الثلاثاء، 5 مايو 2009

اسرائيل:الآثار السلبيه الناجمه عن الخيار الاقتصادي للدوله

إسرائيل : الآثار السلبية الناجمة عن الخيار الاقتصادي للدولة

حسن عبد العال
6-5-2009م
منذ ثلاثة أعوام خلت ، ومع بداية تسلم بنيامين نتنياهو مقاليد وزارة المالية في حكومة شارون ، يمكن القول بأن اسرائيل في ظل الليكود حددت نهائيا خيارها الإقتصادي باعتماد نموذج السوق الحرة على الطريقة الأميركية 0 أي وفق نموذج السوق الحرة الأنكلوساكسونية الذي سبق وأخذت به منذ الثمانينات بعض البلدان التي خضعت لتأثير الاتجاهات النيوليبرالية في داخلها مثل المكسيك ونيوزيلندا ، وأدى في هذين البلدين اللذين اتبعا سياسة اقتصادية تقوم على الأسواق المتحررة من الضوابط والقيود ، وتعمل بصورة مستقلة عن حاجات البشر ، إلى تدمير الأسواق الاجتماعية واحداث تفكك اجتماعي واضطراب اقتصادي على نطاق واسع 0 وبحسب التقارير العديدة التي ترد عن أوضاع اسرائيل على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي ، يبدو بأن اسرائيل سائرة على نفس الطريق ومقبلة على اجتراع نفس الكأس وحصد ذات النتائج التي سبق وحصلت عليها كلٌ من المكسيك ونيوزيلندا ( اللتان مازالتا تعانيان من النتائج المأساوية الناجمة عن اتباعهما قواعد وطقوس عبادة البقرة المقدسة الأنكلوساكسونية ) من تهشيم يطال الطبقات الوسطى وتضخم وازدياد حجم الطبقات الدنيا ، إلى تحقيق زيادة الثروات ووفق معدلات زمنية قصيرة لمصلحة الأقليات الثرية واستخدام قبضة السلطة في افساد مؤسسات الدولة وافقادها مشروعيتها 0 فالقطاع العام والمؤسسات العامة التي شكلت حتى سنوات قليلة ماضية العمود الفقري في النشاط الاقتصادي في اسرائيل باتت مهددة في السنوات القليلة القادمة بالتصفية عن طريق الخصخصة 0 فالأمر بات مرهونا بنجاح نتنياهو في السنوات القليلة القادمة بتحقيق مشروعه وافكاره التفصيلية التي عبر عنها علانية على هذا الصعيد المتعلق بتصفية القطاع العام والمؤسسات العامة ، أي خصخصتها وفق أحد ابرز الشروط الواردة في وثيقة " تفاهم واشنطن " الشهيرة التي أبرمت بين الولايات المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، والتي تلزم الدول المرشحة للعضوية في نادي الدول التي تعتمد نظام الأسواق الحرة بالتعاطي مع المبادئ الواردة فيه باعتبارها " قواعد إيمان " 0 ومنها ( إلى جانب مطلب تشجيع وتيسير الخصخصة ودعم حرية الأسواق ) مبدأ " حكومة الحد الأدنى " ـ الذي يلزم الدولة بالحد من مساحة تدخلها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي بطريقة تنفي فكرة الحمائية ، أو فكرة " دولة الرعاية الاجتماعية " أو " دولة الرفاه " ـ وعدم الحرص على خفض البطالة ، وتجنب العمالة الكاملة ....الخ 0 وهي في مجملها مبادىء باتت في مشروع نتنياهو ، عراب تفاهم واشطن ومهندس السوق الحرة الاسرائيلية بتفويض من الحكومة ، بمثابة قواعد إيمان يجري الحرص على تطبيقها منذ سنوات رغم الآثار الاجتماعية المبكرة التي بدأت تنجم عنها من جراء السياسة اللاجتماعية للدولة وتخليها وعلى نحو تدريجي ، ومنذ سنوات ، عن فكرة " دولة الرفاه " وفكرة " دولة الضمانات الاجتماعية " المعمول بها من قبل إلى جانب فكرة الأسواق الاجتماعية .....الخوبحسب التقارير العديدة التي نشرت مؤخراً في إسرائيل عن استمرار استفحال ظاهرة البطالة بفعل سلبية الدولة الحريصة على قانون السوق ، وعن التدهور السريع الذي بدأت تشهده أكثر من أي وقت مضى أحوال الشرائح المتوسطة ، والتدهور الآخر الأشد خطورة في أحوال الطبقات المعدمة والفقيرة ، فِإن اندفاع الدولة وبحماسة نحو هذا الشكل من الرأسمالية " الذي يدمر البعض ويثري سريعاً البعض الآخر " ، والذي لم تعرفه إسرائيل من قبل ، قد جعل البطالة في نسبتها المرتفعة ( تتراوح ما بين 10.5 – 11 في المئة ) ظاهرة راسخة وثابتة في الحياة الاسرائيلية 0 أما على صعيد نتائج هذه السياسة ، سياسة مناهضة المجتمع ومناصرة الشرائح العليا والثرية ، فإن النتائج السلبية الناجمة عنها بدأت تظهر على صعيد الشرائح المتوسطة التي باتت تتعرض للتهميش والتهشيم وتتدهور أحوالها بسرعة قياسية بحسب التقرير الأخير الصادر عن مركز " ادافاه " ــ آب 2004 – وبطريقة باتت تهدد بسقوط فئات منها إلى صفوف الفقراء 0 كما بدأت نتائج هذه السياسة تظهر على نحو جلي على جبهة الفقراء بحسب التقرير الأخير الصادر عن مؤسسة التأمين الوطني ــ تشرين الثاني 2004 – وبحسب التحذيرات الصادرة عن ناقدي الخيار الرأسمالي الذي اعتمدته الدولة باعتباره الخيار الخطأ في الزمن الخطأ ( أي تزامن الخيار المذكور مع الآثار السلبية التي أوقعتها الانتفاضة في الاقتصاد الإسرائيلي ) فان مجريات الأمور باتت تنبئ بأن الآثار الاجتماعية الناجمة عن الخيار الاقتصادي للدولة ستكون في السنوات القادمة أسوأ من سابقاتها وبطريقة ستدفع أبناء الشرائح الوسطى والطبقات الفقيرة المعدمة إلى الترحم على عام 2004 الذي كان الأسوأ وبامتياز .- انتهى –

المستقبل اللبنانيه 29\12\2004م

حسن عبد العال
باحث فلسطيني مقيم في سوريا
mervat10mm@yahoo.com

موبايل:00963944094429

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق