رضى سلمان ( الهجرة اليهودية ومعضلة إسرائيل الديموغرافية ) مجلة الفكر الاستراتيجي ، عدد ( تموز ) 1990 ، صفحة 194 .2- خلال فترة الثمانينيات ، وبسبب انخفاض أعداد المهاجرين إلى إسرائيل سنويا ، قياسا مع سنوات فترة السبعينيات ، سادت موجة تشاؤمية سيطرت على مدى عقد من الزمن على الفكر السياسي والديموغرافي الإسرائيلي . ومن خلال أدبيات هذه الموجة التي كانت تشير بالأرقام إلى أن الكارثة الديموغرافية ستحل بإسرائيل عام 2000 ( بحسب توقعات المتشائمين التي كانت ترجح بأن الكتلة السكانية الفلسطينية ستصبح متعادلة عدديا مع الكتلة السكانية اليهودية فوق أرض فلسطين التاريخية ) بدأت إسرائيل تبدو منقسمة بشأن الحل المناسب لهذه المعضلة ، بين فريق " الصقور " من دعاة إسرائيل الكبرى ، الداعين إلى إتباع سياسة التهجير القسري (الترانسفير) بحق السكان العرب ، بهدف درء خطر تحولهم إلى كتلة سكانية موازية عدديا لليهود فوق أرض فلسطين التاريخية (أرض إسرائيل بحسب المصطلح المستخدم في الأدبيات الإسرائيلية) ، وفريق آخر من " الحمائم " ، دعاة الحل السياسي القائم على فكرة دولتين لشعبين ، يطالب الدولة بالتخلي عن الضفة الغربية وقطاع غزة ، والانكفاء داخل حدود الخط الأخضر . لأن الحفاظ على إسرائيل كدولة ذات أكثرية يهودية داخل الخط الأخضر بات أهم من احتلال المناطق (أي الضفة والقطاع) التي باتت تهدد الملامح والسمات اليهودية للدولة .3- يتحدد المجال الزمني للهجرة الكبرى من عام 1989 ، الذي بدأ فيه منسوب الهجرة يبشر الإسرائيليين بتدفق موجات سنوية أعظم شأنا ، حتى نهاية عام 2002 الذي تدنت فيه الهجرة – قياسا مع الأعوام السابقة – حتى حدودها الدنيا . وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار السنوات 2000- 2002 على أنها ذيل الهجرة الكبرى . فبعد انخفاض منسوب الهجرة بدأً من عام 2000 الذي سجل فيه وصول 60 ألف مهاجر ، وصل إلى إسرائيل عام 2001 نحو 44 ألف مهاجر لا أكثر ، وعام 2002 (34) ألف مهاجر لا غير . ( وما بين 20- 22 ألف خلال السنوات اللاحقة ) . وبحسب دوائر الإحصاء الإسرائيلية ( وهي عديدة ومتنوعة ) ، وفي حال اعتبار المجال الزمني للهجرة الكبرى يمتد حتى عام 2002 ، فقد وصل إلى إسرائيل منذ عام 1989 وحتى نهاية عام 2002 ما تعداده 1.111 مليون مهاجر . أما في حال اعتبار عام 2000 على أنه العام الأخير من سنوات الهجرة الكبرى فيمكن القول بالرقم 1.033 مليون على أنه المحصلة الكاملة لأعداد المهاجرين الذين وفدوا إلى إسرائيل خلال فترة الهجرة العظمى .4- مع بداية عام 1990 ، وتحت وقع تأثير تدفق الهجرة إلى إسرائيل ، بدأ شامير يروج لفكرة تذهب في توصيف الهجرة المتدفقة من الاتحاد السوفيتي السابق على أنها " المعجزة الأعظم التي توازي كل المعجزات السابقة عليها والتي عملت ، في حينها ، على إنقاذ الشعب اليهودي ونشله من محنته " .- حسن عبد العال (الهجرة اليهودية الثامنة) أو (المعجزة) – القسم الأول ، مجلة الحرية (قبرص) بتاريخ 10/6/1990 .5- في إشارة منها إلى ما بدأت تعد به هذه الهجرة المنظمة التي ستزيد من رصيد المليونيرة اليهودية (إسرائيل) مليون جديد ، أو إضافي ، خلال العقد الأخير من القرن المنصرم ، بدأت غيئولا كوهين (زعيمة كتلة " هتحيا " وقتذاك ) بالترويج لفكرة تقول بأن الهجرة الكبرى جاءت لتنقذ " روح دولة إسرائيل " وتنقلها من الضيق إلى الفرج .- غيئولا كوهين (الهجرة تكبح النزوح) – يديعوت أحرونوت ، بتاريخ 12/1/1990 .6- في العام 1995 ومن خلال كتابه ( مكان بين الأمم ، إسرائيل والعالم ) ـ دار الجليل ، عمان ، 1995 ـ اعتبر بنيامين نتنياهو بأن زمن " العفريت الديموغرافي " قد ولى إلى غير رجعة ، بفضل تدفق الهجرة التي أرست على أرض الواقع دعائم مستقبل الانتصار الديموغرافي للشعب اليهودي على امتداد المساحة الممتدة من النهر إلى البحر . وبحسب نتنياهو في كتابه ( الفصل الثامن ) فإن المخاوف الديموغرافية من عام 2000 وعام 2020 انتقلت ، بفضل الهجرة المتدفقة من الاتحاد السوفيتي السابق ، من خانة اليهود ، إلى خانة العرب .7- مع حلول عام 2004 ، وتحت ضغط المؤشرات الديموغرافية التي باتت تشير منذ نهاية عام 2003 إلى انخفاض منسوب الهجرة إلى معدلات تتراوح ما بين 20- 22 ألف مهاجر سنويا ، أي إلى الحد الذي بات يعطل تماما عامل الهجرة في النمو السكاني عند الكتلة السكانية اليهودية ( بفعل الدور السلبي للهجرة السلبية التي باتت موازية عدديا للهجرة الإيجابية ) بدأ أصحاب الدراسات والأبحاث والتوقعات الديموغرافية ، من بين اليهود ، يقرون بأن عام 2010 سيكون على الأغلب عام التوازي والتعادل الديموغرافي بين اليهود والفلسطينيين فوق أرض فلسطين التاريخية . وهو ما يذهب إليه أيضا التقرير السكاني الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الصادر عام 2006 بمناسبة مرور 58 عاما على النكبة . فبحسب التقرير المذكور فإن التوقعات الديموغرافية باتت تشير إلى أن التعداد العام للسكان المنتشرين بين النهر والبحر سيصل عام 2010 إلى 12 مليون نسمة نصفهم من اليهود والنصف الآخر من الفلسطينيين .إضافة إلى ذلك لابد من الإشارة إلى أن بعض الديموغرافين ، ومنذ سنوات ، باتوا يرجحون بأن عام 2010 سيكون عام بداية الخلل في التوازي والتوازن الديموغرافي بين الشعبين لمصلحة الفلسطينيين . و هذا ما نجده على الصعيد الإسرائيلي عند الخبير الديموغرافي البروفسور سيرجيو ديلا برغولا ، الذي بدأ يقر منذ عام 2003 ( تحت وقع وتأثير الاعترافات الرسمية عن وجود نحو 300 ألف غير يهودي بين المهاجرين ، وتنامي ظاهرة الهجرة السلبية ) بأن التوازي العددي بين الفلسطينيين واليهود بات واقعا ، و لا داع لانتظار حصوله عام 2010 .بدوره يرى الخبير الديموغرافي الفلسطيني الدكتور يوسف إبراهيم ( أستاذ الجغرافيا والدراسات السكانية في جامعة الأقصى ) بأن واقعة التوازي العددي باتت واقعة منذ عام 2005 ، وبأن عام 2010 سيشهد اختلالا واضحا في التوازي العددي لمصلحة الفلسطينيين ، لأسباب يعزوها أساسا إلى عودة منسوب الهجرة الوافدة إلى إسرائيل إلى الانخفاض دون الحد الأدنى المطلوب منذ عام 2003 . وبحسب الأرقام التي أوردها الخبير الفلسطيني خلال صيف عام 2005 ، فإن مكتب الإحصاء التابع للسلطة الفلسطينية توصل من خلال دراسة منشورة عن التوقعات الديموغرافية لعام 2010 بأن التعداد العام للسكان المنتشرين بين النهر والبحر سيصل عام 2010 إلى 12 مليون نسمة أكثريتهم من الفلسطينيين الذي سيعدون نحو 6.3 مليون لا أقل ، في حين سيبلغ تعداد اليهود نحو 5.7 مليون ، لا أكثر . ] المصدر : صحيفة الحرية ( أسبوعية ) ، بيروت ، بتاريخ 7/8/2005 " باحث فلسطيني : المشروع الصهيوني يخسر " المعركة الديموغرافية " [- حسن عبد العال ( فلسطين بعد خمس سنوات : عرب أكثر ، يهود أقل ) – صحيفة المستقبل (نوافذ) بيروت بتاريخ 30/10/2005 .8- أستاذ الجغرافيا والدراسات السكانية في جامعة حيفا ، وهو أبرز وأقدم الباحثين الديموغرافيين في إسرائيل اليوم . فكما كان الاسم الأبرز من خلال الموجة التشاؤمية التي سيطرت على الفكر السياسي والديموغرافي الإسرائيلي خلال فترة الثمانينيات ، ما زال الاسم الأبرز من خلال الموجة التشاؤمية الراهنة .يعتبر سوفير من أكثر الأكاديميين المحذرين من النسبة المرتفعة للمواليد عند الفلسطينيين ، إلى درجة بات يقترن اسمه في إسرائيل بوصفه ( عداد العرب ) و ( النبي المنذر بالخطر الديموغرافي العربي ) .9- خبير وباحث بارز على صعيد الدراسات والإحصاءات المتعلقة بالديموغرافيا اليهودية على نحو عام ، إضافة لتلك المتعلقة بالواقع والمستقبل الديموغرافي لليهود في فلسطين .- يرأس منذ سنوات " معهد التخطيط للشعب اليهودي " .10- بتاريخ 10/6/2002 ، قام رئيس مجلس الأمن القومي اللواء (احتياط) عوزي ديان بعرض تصوراته على جبهة المواجهة الديموغرافية مع الفلسطينيين أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست . وبحسب هذه التصورات المغرقة في التشاؤم ، أقر الجنرال ديان بأن اليهود سيخسرون موقعهم المميز كأكثرية بين النهر والبحر مع حلول عام 2020 ، وسيشكلون ما نسبته 45 في المئة من مجموع السكان الذين سيبلغ تعدادهم نحو 15 مليون نسمة مع اقتراب حلول هذا العام المشؤوم .- حاييم شيبي (في عام 2020 لن تكون هناك أغلبية يهودية في البلاد) ، " يديعوت أحرونوت " بتاريخ 11/6/2002 .11- ليس هناك من سبب إسرائيلي خاص باعتماد عام 2020 من قبل أصحاب الدراسات والأبحاث والتوقعات الديموغرافية الإسرائيلية . وكل ما في الأمر أن هذا الاعتماد جاء من قبيل مواكبة موجة الدراسات المستقبلية التي صدرت في الغرب خلال العقد الأخير من القرن المنصرم ، والتي اعتمدت عام 2020 كسقف زمني للتوقعات ، أي على طريقة الباحث والخبير الاقتصادي البريطاني هامش ماكري في كتابه ( العالم عام 2020 ) الصادر في لندن عام 1995 ، ومؤلفات وأبحاث كثيرة غيره على سبيل المثال . وعلى هذا الصعيد المتعلق بهذا البعد أو المجال الزمني للتوقعات الديموغرافية في إسرائيل ، والتي بدأت بالظهور مع بداية الألفية الجديدة ، يمكن للباحث المدقق أن يلاحظ تفاوتا في حجم ومقدار الكتلة السكانية اليهودية ونسبتها المتردية مع حلول عام 2020 عند الخبير الواحد خلال السنوات الخمس أو الست المنصرمة ، وهذا عائد أساسا إلى أن بعض الخبراء باتوا من خلال توقعاتهم يأخذون في عين الاعتبار ظواهر ، أو وقائع جديدة أو مستجدة ، كما في مثال الاكتشاف المتأخر ، أو بتعبير أصح الاعتراف المتأخر ، الذي يقر بوجود نحو 300 ألف مهاجر قدموا إلى إسرائيل وتم تصنيفهم على أنهم من غير اليهود .12- إشارة إلى المحاضرة التي ألقاها سوفير في إطار المنتدى السنوي المخصص لمسائل المناعة السياسية والإستراتيجية ، وفيها حذر من خطورة التحولات الديموغرافية خلال العقدين المقبلين في المنطقة الممتدة بين النهر والبحر ، حيث سيصبح العرب مع حلول عام 2020 نحو 58 في المئة من السكان ، في حين ستنحسر نسبة اليهود إلى نحو 42 في المئة . وخلال النصف الأول من شهر حزيران (يونيو) 2001 أعاد التأكيد على توقعاته من خلال التقرير الديموغرافي الذي صدر عن " مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي " التابع لجامعة حيفا .ـ حسن عبدالعال ( فلسطين ومستقبل الصراع على الجبهة الديموغرافية ) صحيفة المستقبل ، بيروت ـ بتاريخ 21/12/2001 .13- يشير تقرير البنك الدولي عن مؤشرات التنمية العالمية والذي نشرته " إيكونومست أنتلجنس يونيت " في عددها الصادر بتاريخ 1/7/2001 ، بأن نسبة النمو الطبيعي عند الفلسطينيين في الضفة والقطاع تبلغ 3.7 في المئة ، بينما تبلغ في إسرائيل 1.5 في المئة . وإذا أخذنا بعين الاعتبار ملاحظة البروفسور " سوفير " على التقرير ، وتأكيده بأنه لم يلحظ بأن نسبة التكاثر الطبيعي عند الفلسطينيين داخل الخط الأخضر هي ضعف ما هي عليه عند اليهود الإسرائيليين ، فإن نسبة 1.5 في المئة التي تشمل كل مواطني الدولة من يهود ( نحو 80 % ) وعرب ( نحو 20 % ) هي أقل من ذلك ( 1.2 – 1.3 في المئة ) عند اليهود . وعلى هذا الصعيد تجدر الإشارة إلى أن التقارير الإسرائيلية الخاصة بالولادات غالبا ما تشير إلى أن ما نسبته نحو ثلث الولادات المسجلة في إسرائيل سنويا تأتي من جهة الكتلة السكانية العربية التي تشكل نحو 20 في المئة من سكان الدولة . ويسود الاعتقاد في الأوساط الديموغرافية بأن السبب الأساسي لهذه الظاهرة يعود إلى البنية الفتية للشعب الفلسطيني داخل الخط الأخضر ، وفي الضفة والقطاع ، مقارنة مع البنية المائلة نحو الهرم عند الكتلة السكانية اليهودية . وبحسب معطيات ديموغرافية نشرتها دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية بتاريخ 24/9/2003 ، فإن السكان اليهود هم الأكبر سنا في إسرائيل إذا أن 12 في المئة منهم يبلغون 65 سنة فما فوق ، مقابل 3 في المئة فقط لدى الفلسطينيين . وتبلغ نسبة الأولاد وتحت سن 14 سنة نحو 25.5 في المئة لدى اليهود ، في حين تبلغ عند الفلسطينيين نحو 43.2 في المئة .14- بحسب الاستطلاع الذي أجراه كل من أفرايم ياعر وتمارا أهرمان ، ونشر بتاريخ 18/10/2002 في صحيفة هآرتس يستدل بأن نسبة الراغبين المصممين على الهجرة خارج إسرائيل وسط الجيل الشاب ، لأسباب اقتصادية ، تصل إلى 25 في المئة ممن يرون بأن مستقبلهم بات يتحدد خارج إسرائيل ، وبالتحديد في الولايات المتحدة وكندا ، أو غيرهما من دول الرفاه .هذه النسبة المرتفعة التي تشمل ربع شباب إسرائيل ، بدأت بالارتفاع مع الاستطلاعات والتقارير والأبحاث اللاحقة التي بدأت تقر بأن ما نسبته نحو ثلث شباب إسرائيل ، لا بل أكثر قليلا ، بدأوا يفكرون بالهجرة خارج البلاد . وعلى سبيل المثال وبحسب دراسة إسرائيلية مقدمة إلى مؤتمر " هرتسيليا " السادس (بداية 2006) تحت عنوان " الحس الوطني والحصانة القومية في إسرائيل " ، وأشارت إلى بعض مضامينها صحيفة " معاريف " في عددها الصادر بتاريخ 19/1/2006 ، بات يجري الحديث ، أو بتعبير أدق الإقرار، بأن نحو 44 في المئة من الشباب الإسرائيلي باتوا يفكرون بالهجرة خارج الوطن .15- حسن عبد العال ( الهجرة اليهودية الثامنة ) أو ( المعجزة ) – القسم الأول نشر في مجلة الحرية – قبرص ـ بتاريخ 10/6/1990 ، القسم الثاني بتاريخ 17/6/1990 ، القسم الثالث بتاريخ 9/9/1990 .16- حسن عبد العال ( فلسطين عام 2020 : عرب أكثر ، يهود أقل ) – صحيفة المستقبل ، بيروت ، الملحق الثقافي الأسبوعي (نوافذ) بتاريخ 9/11/2002 .17- مزاعل موعلم ( ثلثا المهاجرين من دول الاتحاد السوفيتي ليسوا يهودا ) – صحيفة هآرتس بتاريخ 21/8/2002 . مع ضرورة الإشارة ، منعا للالتباس ، بأن نسبة الثلثين الواردة في عنوان المقال تخص موجة المهاجرين الروس الذين قدموا إلى إسرائيل من بداية عام 2002 حتى نهاية شهر تموز من العام نفسه .18- خلال صيف عام 2004 ، نشر مراسل صحيفة " ترود " الروسية في إسرائيل ، قسطنتين كابيتونوف ، تقريرا عن واقع المهاجرين الروس الجدد داخل إسرائيل . ومن خلال تقريره الذي أفاد بأن عدد المهاجرين الروس من غير اليهود الذين وصلوا إلى إسرائيل ، منذ بداية التسعينيات وحتى بداية عام 2004 ، بات أكثر من 300 ألف نسمة ، وهم جميعا من المسيحيين الأرثوذكس الناطقين بالروسية الذين باتوا ، بحكم الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ، عرضة لكافة أنواع التمييز العنصري التي تطال غير اليهود في دولة إسرائيل . فعلى سبيل المثال – بحسب كابيتونوف – بات يمنع على كل مهاجر روسي غير مصنف كيهودي في سجلات وزارة الداخلية ، الإقامة أو الاستقرار في العديد من المدن والبلدان والقرى الإسرائيلية لأنها محظرة على غير اليهود . كما بات يمنع عنهم شغل نحو 80 وظيفة أو مهنة ، وفي حال شغلهم أي وظيفة أو مهنة مصرح لهم بها يحق لرب العمل طردهم منها من دون أية مساءلة ، لأنهم من الأغيار . كما أن جرائم القتل التي تتم بحق غير اليهود من المهاجرين الروس تمر من دون عقاب الجاني ، ويتم التعامل مع الجرائم التي تطالهم على أنها اعتداءات على الأغيار ، أو ضد الأغيار- رشيد قويدر " تقرير يعرض للواقع المأساوي للمهاجرين الروس " – صحيفة " الحرية " الأسبوعية ، بيروت ، بتاريخ 29/8/2004 .19- تعتبر حركة شاس ممثلة بزعيمها ، ووزير الداخلية السابق ، " إيلي يشاي " من أكثر اليهود المتدينين المحذرين من خطر ظاهرة المهاجرين الروس ، من غير اليهود ، على سلامة الدولة وهويتها كدولة ذات أكثرية يهودية . ولهذا بدأ من بداية صيف عام 2002 ، وبصفته كوزير للداخلية ، بحملة لإدخال تغييرات على قانون العودة في صيغته الراهنة التي باتت تسمح بتسرب " غير اليهود " من أبناء وأحفاد اليهودي إلى إسرائيل ، كما في ظاهرة المسيحيين الأرثوذكس الذين رافقوا الهجرة الكبرى. وبحسب يشاي ، منذ عام 2002 ، فإن هذا العامل السلبي الذي بدأ يفعل فعله ، من خلال زيادة عدد من هم من غير اليهود في إسرائيل ، سيعمل خلال فترة أقصاها عام 2010 على إفقاد الدولة لهويتها اليهودية . وهكذا ، بحسب يشاي ، " فإن القانون الديني الذي كان من المفترض به أن يحافظ على الطابع اليهودي للدولة ، بات يؤدي في صورته الراهنة إلى زيارة عدد غير اليهود داخل الدولة ".20- تختلف مشكلة استيعاب المهاجرين الجدد من موجة التسعينيات عن مشكلة سابقيهم ( حيث كانت في الماضي تتمثل في مجرد توفير السكن والعمل وتقديم إعانة مالية متواضعة ) حيث أن الأكاديميين وأصحاب الاختصاصات والمؤهلات العلمية والفنية الذين يشكلون نسبة عالية من مجموع المهاجرين الجدد ( بضع مئات من الآلاف ) باتوا فوق قدرة إسرائيل على استيعابهم ، وتوفير فرص عمل تتناسب ومؤهلاتهم العلمية الرفيعة . وبحسب العديد من التقارير الإسرائيلية المنشورة عن ظاهرة عجز إسرائيل وعدم مقدرتها على حل هذه المعضلة ، فإن أصحاب المؤهلات العلمية من المهاجرين الجدد باتوا ينزعون ، من جديد ، نحو الهجرة إلى الولايات المتحدة وكندا ، أو غيرهما من دول الرفاه . كما باتوا يفضلون العودة إلى روسيا و أوكرانيا .. إلخ . لأن البقاء في إسرائيل بات أمرا عديم الجدوى والقيمة .وبحسب تقارير أخرى فإن الكثيرين من أصحاب المؤهلات العلمية والفنية من المهاجرين الروس باتوا مضطرين للانخراط في سوق العمل الأسود لتأمين معيشتهم . " وفي إسرائيل اليوم باتت كثيرة هي الشهادات التي توردها وسائل الإعلام والبرامج الوثائقية عن مهندس روسي يعمل في جمع القمامة ، أو معلمة تحولت إلى مهنة الدعارة ، أو مدربة باليه سابقة تتسول المعونة من الجمعيات الخيرية " – نهاد أبو غوش (مراسل صحيفة المستقبل في القدس المحتلة) " المهاجرون الروس في إسرائيل " – صحيفة المستقبل ، بيروت ، بتاريخ 27/1/2003 .21- " هل ستعيش إسرائيل حتى 100 عام ؟ " هو عنوان مقال شفارتس في مجلة ( أتلانتيك ) الأميركية . وقامت صحيفة " معاريف " من خلال الملحق الأسبوعي الصادر بتاريخ 27/4/2005 باستعراض أهم ما جاء فيه ، من خلال تقرير مفصل تناول أصداء وقع نبوءة شفارتس ( التي توقع من خلالها بنهاية إسرائيل على جبهة المواجهة الديموغرافية مع الفلسطينيين مع اقتراب حلول عام 2048 ) على النخب الإسرائيلية المعنية بالهم الديموغرافي .- إريك بندر ، يوآف برومر ( في الطريق إلى سنة 2048 ) – معاريف ( الملحق الأسبوعي ) بتاريخ 27/4/2005 .نقله من العبرية إلى العربية إسماعيل عباس ، ونشر في صحيفة المستقبل ، بيروت ، بتاريخ 28 و 29/4/2005 . لاحقا نشرت ترجمة له في مجلة " الدراسات الفلسطينية " ، بيروت ، العدد /63/ صيف 2005 .22- كما في عام 1988 الذي تم من خلاله تسجيل وصول 13.034 ألف مهاجر ، ونزوح 14.600 ألف مهاجر سلبي . أي أن ميزان الهجرة سجل ( - 1.566 ) . ويذكر على هذا الصعيد بأن ميزان الهجرة على امتداد السنوات 1980 – 1987 سجل لصالح إسرائيل هجرة صافية قوامها 25.749 ألف مهاجر فقط ، أي بمعدل وسطي قوامه نحو ثلاثة آلاف مهاجر ، أو أكثر قليلا في العام الواحد .23- حسن عبد العال ( هل إسرائيل مهددة بالإفلاس الديموغرافي ؟! ) – صحيفة المستقبل ، بيروت ، بتاريخ 23/6/2005 .24- صحيفة " معاريف " بتاريخ 20/12/2004 .25- بشيء من التفصيل فقد وصل إلى إسرائيل من كندا خلال الفترة الفاصلة بين عام 1989 وعام 2003 نحو 3993 مهاجر ، غادر منهم إسرائيل نهائيا عائدا من حيث أتى نحو 1092 مهاجر . كما وصل إلى إسرائيل من الولايات المتحدة في الفترة ذاتها ما تعداده 29.727 ألف مهاجر ، غادرها منهم عائدا من حيث أتى نحو 6816 مهاجر .26- قبل ذلك بسبعة أشهر ، أي خلال فترة إعداد الدراسة المتكاملة للمشروع ، كان شارون قد كشف عن مشروعه الديموغرافي الطموح من خلال لقاء مع صحيفة " جيروزاليم بوست " الصادرة بالإنكليزية بتاريخ 27/4/2001 ، ومن خلال المقابلة المذكورة أفصح شارون عن أهمية حصول إسرائيل على مليون مهاجر جديد خلال السنوات الـ 13 القادمة ، أي تكرار موجة هجرة جديدة شبيهة بموجة الهجرة التي تدفقت على إسرائيل خلال التسعينيات من القرن المنصرم ، وفي إجابة على تساؤل الصحيفة عن المناطق والجاليات اليهودية التي سيجلب منها شارون هذا العدد الكبير أفاد شارون بأنه سيأتي به من أميركا اللاتينية " حيث يعيش نحو نصف مليون يهودي في حالة من الضيق " . وبخاصة من الأرجنتين التي يعيش فيها نحو 230 ألف يهودي في ظل وضع اقتصادي صعب للغاية ، ومن البرازيل التي يعيش فيها 130 ألف يهودي، والمكسيك التي يعيش فيها 50 ألف يهودي ، إضافة فنزويلا وباقي دول أميركا اللاتينية . كما اعتبر أن ما تعداده نحو 700 ألف يهودي فرنسي – بحسب تقديره بالطبع – وبضعة مئات من الآلاف الآخرين من يهود أوكرانيا ، ونحو 80 ألف يهودي في جنوب أفريقيا " باتوا جميعا مرشحون محتملون للهجرة إلى إسرائيل " . ومن هذا التعداد العام للجاليات المذكورة سيستجر ما تعداده مليون مهاجر يهودي جديد خلال الأعوام الـ 13 المقبلة . مع ضرورة الإشارة إلى أن هذا المجال الزمني للمشروع عاد واختصره شارون مع تقدم الدراسات الخاصة بمشروعه إلى 10 سنوات .27- مع بداية عام 2002 نشر المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا ( الكريف ) تقريرا يفيد بوقوع نحو 300 حادث اعتداء على أشخاص ومراكز يهودية خلال الربع الأخير من العام 2001 . وكانت هذه الاعتداءات في مجملها من العيار الخفيف مثل شتم وإهانة أشخاص (يهود) ، أو إلقاء حجارة والتسبب بكسر زجاج متاجر أو مراكز ومؤسسات يهودية ، أو كتابة عبارات معادية لليهود على جدران بعض المعابد والمدارس اليهودية ... إلخ . وبحسب دارسي النشاط الصهيوني داخل التجمعات اليهودية التي كانت مرشحة للهجرة إلى فلسطين منذ الثلاثينيات والخمسينيات من القرن المنصرم فإن أصابع الموساد ليست ببعيدة عن تلك الأحداث التي يراد بها إشعار يهود فرنسا بعدم الأمان في وطنهم ودفعهم نحو خيار الهجرة إلى إسرائيل وطن اليهود .جدير بالذكر بأن هذه الحوادث التي استمرت حتى عام 2004 ، وتجاوزت فرنسا لتطال بدورها بلجيكا وألمانيا والنمسا ، لم تسفر التحقيقات الأمنية بشأنها عن أية دلائل تشير إلى مقترفيها . وهو الأمر الذي يرجح القول بأن جهات منظمة ومحترفة كانت من وراء هذه الاعتداءات . وبحسب البعض أيضا ، من أمثال الناشط الفرنسي " جوزيه بوفيه " رئيس اتحاد مزارعي فرنسا ، فإن تدبير هذه الاعتداءات ، وبخاصة على المعابد اليهودية في فرنسا ، هو من تدبير الموساد الإسرائيلي الذي يشارك بحملة تهيئة وتحضير يهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل .28- من مؤشرات وصول الحملة الإسرائيلية ذروتها ، خطاب شمعون بيريز ( وزير الخارجية الإسرائيلية وقتذاك ) أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية – الإسرائيلية ( إيباك ) بتاريخ 21/4/2002 والذي رفض فيه الانتقادات الأوروبية ، وبخاصة الفرنسية ، لإسرائيل ووصفها بأنها تعبير عن شعور معادي للسامية تجاه الدولة اليهودية في أوروبا ، وبأن اليهود لم ينسوا يوما ماضي أوروبا المعادي للسامية .كذلك الأمر التنديد الفرنسي بالحملة الإسرائيلية الماكرة على فرنسا على مستوى وزير الخارجية – وقتذاك – دومنيك دو فيلبان ، إضافة إلى التحذير الذي وجهه شيراك إلى شارون متهما إياه بأنه هو ، ومعه تياره في الحكومة الإسرائيلية ، من يقف وراء الحملة على فرنسا التي وصلت ، ليس إلى حد دعوة إسرائيل للولايات المتحدة لمقاطعة المنتجات الفرنسية ، وإنما إلى حد دعوة ما يسمى بـ ( المجلس اليهودي – الأميركي ) ، الموالي لإسرائيل ، للسينمائيين في الولايات المتحدة مع بداية صيف عام 2002 لمقاطعة مهرجان " كان " السينمائي في دورته الخامسة والخمسون ، كجزء من حملة عامة تهدف إلى مقاطعة فرنسا التي باتت – بحسب المجلس المذكور – " من أكثر دول العالم عداءً للسامية " .والجدير بالذكر بأن المجلس المذكور كان قد وجه دعوته المذكورة من خلال مساحات إعلانية اشتراها في صحيفتي ( هوليود ريبورتر ) و ( فادايتي ) تم من خلالها توصيف "فرنسا شيراك" على أنها صورة طبق الأصل عن " فرنسا المارشال بيتان " .29- بحسب الإحصاء السكاني الذي نشرته السلطات السوفيتية عام 1970 يلاحظ بأن عدد سكان أوكرانيا كان وقتذاك 47 مليون نسمة ، منهم 777 ألف يهودي ، وهو تقريبا العدد الذي كانت عليه الجالية اليهودية الأوكرانية عام 1989 ، إضافة للزيادة الطبيعية التي حصلت على امتداد السنوات الفاصلة ما بين عام 1970 وعام 1989 . وفي حال اعتبار أن الهجرة خلال موجة التسعينيات قد استهلكت أكثر من ثلثي التعداد العام لليهود الأوكرانيين يمكن القول بوجود نحو 200 ألف يهودي في أوكرانيا منذ بداية الألفية الجديدة ( يقابلهم نحو 250 ألف يهودي في روسيا ) . مع ضرورة الإشارة إلى أن إحصاء عام 2000 ليهود العالم الصادر عن " معهد اليهودية المعاصرة " التابع للجامعة العبرية بالقدس ، كان يقدر وقتها عدد اليهود الذي ما زالوا يقطنون مناطق الاتحاد السوفيتي السابق بنحو 540 ألف نسمة .30- مثل الفلاشا في الحبشة ، وأشباه اليهود في أوغندا الذين يطلق عليهم جماعة ( أوغنديو أبايوديا ) وأشباه اليهود المنتشرين على حدود الهند مع بورما ( ميانمار ) الذين يطلق عليهم تسمية ( يهود مانيبور ) – نسبة إلى منطقة مانيبور –
- حول مزيد من المعلومات عن هذه المجموعات الهامشية شبه اليهودية ومحاولات استجرارها إلى إسرائيل ، انظر :- د। عبد الوهاب المسيري ( الصهيونية وخيوط العنكبوت ) دار الفكر ، دمشق 2006 ، الفصل الثاني .31- على أثر استلام شارون السلطة في شباط (فبراير) 2001 ، أصبح سوفير من أبرز المستشارين المقربين إليه ، في المسائل المتعلقة بخيارات إسرائيل على جبهة المواجهة الديموغرافية مع الفلسطينيين . وكان من أشد المقربين من شارون حماسة لفكرة بناء الجدار العازل ( التي كان يعتبرها في الأصل على أنها فكرته ) كما كان من وراء الفكرة التي اعتمدها شارون والقائلة بخيار فك الارتباط مع الفلسطينيين والانسحاب من جانب واحد ( كما حصل في غزة ) . وهو فوق ذلك صاحب فكرة استجرار نصف مليون يهودي خلال عشرة أعوام التي اعتمدها شارون وجعلها على رأس أولويات حكومته ، بعد أن ضاعف العدد من 500 ألف إلى مليون مهاجر .32- بحسب إحصاء يهود العالم لعام 2007 الصادر عن " معهد تخطيط سياسات الشعب اليهودي " التابع للوكالة اليهودية ، فإن عدد يهود الأرجنتين بلغ عام 2007 نحو 184 ألف نسمة ، وإذا قارنا هذا الرقم بالرقم الذي صدر عام 2000 عن " معهد اليهودية المعاصرة " وهو 203 آلاف نسمة يمكن القول بأن عدد الجالية اليهودية المذكورة قد تناقص – بسبب الهجرة – قرابة 19 ألف نسمة . وهذا يعني من جهة بأن ظاهرة الهجرة هي ظاهرة هامشية في الوسط اليهودي في الأرجنتين . ومن جهة أخرى يعني بأن حصة إسرائيل كانت أقل من نصف العدد المذكور بالرغم من الإغراءات المالية السخية المقدمة من قبل إسرائيل لكل مهاجر قادم من الأرجنتين .33- في العام 1989 كان عدد اليهود في ألمانيا لا يتعدى 26 ألف نسمة ، أما اليوم ، وبحسب إحصاء عام 2007 الصادر عام 2008 عن " معهد تخطيط سياسات الشعب اليهودي " ، فقد أصبح عددهم نحو 120 ألف نسمة . وهذه الزيادة التي تبلغ نحو 95 ألفا ً تعود إلى ظاهرة تدفق المهاجرين من دول الاتحاد السوفيتي السابق ، وبخاصة من روسيا و أوكرانيا ، على ألمانيا منذ عام 1990 وحتى نهاية عام 2007 ، وتقتصر فقط على المهاجرين " المسجلين " في جمعيات الطائفة اليهودية الألمانية ، وهي بالتالي لا تشتمل على المهاجرين اليهود " غير المسجلين " في الجمعيات المذكورة ، وهم بحسب تقديرات ألمانية شبه رسمية يعادل عددهم ، عدد المسجلين . وهم في غالبيتهم من الروس والأوكرانيين الذين لم يرتأوا الإفصاح عن هويتهم اليهودية ، لأسباب بعضها يعود لتقديرات خاصة أو شخصية ، وبعضها الآخر يعود لأسباب قانونية ، بقصد الإفلات من القيود الألمانية على هجرة اليهود التي وضعت بضغط من حكومة شارون ، والتي كما يقول " ديفيد كروسلاند " مراسل صحيفة " الغارديان " في برلين بتاريخ 7/1/2004 ، تتضمن قرار وزراء داخلية المقاطعات الألمانية الاتحادية الستة عشر في نهاية عام 2003 بتخفيض أعداد المهاجرين اليهود إليها عبر تحويل هجرة هؤلاء إلى هجرة مشروطة ( أي متعلقة بتوفر شرط إتقان اليهودي للغة الألمانية . أو تمتعه بمهنة رفيعة المستوى ) ولهذا ، كما يقول كروسلاند في مقاله ، بات المهاجرين اليهود الذين يغادرون روسيا وأوكرانيا ... إلخ يدخلون ألمانيا كمهاجرين بصفتهم روس وأوكرانيين ، لا بصفتهم يهود ، بهدف التهرب من الشروط الألمانية .وبحسب كروسلاند فإن التقديرات الألمانية لعام 2003 لأعداد المهاجرين اليهود المسجلين ، وغير المسجلين كيهود ، تبلغ نحو 175 ألف مهاجر .

حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا


موبايل:००९६३९४४०९४४२९

هناك تعليق واحد:

  1. T-Shirt | Titanium Hammers | T-Shirt.com
    T-Shirt - The T-Shirt.com is titanium uses a brand new, where to buy titanium trim handmade T-Shirt created to look professional and 2017 ford fusion energi titanium professional. camillus titanium knife This titanium nitride bolt carrier group T-Shirt is inspired by the

    ردحذف