الثلاثاء، 12 مايو 2009

اسرائيل على طريق الافلاس الديمغرافي:حسن عبد العال

إسرائيل على طريق الإفلاس الديموغرافي

حسن عبدالعال

13-5-2009م

على الرغم من التحضيرات والاعتمادات المالية السخية التي رصدتها الحكومة الاسرائيلية والوكالة اليهودية لصالح المشروع الديموغرافي الطموح الذي أعلن عنه شارون أمام مؤتمر محرري الصحف والمطبوعات الاسرائيلية بتاريخ 28/11/2001 والقاضي " بجلب مليون مهاجر يهودي جديد " على امتداد السنوات العشر الفاصلة بين الأعوام 2002 و 2012 ، يمكن القول بأن كل الاعتمادات المالية والجهود المبذولة لانجاح المشروع المذكور الذي تقدم به شارون باعتباره على رأس الأولويات ، والهدف الأول والأسمى لحكومته ، لم تثمر شيئا على ارض الواقع 0 أو بتعبير أدق ، لم تكن متوافقة بالمطلق من الآمال والجهود المبذولة من قبل فرق العمل واللجان الرسمية التي بدأت تنشط في أوساط الجاليات اليهودية التي رشحها شارون لتكون بمثابة الروافد الثلاثة التي ستزود اسرائيل بنحو ثلاثة أرباع المليون من المهاجرين اليهود حتى عام 2010 ، أي في أوساط الجاليات اليهودية في أميركا اللاتينية ، وبخاصة الجالية اليهودية في الأرجنيتن التي تعد نحو 200 ألف نسمة، والتي كان من المتوقع هجرتها بالكامل إلى اسرائيل بفعل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي بدأ يشهدها هذا البلد اللاتيني منذ عام 2001 ، وبفضل مغريات الاعلان الرسمي الصادر عن الحكومة الإسرائيلية بعد أقل من شهرعلى اطلاق شارون لمشروعه والقاضي ( أي الاعلان الرسمي ) بمنح 20 ألف دولار من حساب حكومي خاص ، اضافة إلى 2500 دولار من حساب الوكالة اليهودية ، لكل أسرة يهودية مهاجرة من الأرجنتين 0 وفي أوساط الجالية اليهودية الفرنسية التي تعد نحو 500 ألف نسمة والتي كان من المتخيل بفعل ظاهرة معاداة السامية في فرنسا ( التي ضخمتها اسرائيل وعملت على تسريع وتيرتها ) نزوح أكثر من نصفها إلى إسرائيل وبمعدلات هجرة لاتقل عن 30 ألف مهاجر يهودي فرنسي سنويا0 وكذلك الأمر بالنسبة للجالية اليهودية في جنوب افريقيا التي تعد نحو 80 الفا والتي كانت الحكومية الشارونية تتوقيع تلبية دعوتها للهجرة إلى إسرائيل بمعدل يتراوح مابين 15 – 20 ألف مهاجر سنويا وعلى أقل تقدير 0 وبمعزل عن الفشل الذريع الذي مني به مشروع شارون على صعيد الجاليات اليهودية المرشحة للهجرة من قبل الحكومة الاسرائيلية والوكالة اليهودية على حد سواء ، والتي تشكل المراهنة على تجاوبها السريع مع الدعوة الموجهة إليها أساس مشروعه الانقاذي على الصعيد الديموغرافي ، فان المصادر الاسرائيلية الرسمية وشبه الرسمية ، المتمثلة بمكتب الاحصاء المركزي والوكالة اليهودية ، تشير وبالأرقام إلى أن معدلات الهجرة اليهودية الوافدة إلى إسرائيل خلال سنوات 2002 – 2004 والتي كان يتوقع لها أن لاتقل سنوياً عن 80 – 100 ألف نسمة ، استناداً إلى حسابات شارون المعلنة ، هي دون الحد الأدنى المطلوب وبكثير 0 وبأن نسبة الهجرة منذ عام 2002 ( التي سجلت انخفاضا عن عام 2001 بنحو 27 في المئة ) باتت تنحسر وتقل عاما بعد عام بنسب تتراوح مابين 10 – 15 في المئة على الأقل سنويا ، أي أن حركة الهجرة الإيجابية بدأت تسجل أرقاماً أقل من السنتين السابقتين على اطلاق شارون ورشة العمل الخاصة بمشروعه الديموغرافي الطموح 0 وبحسب المعطيات الاحصائية الرسمية الأخيرة فقد وصل إلى اسرائيل عام 2004 نحو ( 21 ) ألف مهاجر فقط ، أي أقل بنسبة 10في المئة من عدد المهاجرين الذين وصلوا اليها عام 2003 ، وبحسب التوقعات الناجمة عن هذه المعطيات فان الأعوام القادمة ، أو بتعبير ادق الباقية من المجال الزمني الذي حدده شارون لمشروعه القاضي بجلب مليون مهاجر جديد ، ستشهد انخفاض الهجرة السنوية عن الرقم المسجل عام 2004 بمعدل يتراوح مابين 3 – 6 آلاف ، ومن المتوقع بدءاً من العام القادم 2006 استقرار معدلات الهجرة ليسجل نحو 15 ألفا فقط ، أي أقل بنحو 85 ألفا في العام من الرقم الذي يحتاجه مشروع شارون ( وأقل من 65 ألفا من الحد الأدنى السنوي المتوقع بحسب المشروع المذكور وهو 80 ألفا على أقل تقدير ) الذي يهدف "على نحو عام " إلى التغلب على الخصوبة العالية عند فلسطيني عام 1948 المقيمون داخل الخط الأخضر ، والتي تكفل لهم مضاعفة عددهم كل 20 عاما ، و" على نحو خاص " إلى توطين يهود فرنسا والأرجنتين وجنوب إفريقيا في القدس التي أصبح العرب يشكلون فيها ثلث السكان ، وفي الجليل بهدف كسر التوازن الديموغرافي القائم بين اليهود والعرب لمصلحة العنصر اليهودي0على صعيد آخر لايقل خطورة عن تقلص الهجرة السنوية إلى إسرائيل دون معدلات الحد الأدنى وبكثير ، مازالت اسرائيل تشهد تنامي معدلات الهجرة المعاكسة ( رغم تحسن الوضع الأمني وتعافي الاقتصاد منذ عام 2003) ، أي هجرة اليهود نهائيا من اسرائيل إلى بلاد أخرى ، أو إلى الدول التي قدموا منها في الغالب ، كما هو الحال بالنسبة للمهاجرين الجدد القادمين من روسيا والعديد من دول أوروبا الشرقية المرشحة للانضمام إلى الإتحاد الأوروبي مثل بولونيا ورومانيا.....الخ ، ( وحتى ايران التي وصلها خلا شهر كانون الثاني ، يناير، 2005 نحو 30 عائلة ايرانية يهودية قررت الهجرة من اسرائيل والعودة نهائيا الى البلد الذي قدمت منه ) 0 وبحسب الأرقام فان معدلات الهجرة المعاكسة من اسرائيل إلى الخارج باتت متساوية ، وتزيد في بعض الأعوام ، عن حجم الهجرة السنوية الوافدة إلى اسرائيل ، وبطريقة باتت تهدد اسرائيل التي تحتاج سنويا الى هجرة يهودية ( صافية ) قوامها نحو 50 ألف مهاجر سنويا ، بالخسارة على جبهة المواجهة الديموغرافية مع فلسطيني عام 1948 ، وفقدانها في مستقبل قريب للامتياز الذي سبق وحافظت عليه كدولة ذات أكثرية يهودية. فبحسب التوقعات السوداوية ـ كما توصف في إسرائيل ـ فإن شح الهجرة الإيجابية وارتفاع معدلات الهجرة السلبية في ظل انخفاض معدلات التكاثر الطبيعي عند اليهود ، قياساً بأندادهم عرب 48 ، سيؤدي إلى انخفاض نسبة النمو السكاني عند يهود إسرائيل إلى أقل من 1 في المئة، أو تدنيه عند حدود نقطة النمو صفر 0 وهو الأمر الذي سيؤدي في حال عدم وقوع معجزة ما تنقذ إسرائيل من الزحف الديموغرافي الفلسطيني المضاد الذي يمثله عرب 48 ، إلى فقدان إسرائيل صفتها كدولة صهيونية ذات أكثرية يهودية مع اقتراب عام 2035 على أبعد تقدير ، وليس عام 2050 كما كان يشاع منذ سنوات خلت في أوساط ومنتديات التلاوين الأشد تشاؤماً في الفكر السياسي و الديموغرافي الإسرائيلي
0ـ انتهى ـ

االمستقبل 23\6\2005م


حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا


موبايل:00963944094429



.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق