الجمعة، 15 مايو 2009

فلسطين بعد خمس سنوات:عرب أكثر يهود أقل:حسن عبد العال

فلسطين بعد خمس سنوات :عرب أكثر ، يهود أقل

حسن عبد العال

15-5-2009م

الفشل الذريع الذي مني به مشروع شارون القاضي بجلب مليون مهاجر يهودي جديد خلال السنوات العشر التالية على عام اعلانه لمشروعه الديموغرافي الطموح ، أي خلال السنوات 2002 – 2011 ، أقل ما يمكن أن يقال عنه بأنه أحد المؤشرات الكارثية الكبرى التي بدأت تفصح وبالملموس بأن اسرائيل التي كسبت خلال عقد التسعينات ( من القرن المنصرم ) أكثرمن مليون مهاجر يهودي ( أي في المتوسط نحو مائة ألف مهاجر سنويا ) باتت اليوم عاجزة كليا عن استجرار ربع مليون مهاجر يهودي جديد على امتداد العقد الأول ، أو بتعبير آخر على امتداد السنوات العشر التي حددها شارون كمجال زمني لمشروعه الانقاذي الذي وضع لأهداف مباشرة تتعلق بزيادة عدد اليهود في القدس والنقب والجليل ، ومن جهة أخرى لأسباب تتعلق بتحسين موقع اليهود على جبهة المواجهه الديموغرافية مع الفلسطينيين ودرء خطر الكارثة الديموغرافية التي بدأ يروج لها منذ بداية الألفية الجديدة التيار المتشائم في الفكر السياسي والديموغرافي الاسرائيلي من خلال سيل من الأبحاث والدراسات التي تكاد تجمع على ترديد الحقيقة القائلة بأن التوازي العددي بين العرب واليهود فوق ارض فلسطين التاريخية سيختل بصورة كارثية لمصلحة الفلسطينيين مع اقتراب عام 2020 ، وذلك في حال فشل الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة في تنظيم هجرة يهودية كثيفة على امتداد العقدين الأول والثاني من القرن الحالي وترك التجمع اليهودي الذي يعتمد عادة على صعيد نموه السكاني ، والى حد بعيد ، على عامل الهجرة اليهودية الوافدة اليه منفردا في مواجهة المعادلة الديموغرافية القاتلة التي تفيد بأن عدد الفلسطينيين يتضاعف كل 20 عاما بفعل ظاهرة الخصوبة العاليه عند المرأة الفلسطينية ، والتي تفيد بالمقابل بأن اليهود في فلسطين يتضاعف عددهم كل 40 عاما بفعل عامل الخصوبة المتدنية عند المرأة اليهودية قياسا بمثيلتها الفلسطينية 0 ولهذا الأمر وبحسب العديد من علماء الديموغرافيا من الاسرائيليين أمثال أرنون سوفير فان إسرائيل التي درجت منذ تأسيسها على الاعتماد على الهجرة الايجابية كعامل أساسي ومؤثر في الزيادة السكانية لليهود باتت مع بداية الألفية الجديدة التي أصبح من خلالها التعداد العام للفلسطينيين يقترب من التعداد العام لليهود ( 4.9 مليون فلسطيني مقابل 5.2 مليون يهودي حسب أرقام 2001 ) بحاجة إلى هجرة يهودية صافية قوامها 50 ألف مهاجر سنويا ، وعلى امتداد العقدين الأولين من القرن الحالي، وذلك بهدف مواجهة الخطر الناجم عن نسبة التكاثر الطبيعي المرتفعة عند الفلسطينيين 0 وبهذا المعنى فان إسرائيل باتت بحاجة إلى " هجرة يهودية صافية " قوامها مليون مهاجر على امتداد العقدين الأوليين حتى تتجنب الكارثة الديموغرافية المتوقعة عام 2020 والتي تفيد التوقعات الأولية بشأنها بأن الفلسطينيين سيشكلون ما نسبته 60 في المئة من التعداد العام للسكان المنتشرين بين نهر الأردن والبحر المتوسط في حين ستتقلص نسبة اليهود إلى نحو 40 في المئة من السكان 0 وبحسب العارفين لطريقة احتساب الهجرة الصافية التي تتم وفق آلية حسابية تقوم على طرح أرقام الهجرة السلبية ( أي الهجرة اليهودية من إسرائيل ) من حصيلة أرقام الهجرة الايجابية ( أي الهجرة اليهودية الوافدة إلى إسرائيل ) فان إسرائيل باتت بحاجة سنويا إلى هجرة يهودية كثيفة لاتقل عن 70 ألف مهاجر سنويا ، وهو رقم يكاد يبدو مستحيلا ويحتاج إلى تحقق معجزة ما شبيهة بمعجزة هجرة اليهود السوفييت في التسعينات 0 فبحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن مكتب الاحصاء المركزي الاسرائيلي ودائرة الهجرة في الوكالة اليهودية عن سنوات 2002 ، 2003 ، 2004 فان أعداد المهاجرين التي بدأت تنخفض تباعا منذ الأعوام 2000 – 2001 ( 34 ألف مهاجر عام 2001 مقابل 60 ألف عام 2000 ) بدأت تسجل انخفاضا دوريا ملحوظا على امتداد السنوات الثلاث الأولى من العمر الزمني لمشروع شارون الديموغرافي وذلك على الرغم من الجهود الملحوظة التي بذلت ومازالت تبذل من قبل الفرق التي وظفها شارون للعمل داخل الجاليات اليهودية المرشحة للهجرة ، وأيضا على الرغم من المغريات المالية السخية التي رصدها مشروعه لصالح الملبين لدعوته والتي وصلت إلى أكثر من 22 ألف دولار لكل عائلة يهودية من أميركا اللاتينية تطأ قدمها ارض إسرائيل 0 وبحسب التوقعات الديموغرافية عن السنوات الباقية من عمر مشروع شارون فان حجم الهجرة الذي سجل على امتداد السنوات 2002 ، 2003 ، 2004 مجتمعة والذي بلغ نحو 79 ألف مهاجر يهودي فقط ( 34 ألفا عام 2002 ، 24 ألفا عام 2003 ، 21 ألفا عام 2004 ) لن تحظى إسرائيل بمعدلات سنوية مثيلة له على امتداد السنوات التالية حيث من المتوقع اعتباراً من العام 2006 استقرار معدلات الهجرة السنوية إلى إسرائيل بنحو 15 ألف مهاجر ** ، ( أو في أحسن الأحوال مابين 15- 18 ألف مهاجر ) وذلك لأسباب وعوامل عديدة تتعلق تارة بنضوب الخزان البشري للتجمعات اليهودية ( غير المستقرة ) في أوروبا الشرقية وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق الذي رفد إسرائيل بنحو مليون مهاجر يهودي خلال عقد التسعينات ( من القرن المنصرم ) ومن جهة أخرى بفعل عودة استقرار أوضاع الجالية اليهودية في الأرجنتين ( نحو 200 ألف نسمة ) بعد التحسن السريع الذي طرأ على الأوضاع الاقتصادية لهذا البلد اللاتيني منذ بداية عام 2003 ، وأيضا لأسباب بديهيه تتعلق بعدم قابلية الجاليات اليهودية المستقرة في العالم للتجاوب مع الدعوات المستمرة للهجرة إلى إسرائيل 0 وهذا يعني استنادا إلى الأرقام الفعلية عن سنوات 2002 – 2004 والمتوقعة عن سنوات 2005 – 2011 فان المحصلة العامة للهجرة اليهودية خلال مهلة السنوات العشر التي حددها شارون لمشروعه بالتعاون مع الوكالة اليهودية لن يزيد عن 200 ألف مهاجر على أبعد تقدير ، أي في المتوسط نحو 20 ألف مهاجر سنويا فقط ستحصل عليه اسرائيل 0 وهو رقم يكاد يوازي الصفر من منظور خبراء الديموغرافيا الاسرائيليين من أمثال أرنون سوفير ( من جامعة حيفا ) وسيرجي دي لافرغولا ( من الجامعة العبرية في القدس ) ، وغيرهم ممن باتوا يجمعون على القول منذ بداية الألفية الجديدة بأن إسرائيل حتى تتجنب زيادة عدد الفلسطينيين على اليهود في فلسطين والتي من المتوقع تحققها مع نهاية العقد الثاني باتت تحتاج إلى هجرة يهودية صافية لا تقل عن 50 ألف مهاجر سنويا ، الأمر الذي يعني وفق طريقة احتساب الهجرة الصافية المشار إليه أعلاه بأن إسرائيل حتى تتجنب الكارثه الديموغرافية المتوقعة باتت بحاجة إلى تدفق 70 ألف مهاجر يهودي سنويا في حال استنادنا إلى المعلومات الصادرة عن مكتب الاحصاء المركزي الاسرائيلي التي نشرتها صحيفة " هآرتس " الاسرائيلية بتاريخ 24/9/2002 والتي تفيد بأن حجم الهجرة السلبية بدأ يبلغ سنويا معدلات تصل إلى 20 ألف مهاجر يهودي من إسرائيل . أما في حال اعتمادنا على مصادر دولية مثل المصادر الروسية المقربة من المهاجرين اليهود الروس في موسكو و التي تفيد ، كما جاء في بحث نشر في كبريات الصحف الروسية صيف عام 2004 (بداية آب ) بأن عدد المهاجرين الروس الذين غادروا إسرائيل نهائيا و بدءوا بالعودة إلى الاتحاد الروسي ، أو الاستقرار نهائيا في العديد من دول أوروبا ( و بخاصة ألمانيا ) خلال الأعوام 2001، 2002، 2003 بدأ يسجل أرقاما تتراوح ما بين 15-18 ألف مهاجر سنويا فإن إسرائيل التي بدأت تعاني من الهجرة السلبية في أوساط الروس أو غير الروس باتت بحاجة إلى تدفق ما بين 80-85 ألف مهاجر سنويا حتى تحصل على هجرة يهودية صافية قوامها 50 ألف مهاجر ، و هو الأمر الذي بات يعني في ظل فشل مشروع شارون الديموغرافي المنوه عنه أعلاه عن تلبية حاجات إسرائيل من المهاجرين اليهود خلال العقد الحالي فإن الفلسطينيين سيشكلون الأكثرية فوق أرض فلسطين التاريخية عام 2010 ، و ليس عام 2020 كما سبق و تنبأ منذ بداية الألفية الجديدة العديد من علماء الديموغرافيا من الإسرائيليين و على رأسهم البروفسور أرنون سوفير (حالياً و منذ سنوات مستشار شارون للشؤون الديموغرافية) . فالفلسطينيون الذين باتوا يشكلون منذ بداية الألفية الجديدة كتلة عددية موازية نسبيا لليهود في عموم فلسطين سيحققون الهدف الديموغرافي القائل " عرب أكثر ، يهود أقل " و سيصبحون الأغلبية العددية مع نهاية العقد الحالي . و بحسب المشهد الديموغرافي الذي توصل إليه مؤخرا مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني في رام الله استنادا إلى العديد من المعطيات و المؤشرات الديموغرافية التي تعرضنا إليها من خلال هذا المقال فإن التعداد العام لليهود فوق أرض فلسطين التاريخية سيصل إلى 5.7 مليون نسمة مع نهاية عام 2010 (منهم نحو 240 ألف إسرائيلي من أصول روسية مصنفون كغير يهود حتى عام 2001 وفق معلومات رسمية نشرتها صحيفة هآرت الإسرائيلية بتاريخ 21/8/2002 ) في حين سيصل التعداد العام للفلسطينيين إلى 6.3 مليون نسمة 0 وهو الأمر الذي بات يعني بداهة على الصعيد الديموغرافي اقتراب لحظة الإعلان عن بداية النهاية للمشروع الصهيوني فوق تلك المساحة الشاسعة الممتدة بين نهر الأردن والبحر المتوسط والتي ما زال يطلق عليها الأدب السياسي والجيوبولتيكي الإسرائيلي عبارة : " أرض اسرائيل " 0ـ انتهى ـ
* في العام 2002 و بتاريخ 9 تشرين الثاني (نوفمبر) نشرنا على صفحات " نوافذ " مقالا بعنوان ( فلسطين عام 2020 عرب أكثر ، يهود أقل ) و لعل مقارنة عنوان المقال السابق بالمقال الحالي لخير دليل على التحولات الديموغرافية السريعة التي تمت في هذه المنطقة بين الأعوام 2002- 2005 و التي بدأت تفرض نفسها على صعيد البحث الديموغرافي و التوقعات الديموغرافية .** تأكيدا على التوقعات الديموغرافية الصادرة مع نهاية عام 2004 و التي تفيد بأن معدلات الهجرة السنوية إلى إسرائيل ستنخفض منذ عام 2005 و على امتداد للسنوات اللاحقة بنسبة لا تقل عن 25 في المئة عن عام 2004 أشار بيان مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي الصادر بتاريخ 15/8/2005 بأن عدد المهاجرين هذا العام سيصل إلى 17 ألف تقريبا وصل منهم خلال النصف الأول من العام نحو 8120 مهاجر فقط ، و من المتوقع وصول عدد مماثل خلال النصف الثاني .

المستقبل 30\10\2005م

حسن عبد العال

باحث فلسطيني مقيم في سوريا

موبايل:00963944094429

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق