الأحد، 17 مايو 2009

الجغرافيا أم الديمغرافيا:اسرائيل بين خيارين:حسن عبد العال




الجغرافيا أم الديموغرافيا : إسرائيل بين خيارين



حسن عبدالعال



18-5-2009م



خلال عقد الثمانينات من القرن المنصرم ، وتحت وقع انخفاض معدلات الهجرة اليهودية إلى إسرائيل وانبعاث النبوءات الديموغرافية التي كانت تفيد بأن الفلسطينيين سيصبحون أكثرية فوق أرض فلسطين التاريخية مع نهاية القرن العشرين ، بدأت أوساط جريئة من داخل الفكر الديموغرافي الإسرائيلي بالترويج للفكرة التي تقول بِأن التوقعات الديموغرافية باتت تفرض على إسرائيل اعادة حساباتها وتلافي الكارثة الديموغرافية المتوقعة من خلال الإنسحاب من المناطق( أي من الضفة الغربية وقطاع غزة ) والانكفاء داخل الخط الأخضر حيث يشكل اليهود أغلبية مطلقة تضمن سلامة المشروع الصهيوني الذي لابد له أن يتأذى ويتعرض للانهيار في حالة الاصرار على سياسة ضم والحاق هذه المناطق التي تمتاز بكثافة فلسطينية عاليه ، اضافة إلى نسبة تكاثر طبيعي هي الأعلي في العالم 0 ومع بداية الألفية الجدية التي شهدت نهاية موجة هجرة اليهود القادمين من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق ودول أوروبا الشرقية وتحت وقع انخفاض معدلات الهجرة اليهودية الوافدة إلى إسرائيل وتدنيها دون الحد الأدنى المطلوب ، بدأت منابر الفكر الديموغرافي الاسرائيلي تشهد من جديد الترويج للفكرة ذاتها ، أي للفكرة التي تقول بأن التوقعات الديموغرافية عن العقدين الأولين من القرن الحالي باتت من جديد تفرض على إسرائيل الانسحاب من المناطق والتخلي عن فكرة " أرض إسرائيل " التي تشكل الفكرة الأساس في المشروع الصهيوني ، لأن نسبة التكاثر الطبيعي العالية عند الفلسطينيين في الضفة والقطاع باتت ترشح هذه الكتلة السكانية لتكون موازية للكتلة السكانية اليهودية داخل الخط الأخضر مع نهاية العقد الثاني ، وهو الأمر الذي يعني في حال احتساب عرب 48 فإن عدد السكان الفلسطينيين سيزداد بنحو 2.2 مليون نسمة على اليهود فوق أرض فلسطين التاريخية 0 ولهذا الأمر الذي بات يفترض بحسب دعوى العديد من علماء الديموغرافيا من الإسرائيليين الحريصين على مستقبل إسرائيل من أمثال الصهيوني المتشدد البروفسور أرنون سوفير ( من جامعة حيفا ) والبروفسور الذي لايقل عنه كفاءه وشهرة سيرجي دي لافرغولا ( من الجامعة العبرية في القدس ) القيام بتنازلات جغرافية مؤلمة تستدعي التخلي عن هذا الجزء من أرض إسرائيل الذي استعيد خلال حرب 67 ، البدء باعطاء الأولوية للديموغرافيا على الجغرافيا 0 وعليه فالمتابع لملف المداولات والنقاشات المتعلقة بمستقبل إسرائيل على جبهة المواجهة الديموغرافية مع الفلسطينيين بات يرى تغيرا ملحوظا في الفكر السياسي والديموغرافي الاسرائيلي حول الأولويات 0 فالأولوية باتت للديموغرفيا على الجغرافيا ، أي لدولة يهودية فوق أرض محددة يكون اليهود فيها أكثرية السكان كما هو واقع الأمر داخل الخط الأخضر 0 وليس للجغرافيا ، أي لدولة فوق أرض فلسطين التاريخية يكون اليهود فيها أقلية سكانية .وعليه فالمقدس وفق هذا المفهوم بات يرتبط من وجهة نظر سلامة الموقف الصهيوني بفكرة ضمان الأكثرية اليهودية فوق جزء من أرض إسرائيل ، وليس بفكرة أرض إسرائيل 0 ووفق هذا المنظور الذي بات يعطي الأولوية للديموغرافيا على الجغرافيا فالقول بوحدة القدس والاصرار على مقولة العاصمة الأبديه لاسرائيل واستمرار التمسك بسياسة ضم القدس الشرقية لم يعد من المقدس في شيء لأن القدس الشرقية التي تشير الاحصاءات الاسرائيلية التي أفصح عنها شيمون بيريز مؤخرا بأنها تضم نحو 240 ألف فلسطيني سوف تشكل في حال ضمها إلى إسرائيل بؤرة ديموغرافية شديدة الخطورة على دولة اليهود ، وبالتالي سوف تزيد من المخاطر الديموغرافيه لعرب 48 الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية وتدعم فيالقهم بأكثر من 200 ألف فلسطيني على جبهة المواجهة الديموغرافية مع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وفق تقدير الخبير الاستراتيجي اللواء ( متقاعد) شلومو غازيت في معرض رده الذي اتصف بالسخرية عام 2001 من الوزير الاسرائيلي المكلف بملف القدس يهودا أولمرت.كان هذا بالنسبة إلى المناطق ، أي إلى غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية التي لم يعد مشروع ضمها مشروعا مقدسا يخدم في شيء الفكرة الصهيونية ، أو المشروع الصهويني بحسب دعاة اعطاء الأولوية للديموغرافيا ، وليس للجغرافيا 0 أما بالنسبة للأراضي التي تدخل ضمن نطاق الخط الأخضر ، أي ضمن حدود إسرائيل المعترف بها دوليا، فيمكن القول بأن قطاعات منها باتت مشمولة بفكرة التنازلات الجغرافية المؤلمة التي لم تعد تقتصر على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 ، وإنما الأراضي الواقعة داخل الخط الأخضر التي تتواجد فيها كثافة سكانية من عرب 48 ، ونقصد بذلك الأراضي المحاذية للضفة الغربية مثل المثلث الصغير ووادي عارة حيث يتجمع أكثر من 300 ألف فلسطيني من حاملي الجنسية الاسرائيلية 0 فبحسب أقطاب هذا التيار الذي بات يعطي الأولوية للديموغرافيا على حساب الجغرافيا فان ضمانة مستقبل إسرائيل كدولة يهودية بات يوجب على إسرائيل التنازل عن هذه المناطق ذات الكثافة السكانية العربية والحاقها ارضا وسكانا بالدولة الفلسطينية المقبلة بدعوى أن هذا الاجراء في حال كتب له التحقق سيؤدي إلى خسارة الكتلة السكانية العربية من حاملي الجنسية الاسرائيلية نحو 300 الف نسمة وفق تقديرات عام 2001 ونحو 600 ألف نسمة وفق توقعات عام 2020 ، ولعل هذه الدعوة الأخيرة المتعلقة بفكرة التنازل عن أراض داخل الخط الأخضر والتي حظيت بموافقة وتأكيد العديد من الخبراء ومراكز البحث الديموغرافي في إسرائيل لخير دليل على عمق الأزمة التي بدأ يعيشها الكيان الصهيوني على جبهة المواجهة الديموغرافية مع الفلسطينيين منذ بداية الألفية الجديدة0ـ انتهى ـ
المستقبل 11\10\2005م



حسن عبد العال



باحث فلسطيني مقيم في سوريا




موبايل:00963944094429




=================================================================================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق