الاثنين، 25 مايو 2009

اسرائيل والعجز في مواجهة الكارثه الديمغرافيه: حسن عبد العال





إسرائيل والعجز في مواجهة الكارثة الديموغرافية




حسن عبد العال




25-5-2009م



مع بداية الألفية الجديدة والمخاوف الاسرائيلية يزداد عاماً بعد عام حجم الكارثة الديموغرافية المتوقعة والتي ستحيل اسرائيل الى دولة اليهود فيها أقلية مع نهاية العقد الثاني من القرن الحالي. فالمرأة اليهودية ضعيفة الخصوبة قياساً بالمرأة الفلسطينية التي تزيد نسبة خصوبتها عن مثيلتها اليهودية بأكثر من الضعف. والتجمع اليهودي في فلسطين بات تجمعاً لشعب هرم (أكثر من نصفه من المسنين) هو في مرحلة تراجع عددي مطرد على جبهة المواجهة الديموغرافية القائمة فوق أرض فلسطين التاريخية مع شعب فتي نحو ثلثيه من الأطفال ومن هم في سن الشباب. والهجرة التي كانت على الدوام بمثابة العامل الحاسم للزيادة السكانية في أوساط يهود إسرائيل باتت بدورها مهددة بأن تكون عاملاً أقل شأناً في ازدياد السكان اليهود من عامل التكاثر الطبيعي عند شعب هرم نسبة خصوبة النساء الولودات فيه تندرج في قائمة الزمر الأقل خصوبة في العالم. فمشهد التجمعات اليهودية الرافدة للهجرة والتي كانت توصف منذ الستينات والسبعينات بالتجمعات اليهودية "غير المستقرة" لم يعد منظوراً على خارطة التوزع الجغرافي لليهود في العالم بعد إفراغ الخزان البشري للتجمعات اليهودية "غير المستقرة" في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق ودول أوروبا الشرقية، واستجراره الى إسرائيل على امتداد العقد الأخير من القرن المنصرم. وبالتالي باتت الهجرة التي اعتمدت تاريخياً على استغلال ظاهرة عدم الاستقرار في بعض التجمعات اليهودية الكبرى في العالم، تعتمد على جيوب في تجمعات يهودية هامشية، أو على تجمعات يهودية متدينة صغيرة عددياً. ولا يمكن الاعتماد عليها في نظام الوجبات البشرية العملاقة التي تحتاج اليها اسرائيل كل سنة وعلى امتداد السنوات العشر المقبلة على أقل تقدير. وبحسب المعلومات الصادرة عن دائرتي الهجرة في اسرائيل والوكالة اليهودية خلال السنوات الثلاث المنصرمة فان معدل الهجرة السنوية قد انخفض الى حدود 30 ـ 35 ألف مهاجر، أي في أحسن الظروف، وفي حال عدم أخذنا بالمؤشرات الدالة على تناقض معدلات الهجرة في السنوات المقبلة فان اسرائيل لن تحصل على امتداد العقد الحالي على اكثر من 400 الف يهودي. وهو معدل منخفض جدا قياسا الى حاجة إسرائيل الملحة الى معدل هجرة يهودية صافية قوامها 50 ألف مهاجر كل سنة، أي مع توافر شرط عدم وجود هجرة يهودية سلبية أو "معاكسة". وعلى هذا الصعيد الأخير لا بد من التذكير بأن ظاهرة الهجرة اليهودية المعاكسة قد وصلت خلال السنوات الثلاث الماضية 2001 ـ 2003 الى معدلات سنوية متقاربة (وتزيد في بعض الأحيان) عن المعدلات السنوية للهجرة اليهودية الوافدة الى اسرائيل. وهو الأمر الذي يعني بداهة أن اسرائيل التي تحتاج كحد أدنى ـ بحسب تقديرات البروفسور "أرنون سوفير" عام 2001 ـ الى هجرة يهودية صافية قوامها 50 ألف مهاجر كل سنة، لن تحصل على هذا الصعيد سوى على معدلات هجرة يهودية صافية لا تزيد على الصفر.وعلى هذا الصعيد الخاص بظاهرة تأكل الهجرة الايجابية من خلال موجة الهجرة السلبية المستمرة منذ سنوات والتي ما زال يجري التعتيم عليها في اسرائيل، لدواع وأسباب تتعلق بالسلامة الامنية، لا بد من التذكير بالدراسة الروسية التي نشرت في كبريات صحف روسيا مؤخرا (بداية شهر آب 2004) والتي تشير الى ان عدد المهاجرين اليهود الروس الذين غادروا اسرائيل واستقروا نهائيا في روسيا والعديد من دول اوروبا الغربية والوسطى في الاعوام 2001 ـ 2003 يراوح كل سنة ما بين 15 ـ 17 الف مهاجر، وهو الامر الذي يعني بداهة بأن موجة الهجرة المعاكسة في صفوف اليهود الروس وحدهم باتت تأكل كل سنة نصف معدلات الهجرة السنوية الوافدة الى اسرائيل.اضافة الى كل ما سبق لا بد من التذكير بالظاهرة الأسوأ التي باتت تهدد الرصيد البشري اليهودي في فلسطين ـ وبالتحديد داخل الخط الاخضر ـ بمزيد من التأكل، ووفق معدلات سنوية متصاعدة، فاسرائيل التي وصل عد سكانها اليهود نحو 5.2 ملايين بفعل استغلالها الذي يتصف بالديمومة والاستمرار لظروف ما كان يوصف بالتجمعات اليهودية "غير المستقرة" لليهود في العالم، ولعلها الوحيدة التي بات يصدق عليها هذا التصنيف بعد التحسن السريع الذي طرأ العام الماضي على أحوال الطائفة اليهودية في الارجنتين، فنسبة الراغبين في الهجرة من اسرائيل والممنوعين رسميا من تنفيذ ما عزموا عليه (بفعل احتجاز مئات الآلاف من جوازات سفر الراغبين في الهجرة والتي كشفت عنها الصحف الاسرائيلية منذ عام 2001) هي ظاهرة لا مثيل لها في اي من التجمعات اليهودية في العالم. والمعلومات التي نشرتها صحيفتا "معاريف" بتاريخ 25/8/2002 و "هآرتس" في 18/10/2002 والتي تفيد أن ظاهرة عدم الاستقرار الامني والاقتصادي بدأت تسبب أزمة فقدان اسرائيل لزمرتها الشبابية الثمينة بيولوجيًا، وبان ما نسبته من 22 ـ 25 في المئة من الشباب اليهودي في اسرائيل باتت تتهيأ لاقتناص الفرص المناسبة ومغادرة وطن غير مأسوف عليه، هي بدورها ظاهرة لم يعد لها مثيل في اي من التجمعات اليهودية الاخرى في العالم.



المستقبل - الثلاثاء 28 أيلول 2004 - العدد 1709 - رأي و فكر - صفحة 17



حسن عبد العا ل




باحث فلسطيني مقيم في سوريا











موبايل:00963944094429



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق