الثلاثاء، 26 مايو 2009

الفقر وقدبلغ ثلث سكان اسرائيل:حسن عبد العال

الفقر وقد بلغ ثلث سكان إسرائيل

حسن عبد العال

26-5-2009م

"التقرير القنبلة" هو الوصف الدقيق الذي يمكن أن يوصف به "تقرير الفقر" الصادر عن مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية بتاريخ 23/11/2004. فبحسب التقرير المذكور فإن معطيات البحث الخاصة بملف الفقر في إسرائيل حتى نهاية عام 2003 باتت تشير بالأرقام الى أن عدد الفقراء في إسرائيل وصل حتى 31/12/2003 الى 2.2 مليوني شخص من أصل عدد السكان البالغ 6.2 ملايين نسمة. أي نحو ثلث سكان إسرائيل بحسب احصاء عام 2003 باتوا فقراء وفق التصنيف الرسمي. منهم نحو 700 الف شخص ما زالت المؤسسة تصنفهم في خانة الفقراء المحظوظين أو أصحاب الامتياز، لأن استمرار التزام الدولة بتقديم المخصصات الشهرية لهم حتى نهاية عام 2003 عمل، حتى نهاية الفترة المذكورة، على حمايتهم من الانزلاق الى ما تحت عتبة الفقر. اما الباقون، وهم نحو 1.427 مليون شخص، فهم من عداد الفقراء المعدمين الذين يرزحون تحت عتبة الفقر، كما يزداد نصيبهم من البؤس والفقر عاماً بعد عام بحسب مضمون التقرير الذي وضعته، على هامش تقرير الفقر، نائبة المدير العام لشؤون البحث في مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية "لينا احدوت" الذي تؤكد فيه بأن الفقراء الذين كانوا تحت عتبة الفقر خلال السنوات السابقة 2001 ـ 2002، باتوا عام 2003 أشد فقراً من ذي قبل.اضافة الى كل ما ورد تجدر الإشارة على صعيد البحث في ملف الفقر في إسرائيل الى ظاهرة لا تقل خطورة عن حجم الأرقام السابقة، وهذه الظاهرة التي تؤكدها قراءة بيانات الفقر عن السنوات السابقة تشير الى أن كتلة الفقر في إسرائيل باتت منذ عام 2001 مثل كرة الثلج المتدحرجة يزداد حجمها عاماً بعد عام. فبحسب التقرير الصادر عن مؤسسة التأمين الوطني بتاريخ 13/11/2002 يستدل بأن عدد الإسرائيليين الذين يعيشون تحت عتبة الفقر بلغ نحو 1.170 مليون حتى نهاية عام 2001، أي بزيادة 84 الف شخص عن عام 2000. وبحسب التقرير الأخير الصادر بتاريخ 23/11/2004 يستدل بأن عدد الإسرائيليين الذين يعيشون تحت عتبة الفقر بلغ 1.427 مليون نسمة حتى نهاية عام 2003، أي بزيادة قدرها ربع مليون شخص خلال العامين الماضيين 2002 و2003، أي حسب المتوسط بزيادة سنوية قدرها أكثر من مئة الف إسرائيلي ينزلق سنوياً تحت عتبة الفقر. وهو الأمر الذي يعني بداهة إذا أخذنا بالحد الأدنى، وهو مئة الف مفقر جديد كل عام، فإن المحصلة تشير الى أن كتلة الإسرائيليين الذين يعيشون تحت عتبة الفقر حتى نهاية عام 2004 باتت تضم في بوتقتها ربع السكان، على أقل تقدير، وذلك استناداً الى التقارير الإسرائيلية التي تشير على صعيد تردي الأحوال الاجتماعية والمعيشية عند الشرائح الوسطى (التي بدأ حجمها يتعرض لمزيد من التقلص بحسب التقرير الأخير الصادر عن مركز "ادفاه") وفي أوساط الفقراء، بأن 2004 كان أسوأ بكثير من عام 2003. يرجع ذلك، بحسب التقارير، لأسباب تعود الى الموقف السلبي الذي تبديه الدولة تجاه ظاهرة البطالة المستفحلة، التي تجاوزت نسبة 11 في المئة، والإصرار على التهرب من أي التزام بمواجهتها والحد من استمرارها (بحجة الحرص على قانون السوق) والى استمرار الدولة منذ ثلاث سنوات، في اتباع سياسة التخلي نهائياً عن فكرة "دولة الضمانات الاجتماعية" المعمول بها من قبل. وبالمقابل إتباع سياسة "لا اجتماعية" أدت الى تقليص حجم المخصصات المقدمة للفقراء، وعلى نحو دوري بات يشير الى أن هذا البند بات مصيره الشطب من الموازنة في السنوات القريبة القادمة. وبحسب العديد من التحليلات والتعليقات التي عرضت من قبل كتّاب إسرائيليين، فإن إسرائيل التي كانت من قبل تفاخر بالانتماء الى العالم المتقدم، باتت منذ سنوات وفي عهد الليكود مجرد دولة من العالم الثالث، أو مجرد "دولة موز" ـ كما يحلو للعديد من منتقدي السياسة الاقتصادية للدولة، من الإسرائيليين، استخدام هذه الصفة ـ منتجة للفقر ومفرّخة لمزيد من الفقراء، وذلك بفضل الاقتران الذي تم منذ أربع سنوات بين السلطة السياسية وقطاع المال والأعمال والمجموعات الثرية، واعتمادها سياسة اقتصادية جديدة في صالح الحلفاء الأثرياء تقوم على مبدأ اعتماد نموذج السوق الحرة الرأسمالي، والذي بفضله بدأت إسرائيل بالمقابل بالتحول الى "مفرخة" لا تنتج مزيداً من الأثرياء، ولكن تنتج المزيد من ثروات الأثرياء.

المستقبل

الاحد 19 كانون الأول 2004 -

العدد 1783 - نوافذ - صفحة 10

حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا

موبايل:00963944094429

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق