الخميس، 28 مايو 2009

رؤيه ستاتيكيه للنظام السياسي العربي : حسن عبد العال







رؤية ستاتيكية للنظام السياسي العربي


حسن عبد العال


28-5-2009م


هذا الكتاب الذي نشر في طبعة عامة بعد أحداث أيلول من العام 2001، هو في الأساس مجموعة من الأبحاث التي أعدها ما بين عامي 1999 و2000 نحو 19 خبيراً متخصصاً في شؤون الشرق الأوسط (بعضهم من الأكاديميين العرب العاملين في الجامعات ومراكز الأبحاث الأميركية) لمصلحة المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية والمجلس الوطني للاستخبارات في الولايات المتحدة الأميركية بهدف الاحتياط ومعرفة مدى تأثير أية تحولات مرتقبة (إن وقعت) على المدى القصير والمتوسط في منطقة الشرق الأوسط ـ أو بتعبير أدق داخل الأقطار المكونة للشرق الأوسط ـ على الخطط الاستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة المذكورة بشكل عام، وعلى صعيد كل دولة على حدة. ولعلّه من المفيد في البداية على هذا الصعيد الذي يثير حساسية القارئ العربي، إجراء فصل بين الأهداف العلمية للباحثين، وقيمة الأبحاث التي يحتويها هذا المجلد، والأهداف السياسية التي تتمترس وراءها الجهة الممولة لمشروع البحث حيث إن الاتجاه العام للدراسات والأبحاث الواردة في المجلد المذكور تكاد تكون في ملامحها العامة مشابهة لبعض محتويات تقارير التنمية البشرية العربية التي يمولها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي يصلح فيها القول إنها مناسبة للقارئ العربي الذي ينشد معرفة الواقع الراهن وآفاق المستقبل. وبالطبع كما تشير الأبحاث والدراسات الواردة في هذا المجلد، أسوة بتقارير التنمية البشرية العربية، فلا شيء يبشر الحالمين بمستقبل أفضل في كل أقطار الوطن العربي على المديين القصير والمتوسط، فالثبات والمراوحة في المكان هما السمتان الطاغيتان اللتان تسمان كل أقطار هذه المنطقة (تحديداً العربية منها) فالتحولات باتت تقتصر فقط على الصعيد الديموغرافي، حيث نسبة التكاثر الطبيعي هي الأعلى في العالم داخل هذه المنطقة التي بات يتضاعف سكانها العرب كل 20 أو 25 عاماً على أبعد تقدير. أما على المستويين السياسي والاقتصادي فلا شيء يبشر بالخير على المستوى الأول، فالأنظمة والحكومات عام 2015 ستكون صورة طبق الأصل عن الأنظمة والحكومات القائمة عام 2000، فهي سواء أكانت أنظمة ملكية أم جمهورية ستظل أنظمة وراثية من الملك أو الأمير، إلى وليّ العهد، ومن رئيس الجمهورية إلى نجله، والحكومات على الأغلب ستظل حكومات هرمية، أتوقراطية، وغير ديموقراطية. وفي حال توفر شيء من الصبغة الديموقراطية (كما هو الحال في مواسم الانتخابات، والمنافسة حول صناديق الاقتراع) فهي ديموقراطية زائفة تتصنع بالديموقراطية بهدف كبح أية تحولات ديموقراطية مرتقبة. أما على المستوى الاقتصادي في هذه الأقطار التي باتت في أمسّ الحاجة إلى تفعيل الاقتصاد وإحياء النمو الاقتصادي، فالتوقعات على نحو عام بما يخص الدول المكونة لما يمكن أن نطلق عليه اصطلاحاً عبارة "الشرق الأوسط العربي" هي توقعات متشائمة على هذا الصعيد الحيوي الذي يمس حياة ومستقبل الدول والبشر. وحتى في حال توفر النوايا التي تدعو إلى التطوير والإصلاح، فإن هذه النوايا التي تتوفر لها سبل التحقق أحياناً، ليست متناسبة مع ضخامة المشكلات ذات الصلة في هذه الدول النامية والتي تتطلب حلولاً عملية بعيدة الأجل لهذه المشكلات المتفاقمة وليس مجرد الحد من تفاقمها أو مجرد تسكينها.أخيراً وفي ظل هذا الملمح العام للواقع الستاتيكي للنظام السياسي العربي الذي بات يجد عوامل ديمومته واستمراره من خلال المحافظة على الثبات ومكافحة التقدم مباشرة أو مداورة، وفي ظل تنامي المشكلات الاجتماعية ذات المنشأ الاقتصادي وتأثيرها المباشر ـ على الأقل ـ على المستقبل السياسي للعديد من الأقطار العربية، بات من المشروع السؤال عن دور القوى المعارضة للأنظمة العربية الهشة على صعيد تجاوز الأنظمة الراهنة. وبخصوص هذا التساؤل الذي يشكل صلب اهتمام الجهة الممولة للمشروع، يرى أحد الخبراء المشاركين في هذا المشروع البحثي، وهو البروفسور المصري ابراهيم كروان المحاضر في جامعة يوتا، أن أساس قوى المعارضة بات يتمثل حقيقة بالأحزاب والمجموعات التي تتبنى الدعوة الاسلامية، وأن سقف هذه القوى سيظل يتمثل بالمعارضة على المستوى الزمني القصير والمتوسط لأن استخدام أدوات المعارضة أسهل بكثير من استخدام أساليب قلب الحكومات وتولي السلطة. أما على صعيد تأثير المعارضة الدينية بشكل عام على النظم السياسية، فيرى الباحث على صعيد الخارطة السياسية للشرق الأوسط العربي، أن الحكومات العربية بدأت تتبنى العديد من البرامج الاجتماعية والأهداف السياسية للاسلاميين (مثل بناء المساجد، وتشجيع المظاهر العلنية للتقوى، وتطبيق المعايير الاسلامية في القوانين، والانضواء تحت مظلة المؤتمر الاسلامي..... الخ) رغم أن هذه البلدان التي استخدمت هذا الأسلوب في التكيف، بدأت في ذات الوقت، وعلى نحو مواز، باتباع أساليب القمع والاحتواء للحركات الاسلامية التي تعمل ضمن محيطها الجغرافي، وذلك بهدف الحيطة والحذر وعدم تجاوز الخطوط الحمر المرسومة لها. أما على صعيد القوى الديموقراطية والعلمانية المعارضة ودورها المستقبلي في عملية التغيير على المدى الزمني القصير والمتوسط، فيبدو أن أجهزة رصد الخبراء المشاركين في المشروع البحثي الأميركي المذكور لم يجدوا لها أيّ أثر يعتدّ به.
الكتاب: الشرق الأوسط عام 2015 من منظور أميركي
الكاتب: عدد من الباحثين بإشراف جوديث س. بافيه
الناشر: دار علاء الدين، دمشق 2005
المستقبل -
الجمعة 13 كانون الثاني 2006 -
العدد 2150 - رأي و فكر - صفحة 19
حسن عبد العال
باحث فلسطيني مقيم في سوريا
mervat10mm@yahoo.com
/موبايل:00963944094429
=================================================================


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق